55.4 مليار دولار قيمة الصادرات الكورية في يوليو .. الأعلى منذ 1965

55.4 مليار دولار قيمة الصادرات الكورية في يوليو .. الأعلى منذ 1965

55.4 مليار دولار قيمة الصادرات الكورية في يوليو .. الأعلى منذ 1965

ارتفعت الصادرات الكورية الجنوبية بنسبة 29.6 في المائة، خلال تموز (يوليو) الماضي مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، لتصل إلى مستوى قياسي، مسجلة بذلك ارتفاعا للشهر التاسع على التوالي في الوقت الذي يتعافي فيه الاقتصاد العالمي، وفقا لبيانات نشرت أمس.
ووفقا لـ"الألمانية"، قالت وزارة التجارة والصناعة والطاقة أمس، "بلغت قيمة الصادرات 55.4 مليار دولار الشهر الماضي، ويرجع ذلك إلى المبيعات القوية للسيارات والشرائح".
ويعد حجم الصادرات الشهري الأعلى منذ أن بدأت كوريا الجنوبية في تجميع البيانات المتعلقة بالصادرات منذ 1956. وبلغت قيمة الصادرات خلال أول سبعة أشهر من العام الجاري 358.7 مليار دولار، فيما يعد مستوى قياسيا جديدا أيضا.
وارتفعت الواردات بنسبة 38.2 في المائة، لتصل إلى 53.6 مليار دولار، ما أسفر عن فائض تجاري بقيمة 1.76 مليار دولار، ويعد تموز (يوليو) الماضي الشهر الـ15 الذي تحقق فيه كوريا الجنوبية فائضا تجاريا.
وارتفعت صادرات الشرائح، المنتج التصديري الرئيس لكوريا الجنوبية، بنسبة 39.6 في المائة، لتصل إلى 11 مليار دولار في ظل تزايد الطلب من جانب مراكز البيانات.
وزادت صادرات السيارات بنسبة 12.3 في المائة، لتصل إلى 4.1 مليار دولار خلال تموز (يوليو) الماضي، بينما ارتفعت الصادرات إلى الصين بنسبة 15.7 في المائة، في ظل المؤشرات الاقتصادية الأكثر قوة من بكين.
كما أظهرت البيانات ارتفاع الصادرات إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 32 في المائة.
وقالت وزارة التجارة "إنه من المتوقع أن تحافظ الصادرات الكورية الجنوبية على مسار النمو"، معللة توقعاتها بتعافي التجارة العالمية على الرغم من جائحة كورونا.
وأضافت في بيان "مع ذلك، ما زال من المتوقع أن تواجه كوريا الجنوبية بعض العقبات، بما في ذلك تفشي سلالات من فيروس كورونا وارتفاع أسعار المواد الخام".
وكان البنك المركزي الكوري توقع الأسبوع الماضي نمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة، خلال ربع الفترة من نيسان (أبريل) حتى حزيران (يونيو) الماضيين، بعد نمو بنسبة 1.7 في المائة، خلال الربع الأول.
إلى ذلك، تمتلك كوريا الجنوبية المال والأدوات اللازمة التي تجعلها "قوة وسطى"، وهو مصطلح يشير في العلاقات الدولية إلى الدول ذات السيادة، التي تتمتع بتأثير كبير أو لا بأس به، إضافة إلى الاعتراف الدولي بها رغم أنها ليست دولة كبرى.
ولا يرغب المواطنون الكوريون الجنوبيون في أن تنفق الدولة أموالا على أمور لا ترتبط بمصالحهم المباشرة.
ويتساءل أندريه لانكوف، الأستاذ في جامعة كوكمين في سيئول، في تقرير نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست الأمريكية" قائلا "هل كوريا الجنوبية قوة وسطى"؟ ويرد قائلا "قد يكون من الصعب الإجابة عن هذا السؤال، ولا سيما أن مصطلح "القوة الوسطى" يعد غامضا إلى حد ما وغير محدد بشكل جيد".
ويضيف "مع ذلك، ليس هناك شك في أن الكوريين الجنوبيين ينظرون الآن بوضوح إلى أنفسهم كقوة وسطى ويحاولون التصرف وفقا لذلك، في الواقع هناك شعور بالانتصار يعم أجواء سيئول في الأعوام القليلة الماضية خاصة بين عديد من مؤيدي إدارة "مون جاي إن" ذات الميول اليسارية".
وتكتب وسائل الإعلام عن الانتشار العالمي الجديد لكوريا الجنوبية، وأصبح الكتاب الذي يحمل عنوان "عصر التجاوز" من أكثر الكتب مبيعا. ومن بين أشياء أخرى يؤكد الكتاب أن كوريا الجنوبية لم تعد تسعى إلى اللحاق بالعالم المتقدم، لكنها تتفوق على بعض الأطراف الفاعلة الدولية الرئيسة.
ويقول لانكوف "دعونا نتبع روح العصر المنتصرة ونتفق على أن جمهورية كوريا هي الآن قوة وسطى بالفعل، في نهاية المطاف، فإن حجم ناتجها المحلي الإجمالي "الذي يعادل تقريبا حجم روسيا" وقوة جيشها يجعلانها أعلى من ذلك بوضوح في النظام الدولي". ثم يتساءل "وإذا كانت هذه هي الحال، فما الأمر الذي يميزها؟ كيف يمكننا مقارنتها بقوى وسطى لا جدال فيها مثل السويد أو أستراليا أو بولندا؟".
ويرى لانكوف أنه إذا فعلنا ذلك، فمن المحتمل أن نرى أن كوريا الجنوبية قوة وسطى ضيقة النطاق بشكل ملحوظ، وليست مهتمة كثيرا بما يبتعد كثيرا عن حدودها، وليست حريصة جدا على تحمل المسؤوليات عن القضايا التي لا تراها ذات صلة بمخاوفها المباشرة.
وخلافا لمعظم القوى الوسطى "وليس كلها" فهي ليست محاطة بجيران وحلفاء متعاطفين، وعليها أن تلوم نفسها جزئيا. وتحالفها الوحيد هو مع الولايات المتحدة، على الرغم من أن هذا التحالف مهم جدا ويحظى بشعبية كبيرة داخل البلاد.
ومن الناحية المنطقية، يتوقع المرء أن تكون كوريا الجنوبية على علاقة جيدة مع ديمقراطيتين زميلتين قريبتين، هما اليابان وتايوان، لكن الأمر ليس كذلك. كما أن الحليف الرسمي لكوريا الجنوبية ليس كذلك، والعلاقات مع اليابان مشوبة بخلافات لا نهاية لها حول الماضي الاستعماري بشكل أكثر كثافة وإحساسا مما تدركه معظم الجهات الخارجية، علاقاتها بتايوان بعيدة بشكل ملحوظ، ربما خوفا من التعقيدات المحتملة مع الصين، التي كانت لفترة طويلة الشريك التجاري الرئيس لاقتصاد كوريا الجنوبية القائم على التصدير.
وفي البداية، كان الموقف تجاه الصين متناقضا، لكن استطلاعات الرأي تشير الآن إلى العداء المتنامي بسرعة تجاهها، وتشعر كوريا الجنوبية بعدم الارتياح بشكل متزايد في ظل جارتها العملاقة الصاعدة، ولا تزال الرؤية والقيم ضيقة المجال راسخة في المجتمع الكوري الجنوبي.
ومن المعروف أن تلك الدولة تتردد في قبول اللاجئين أو منح حقوق الإقامة للمهاجرين، وبداية من 2018، كان معدل قبول اللاجئين 3 في المائة، وهو مستوى منخفض جدا بالنسبة إلى دولة متقدمة.
ويوجد حاليا مليونان ونصف أجنبي يقيمون في كوريا الجنوبية، أغلبهم من العمال المهاجرين، لكن السكان المحليين يفترضون أن كل هؤلاء الأشخاص سيحزمون أمتعتهم ويغادرونها عاجلا أم آجلا، فهم لا يتفاعلون إلا قليلا مع التيار الرئيس للمجتمع الكوري، ولا يزالون غير مرئيين إلى حد كبير بالنسبة إلى سكان سيئول العاديين.
كما أن فرصهم في الحصول على حقوق الإقامة الدائمة منخفضة جدا، ما لم يكونوا كوريين عرقيين يعاملون بشكل أفضل، ويحظى هذا الموقف إزاء الهجرة بدعم واسع يكاد يكون عاما في المجتمع.
وحتى الأشخاص الذين يدعمون بنشاط ما يمكن أن ينظر إليه في الولايات المتحدة على أنه "أجندة تقدمية" بشأن جميع القضايا الأخرى تقريبا، يغيرون فجأة لهجتهم عندما يتعلق الأمر بالهجرة. وقد يكون الكوريون الجنوبيون على استعداد، وفقا لاستطلاعات الرأي، لرؤية مهنيين متعلمين تعليما جيدا من البلدان الغنية في بلادهم، لكنهم يقبلون على مضض الوجود طويل الأمد لمن هم من العرقية نفسها.
ومع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالمهاجرين الآخرين، لا ينظر إلى هؤلاء المواطنين من الدول الفقيرة على أنهم مقبولون إلا طالما ظلوا عمالا مطيعين شبه مهرة وغير مهرة في إقامة قصيرة نسبيا. ويقول لانكوف "إنه نظرا إلى الحقائق القاسية للخصوبة المنخفضة إلى مستويات قياسية وشيخوخة السكان السريعة، فإن هذا النهج ليس واقعيا، لكنه له جذور عميقة ولن يتغير قريبا".
وبعبارة أخرى، قد يكون لدى كوريا الجنوبية المال والأدوات اللازمة لتكون قوة وسطى، لكن مجتمعها لا يزال يفتقر إلى الرؤية العالمية والشعور بالمسؤوليات العالمية. ومن المرجح أن تظل معظم التعهدات والمبادرات العالمية للبلاد ديكورية ورمزية.
والواقع أن الكوريين الجنوبيين يحبون في الوقت الحاضر أن يتوهموا أنفسهم كقوة وسطى ذات نطاق عالمي، لكن الناخبين ودافعي الضرائب في كوريا الجنوبية ما زالوا مترددين في رؤية موارد كبيرة تستخدم في قضايا لا ترتبط بوضوح بمصالحهم ومصالح بلادهم المباشرة.

الأكثر قراءة