الدولار القوي يضغط على النفط .. والإغلاقات تهدد آفاق الطلب في البقعة الوحيدة المضيئة في العالم

الدولار القوي يضغط على النفط .. والإغلاقات تهدد آفاق الطلب في البقعة الوحيدة المضيئة في العالم
عمليات البيع تركز على النفط الخام بدرجاته الثقيلة التي يوجد طلب أكبر عليها حاليًا في آسيا.

سجلت أسعار النفط الخام أول خسارة أسبوعية في ثلاثة أسابيع حيث تراجع خام برنت 1.6 في المائة والخام الأمريكي 0.4 في المائة، تحت تأثير تجدد الإصابات بفيروس كورونا في الصين وإعلان الإغلاق العام في عدد من المدن، إضافة إلى تداعيات ضعف الطلب الصيني وتنامى قوة الدولار الأمريكي الذي يرتبط بعلاقة عكسية مع النفط الخام.
ويقاوم الانخفاضات السعرية خطة التحفيز المالي الأمريكية والتفاؤل بتولى إدارة جديدة للولايات المتحدة خلال أيام إضافة إلى التأثير الإيجابي الواسع لقرار السعودية بإجراء خفض إنتاج طوعي بنحو مليون برميل يوميا لتسريع خطوات تقييد المعروض وتسهيل استعادة التوازن في السوق النفطية.
وقال جون كيلدوف الشريك في "أجين كابيتال مانجمنت" في نيويورك "من حيث القدرة على الحديث عن الطلب، كانت آسيا هي البقعة المضيئة الوحيدة، هذا التجدد لإجراءات الإغلاق يضرب آفاق الطلب في آسيا في مقتل".
وفي هذا الإطار، ذكرت وكالة "بلاتس" الدولية للمعلومات النفطية أن العقود الآجلة للنفط استقرت على انخفاض في نهاية الأسبوع على خلفية قوة الدولار وتجدد التركيز على مخاوف نمو الطلب وسط انتشار الإغلاق في جميع أنحاء الصين.
وأوضح تقرير حديث للوكالة أن أسعار النفط الخام تعرضت لضغوط إضافية في التعاملات الأمريكية، حيث ارتفع الدولار بعد أن كشف الرئيس المنتخب جو بايدن عن خطة تحفيز بقيمة 1.9 تريليون دولار.
وذكر التقرير أن النفط في حاجة إلى محفز كبير لمواصلة الارتفاع الأخير، مشيرا إلى حالة عدم اليقين بشأن التحفيز من الممكن أن تبقي السلع تحت الضغط، حيث إن تدفقات النفور من المخاطرة ستدعم الدولار.
ونقل عن محللين أنهم يتوقعون أن تعزز حزمة التحفيز الأمريكية الطلب على النفط على المدى القصير لكنهم تساءلوا عما إذا كان هناك دعم كاف من الحزبين في الكونجرس الأمريكي لتمرير القانون، لافتا إلى تأكيد المحللين أنه بالنظر إلى حزم التحفيز السابقة على مدى الأشهر القليلة الماضية هناك حاجة إلى بعض الحذر، لأنه هناك مجال للتغيير.
وأشار إلى مخاطر اكتشاف سلالات جديدة من فيروس كورونا في المملكة المتحدة والبرازيل وجنوب إفريقيا مع زيادة سرعة انتقال العدوى، ما أدى إلى رفع عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا بشكل سريع، ما يشكل تهديدا كبيرا للطلب على المدى القريب.
وأضاف أن "السلطات الصينية وضعت عشرات الملايين من المواطنين قيد الإغلاق هذا الأسبوع في محاولة لوقف عودة ظهور حالات كورونا في عدة مدن مع ركود الانتعاش الاقتصادي في الولايات المتحدة وأوروبا وسط موجة ثانية من الوباء"، مشيرا إلى أن نمو الطلب في آسيا محط تركيز كبير لأسواق النفط.
وتوقع التقرير أن يبلغ استهلاك النفط الصيني 15.4 مليون برميل يوميا في عام 2021 بزيادة قدرها 3.6 في المائة، على أساس سنوي، ومع ذلك فإن عودة ظهور جائحة كبيرة في البلاد يمكن أن تعرقل هذه التوقعات.
ونوه بأن بيانات الإدارة العامة للجمارك في الأسبوع الماضي أظهرت أن واردات الصين من الخام تراجعت إلى أدنى مستوى لها في 27 شهرا عند 9.096 مليون برميل يوميا أو 38.47 مليون طن متري في كانون الأول (ديسمبر).
وذكر أنه تم تسجيل انخفاض بنسبة 15.4 في المائة، على أساس سنوي في واردات النفط الخام في كانون الأول (ديسمبر) وهو أكثر حدة مما كان متوقعا، حيث أشار المحللون إلى نقص حصص استيراد الخام ونشاط السحب من فائض المخزونات باعتبارهما من الأسباب الرئيسة للانخفاض.
ورجح أن تبدأ الجهود الفيدرالية لبيع ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط الخام من الاحتياطي البترولي الاستراتيجي الأمريكي عمليات التسليم في وقت مبكر من نيسان (أبريل) وتستمر على مدى عام 2021.
وأشار التقرير إلى انخفاض الاحتياطي ببطء الذي كان يبلغ 638.1 مليون برميل بدءا من 8 كانون الثاني (يناير) وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية وذلك منذ أن بلغ ذروته عند أكثر من 726 مليون برميل في أوائل عام 2010 لكن هذا الانخفاض تزامن مع مكاسب في التخزين التجاري على مدى معظم العقد الماضي مع ازدهار النفط الصخري في البلاد.
ولفت إلى أن وزارة الطاقة الأمريكية قالت "إن بيع أكثر من عشرة ملايين برميل من الخام سيتم تنفيذه على مراحل طوال عام 2021" - وفقا لتكليف الكونجرس - ومن المتوقع أن تبدأ عمليات التسليم في أيار (مايو) - إن لم يكن قبل ذلك - مستشهدة بثقتها بالمدى الطويل وبصحة المدى لأسواق النفط الخام العالمية.
وأشار التقرير إلى أنه يمكن بيع نحو عشرة ملايين برميل أخرى لجمع ما يصل إلى 450 مليون دولار للمساعدة على تمويل خطط تحديث البنية التحتية للاحتياطي البترولي الاستراتيجي، مشيرا إلى تأكيد وزارة الطاقة الأمريكية أن توقيت هذه المبيعات الإضافية - إما هذا العام أو في عام 2022 - ستحدده إدارة الرئيس المنتخب جو بايدن.
وأضاف التقرير أن "احتياطي البترول الاستراتيجي هو أكبر إمدادات النفط الخام في حالات الطوارئ في العالم ويتم تخزين مخزونات النفط المملوكة اتحاديا في كهوف الملح تحت الأرض في أربعة مواقع تخزين في تكساس ولويزيانا".
وذكر أن الولايات المتحدة تنتج حاليا نحو 11 مليون برميل يوميا من النفط الخام، كما يمثل ما يقرب من 20 مليون برميل من النفط الاحتياطي المعروض للبيع نحو 3 في المائة من احتياطي البترول الاستراتيجي.
ولفت إلى تأكيد محللين دوليين أن مستوى المبيعات لن يؤثر في أمن الإمدادات، وإذا انتشرت المبيعات فلن تتأثر الأسعار أيضا، موضحا أن عملية البيع ستركز على الأرجح على درجات النفط الخام الثقيلة التي يوجد طلب أكبر عليها حاليا في آسيا، لذا فإن التأثير في أسعار خام غرب تكساس الوسيط المحلي في "نيمكس" يجب أن يظل منخفضا.
وأشار التقرير إلى أن المحللين أكدوا أن البيع يمثل نسبة صغيرة من احتياطي البترول الاستراتيجي، فمن غير المرجح أن يواجه بايدن أي معارضة.
من ناحية أخرى وفيما يخص الأسعار، نزلت أسعار النفط بأكثر من 2 في المائة، الجمعة وسجل كلا العقدين خسائر أسبوعية، إذ كبحت مخاوف بشأن خضوع مدن صينية لإجراءات عزل عام بسبب تفشي فيروس كورونا موجة صعود مدفوعة ببيانات واردات قوية من أكبر مستهلك في العالم للخام.
وهبط برنت 1.32 دولار، بما يعادل 2.3 في المائة، لتجري تسويته عند 55.1 دولار للبرميل، وانخفض خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.21 أو 2.3 في المائة، إلى 52.36 دولار للبرميل.
وسجل كلا الخامين اللذين بلغا أعلى مستوياتهما في قرابة عام في وقت سابق هذا الأسبوع، أول تراجع أسبوعي لهما في ثلاثة أسابيع، إذ خسر برنت 1.6 في المائة، هذا الأسبوع وهبط الخام الأمريكي نحو 0.4 في المائة.
وبينما يواجه المنتجون تحديات لا مثيل لها لموازنة معادلات العرض والطلب في ظل حساب متغيرات تنطوي على توزيع اللقاح مقابل إجراءات العزل العام، فإن العقود المالية تلقى الدعم بفضل أداء قوي للأسهم وضعف الدولار، ما يقلص تكلفة النفط، بجانب طلب صيني قوي.
وصارت هذه العوامل الإيجابية محل شك اليوم مع ارتفاع الدولار وتكثيف الصين إجراءات الإغلاق.
وربما تزيد حزمة إنقاذ بقيمة تريليوني دولار تقريبا تهدف إلى التخفيف من تداعيات فيروس كورونا في الولايات المتحدة التي كشف عنها الرئيس جو بايدن الطلب على النفط من أكبر مستهلك في العالم للخام. لكن بعض المحللين يقولون "إن الخطوة قد تكون غير كافية لرفع الطلب".
وأظهرت بيانات جمارك الخميس أن واردات الصين من النفط الخام زادت 7.3 في المائة، في 2020، إذ استقبلت كميات قياسية في فصلين من أربعة الفصول في العام الماضي مع زيادة المصافي لمعدلات التشغيل وتحفيز انخفاض الأسعار لعمليات التخزين.
لكن الصين أعلنت تسجيل أكبر عدد يومي للإصابات بكوفيد - 19 في أكثر من عشرة أشهر يوم الجمعة لتتوج أسبوعا شهد خضوع ما يزيد على 28 مليونا لإجراءات عزل عام وأول وفاة في البلاد بسبب فيروس كورونا منذ أيار (مايو).

الأكثر قراءة