تركيا .. سياسات اقتصادية غامضة ومسيسة والاستثمارات محفوفة بالمخاطر
تسود حالة من الضبابية مستقبل الاستثمار في تركيا خلال الفترة المقبلة، في وقت يتجه فيه الاقتصاد إلى مزيد من التراجع بعد أن دخل فعليا حالة ركود منذ النصف الثاني من عام 2018، حيث توقفت الإصلاحات الاقتصادية في ذلك العام وبلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 2.6 في المائة فقط.
الآفاق تبدو قاتمة نتيجة تزايد التوترات مع دول الجوار، وكذلك مع دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، والتوترات المتصاعدة بين هذه الدول والحكومة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، التي أسفرت عن فرض عقوبات اقتصادية أوروبية وأمريكية عليها مع احتمال فرض عقوبات أخرى في هذا العام 2021، وتأثير جائحة COVID - 19.
وسجلت تدفقات الاستثمار إلى تركيا في العامين 2018 و2019 تراجعا بلغ 21 في المائة و17 في المائة على التوالي، فيما تشير التوقعات على المدى القريب إلى أن الاستثمار الأجنبي سيستمر في التباطؤ.
وبحسب تقييم وزارة الخارجية الأمريكية لمناخ الاستثمار في تركيا لعام 2020، فإنه نظرا لتحديات أزمة العملة المستمرة، لا سيما في النصف الأول من عام 2019، نما الاقتصاد التركي 0.9 في المائة فقط في ذلك العام.
وبينما توقعت حكومة تركيا في الأصل نمو إجمالي الناتج المحلي 5.0 في المائة في عام 2020، أدت جائحة COVID - 19 إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي بشكل كبير. ويتوقع أغلبية الاقتصاديين معدل نمو سلبيا أو قريبا من الصفر لهذا العام.
وفي نيسان (أبريل) 2020، خفض البنك الدولي توقعاته للنمو الاقتصادي لتركيا إلى 0.5 في المائة لعام 2020، بينما يتوقع صندوق النقد الدولي انكماشا 5 في المائة.
وتقول الخارجية الأمريكية إن عملية صنع السياسة الاقتصادية للحكومة لا تزال غامضة وغير منتظمة ومسيسة، ما يسهم في انخفاض قيمة الليرة.
وبلغ معدل التضخم أكثر من 11 في المائة والبطالة أكثر من 13 في المائة بنهاية عام 2019. ومن المرجح أن تؤدي أزمة فيروس كورونا إلى خفض التضخم بسبب انخفاض الطلب، لكنها ستضع ضغطا تصاعديا على عدد البطالة.
وتشير إلى أن سعي الحكومة للمطالبة بالتصنيع وتوطين البيانات أثر في عديد من القطاعات والإدخال الأخير لضريبة الخدمات الرقمية سلبا على الاستثمار الأجنبي في البلاد. وتشمل القضايا الأخرى ذات الأهمية الإصلاح الضريبي، وتناقص استقلال القضاء والبنك المركزي.
وأدت القوانين الأخيرة التي تستهدف قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ICT إلى زيادة اللوائح المتعلقة بالبيانات والبث عبر الإنترنت وتحصيل الضرائب ومنصات الدفع.
ونوهت الخارجية الأمريكية إلى أن تحول تركيا من نظام برلماني إلى نظام رئاسي في تموز (يوليو) 2018، بعد استفتاء عام 2017 وانتخابات رئاسية في حزيران (يونيو) 2018، أدى إلى غموض عملية صنع القرار الحكومي، وألغى استقلال البنك المركزي، وأثار المخاوف بشأن التزام الحكومة بحكم القانون، جنبا إلى جنب مع مستويات عالية من الديون المقومة بالعملات الأجنبية التي تمتلكها البنوك والشركات التركية إلى مستويات منخفضة تاريخيا من الاستثمار الأجنبي المباشر FDI.
وفي الأعوام القليلة الماضية، قامت الحكومة بتهميش النقاد بشكل متزايد، وصادرت أكثر من 1100 شركة تبلغ قيمتها أكثر من 11 مليار دولار، وطردت أكثر من 130 ألف موظف حكومي، في الأغلب بتهم ضعيفة تتعلق بالإرهاب تزعم الارتباط بفتح الله جولن، الذي تزعم الحكومة التركية أنه كان وراء محاولة الانقلاب عام 2016.
وقد يكون التركيز السياسي على الانتقال إلى النظام الرئاسي، والعمليات العسكرية عبر الحدود في سورية، والمناخ الاقتصادي المتدهور، والأسئلة المستمرة حول العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا، وكذلك علاقة تركيا مع الاتحاد الأوروبي. تؤثر سلبا في ثقة المستهلك والاستثمار في المستقبل.