الإمارات تقتحم فضاء المريخ

نجح مسبار الأمل التابع للإمارات أخيرا في دخول مدار كوكب المريخ، أو ما يطلق عليه علميا اسم الكوكب الأحمر.
ولا شك أن هذا الإنجاز الفضائي العلمي يحسب للإمارات الشقيقة التي وضعت اسمها جنبا إلى جنب مع كبار الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة وروسيا والهند والصين ودول الاتحاد الأوروبي.
ومنذ أضاءت الإمارات أخيرا المعالم العامة، والأبراج العالية، والمواقع التراثية بالألوان الحمراء تعبيرا عن الفرحة بهذا الإنجاز العلمي الفريد، كما بدأ برج خليفة في دبي وهو أطول بناية في الكرة الأرضية في العد التنازلي، وكان عمران شرف مدير مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ قد صرح بقوله: نحن ندخل مرحلة دقيقة للغاية، إن ذهبنا ببطء شديد فسنتحطم على المريخ، وإن ذهبنا بسرعة كبيرة فسنتجاوز المريخ، ولذلك نحن نعمل ألف حساب لمعدلات سرعة المسبار في هذه المرحلة الدقيقة، علما بأن مسبار الأمل يحمل 800 كيلو جرام من الوقود، وتستهلك محركات الدفع الستة نحو نصف الوقود.
ولتعزيز هذا الإنجاز فقد أنشأت الإمارات فوق أراضيها مركزا للتحكم واسمه مركز محمد بن راشد للفضاء في دبي، ويتحكم المركز في إدارة بعض البيانات الخاصة بأداء محركات مسبار الأمل.
ويستطيع علماء الإمارات الآن دراسة الغلاف الجوي للكوكب. ويحمل مسبار الأمل ثلاثة أجهزة تقوم بعدة مهام علمية أهمها معرفة كيف تتسرب الذرات المحايدة من الهيدروجين والأكسجين، وكذلك معرفة بقايا المياه الوفيرة الآتية من المريخ إلى الفضاء الشاسع.
إن مسبار الأمل الإماراتي الذي انطلق من الأرض قبل سبعة أشهر قد وصل إلى المدار حول الكوكب لتصبح الإمارات خامس دولة ترتاد الفضاء لهذه المهمة بعد الولايات المتحدة، وروسيا (الاتحاد السوفييتي)، وأوروبا، والهند، والصين.
وكان المسبار يتحرك بسرعة تزيد على 120 ألف كيلومتر في الساعة، ولذلك احتاج إلى إطلاق محركات الكبح لمدة تصل إلى 27 دقيقة للتأكد من التقاطه بواسطة جاذبية الكوكب.
وتفصل المسافة بين المريخ والأرض نحو 190 مليون كيلو متر، ما يعني أن توجيه الأوامر من المركز في الأرض إلى المسبار وهو في مساره يستغرق وقتا قدره 11 دقيقة، وهو وقت طويل جدا بالنسبة لمهمة فضائية دقيقة جدا تفرق فيها الثواني بل اللحظات، وهنا قالت المهندسة الفضائية الإماراتية عائشة شرفي: سيكون الأمر مرهقا للأعصاب، إن مجرد التفكير في هذا الموضوع يصيبني بالقشعريرة، ثم أضافت تقول: ولكن لدينا نظام حماية من الأعطال يمكن أن يعوض أي مشكلات قد تحدث أثناء عملية الكبح، لذلك أعتقد أننا في وضع جيد للاستمرار في دخول مدار المريخ بنجاح.
وبعد فترة وجيزة من إيقاف تشغيل المحركات سيختفي المسبار خلف المريخ، حيث ينحرف مساره إلى المدار الأول المخطط له، ومرة أخرى سيكون الانتظار باعثا للقلق في مركز محمد بن راشد للفضاء أثناء متابعة الفريق لشبكة أطباق ناسا لالتقاط إشارة مسبار الأمل من جديد.
كذلك سيقوم مسبار الأمل بدراسة كيفية انتقال الطاقة عبر الغلاف الجوي من أسفل إلى أعلى في جميع أوقات اليوم، وخلال جميع فصول العام، أيضا سيقوم المسبار بدراسة درجة حرارة الغلاف الجوي على المريخ، فضلا عن دراسة سلوك الذرات المحايدة من الهيدروجين والأكسجين في الجزء العلوي من الغلاف الجوي، ولا سيما أن هناك شكا في أن تلك الذرات تنهض بدور مهم في التآكل المستمر لطقس المريخ بسبب الجسيمات النشطة التي تتدفق بعيدا عن الشمس، ويسبب ذلك فقدان الكوكب لمعظم المياه التي كانت موجودة بكميات هائلة في المراحل الأولى من تاريخه.
وسيدخل مسبار الأمل مدارا قريبا من الكوكب على مسافة 220 ألف كيلو متر إلى 44 ألف كيلو متر، ما يعني أننا سنحصل على صور رائعة للكوكب الأحمر بالكامل.
ورأت سارة الأميري وزيرة الدولة للتكنولوجيا المتقدمة، ورئيس وكالة الإمارات للفضاء أن أي صورة نحصل عليها للمريخ ستكون رائعة، لكنني لا أستطيع وصف شعوري عند وصول أول صورة كاملة للمريخ.
وبنجاح مسبار الأمل تستطيع الإمارات البدء في مهمات علمية كثيرة منها تغيير المناهج العلمية في مدارس الإمارات وتزويدها بكثير من العلوم بعيدا عن المسلمات السابقة التي استطاعت مهمة مسبار الأمل أن تنسخها وتصححها وتقدم للعالم صحيح علم الفضاء.
إن الإمارات دخلت عصر الفضاء من أوسع أبوابه، من باب كوكب المريخ واستطاعت الكوادر الإماراتية أن تتبوأ مقاعدها المتقدمة في عالم الفضاء جنبا إلى جنب مع كبار علماء الفضاء في كبرى الدول المتقدمة.
وهنا تهنئة من القلب للإمارات الشقيقة على هذا الإنجاز العلمي الفريد الذي وضعها ـ ومعها أشقاؤها العرب ـ في مقدمة الدول المساهمة في بناء صروح الحضارة الإنسانية.

المزيد من الرأي