معاداة .. "السميّة"

الكلام الدبلوماسي معسول دائما وفيه كثير من البلاغة والمحسنات اللفظية .. لكن الفعل يشوبه الكثير من الشوائب!!
هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية الجديدة قالت إن الولايات المتحدة ستسعى مع الإسرائيليين والفلسطينيين إلى العمل على إيجاد (دولة فلسطينية قابلة للحياة) .. بينما الفعل يقول إن إسرائيل وبمساندة من الولايات المتحدة تسعى إلى فلسطينيين (قابلين للموت)!!
وهذا ما تقوله الصواريخ والقذائف الإسرائيلية التي تتوزع على كل شيء حي ومتحرك وثابت في غزة، وتفرض الحصار الجائر، وتحطم ألعاب الأطفال وتهدم مدارسهم وبيوتهم، لكنها تفشل بالتأكيد في تحطيم أحلامهم.
إسرائيل تجابه الحجر بالصواريخ والدبابات، وأشجار الزيتون والأجساد الغضة بالفسفور، والعصافير البريئة بـ "الرصاص المصبوب".
إلى متى تستمر هذه العنجهية الإسرائيلية، ومن يستطيع إيقافها؟ هل هي الولايات المتحدة التي تقول وزيرة خارجيتها إنه سيتم العمل على إيجاد دولة قابلة للحياة؟ أم المجتمع الدولي؟ أم أن إسرائيل ضد السلام والحياة أيضا؟
لقد طرح خادم الحرمين الشريفين المبادرة العربية للسلام، لكن إسرائيل جابهتها بمزيد من القتل والترويع والتهويد وهدم الأحياء الفلسطينية وبناء المستوطنات في تحد سافر لكل القرارات الأممية والأعراف الدولية والمبادئ الإنسانية.
لا إنسانية في إسرائيل.. لا ديمقراطية.. إنها ديمقراطية القتل الإسرائيلية.
إسرائيل تبحث دائما عن نزيف الدماء، والعالم يقف متفرجا على المذابح المتكررة دون رادع لها.
ومنذ الإعلان عن قرار التقسيم رقم 181، كان يسكن في المناطق التابعة للدولة اليهودية حسب قرار التقسيم ما يزيد على 243 ألف عربي في 219 قرية وأربع مدن هي حيفا وطبريا وصفد وبيسان. وقد هجر من هذه المناطق في الفترة الواقعة بين قرار التقسيم وحتى شهر حزيران(يونيو) 1948 ما يزيد على 239 ألف عربي وأخليت ودمرت 180 قرية عربية تماما. وتوالت بعد ذلك المذابح الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني من أجل ترويعهم وتهجيرهم من مدنهم وقراهم، وذلك وسط صمت دولي بغيض بل دعم مالي ومعنوي من بعض الدول، ولم تسمح هذه المذابح بتحريك الضمير العالمي "الميت"، فقد بدأت هذه المذابح بمذبحة بلدة الشيخ
ثم دير ياسين، قرية أبو شوشة، الطنطورة، قبية، قلقيلية، كفر قاسم، خان يونس، مذبحة المسجد الأقصى، الحرم الإبراهيمي، ومخيم جنين. وتتوالى المذابح دون أن يرف جفن العالم أو ينادي بشيء في الوقت الذي يضج إعلام أمريكا والعالم إذا رمى طفل فلسطيني حجرا على جندي إسرائيلي.
هذا الطفل يعتبرونه إرهابيا. أما المجازر الإسرائيلية فإنها دفاع عن النفس، بل لا تتورع بعض دول العالم عن إلصاق التهم ومحاكمة من يقول رأيه في الاعتداءات الإسرائيلية بتهمة "معاداة السامية"، والصحيح .. أنها معاداة "السمية".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي