المهزوم .. المذموم

لم يبق حجر لم يتم إلقاؤه على الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش.
هناك أحجار الحروب والاقتصاد والأمن الداخلي وكبح الحريات الشخصية وغيرها كثير.
وكلما مرت الأيام والسنون، خرجت من أدراج المؤسسات الأمريكية عسكرية أو مدنية دلائل على إدانة ذلك الذي قبع على قلوبنا ثماني سنوات يفتح جرحا هنا وحربا هناك، ويدمر اقتصادا هنا وبيوتا هناك، ويتسابق إلى فتح المعتقلات في شرق العالم وغربه يملأها بالتعذيب والإهانات، حتى أن ستا من منظمات الحقوق الإنسانية الأمريكية أكدت أن إدارة بوش كانت ترفض باستمرار طلباتها بالدخول إلى معتقل جوانتانامو، ما دفعها إلى إعادة الطلب مع الرئيس الأمريكي الحالي أوباما.
ومنذ أن رحل الرئيس بوش من البيت الأبيض (غير مأسوف عليه) - وحتى قبل الرحيل بسنوات - والأحجار تتهاوى على رأسه، فهناك من يتهمه بتدخله العشوائي في الأزمة المالية ما أدى إلى تفاقمها، وآخرون يرون أن الدم المراق في العراق وأفغانستان وغزة ومواطن كثيرة من العالم كان بسبب قراراته الهمجية.
وهكذا هو التاريخ .. لا يرحم من لا يرحم، كما أن كتبة التاريخ لا يجاملون رئيسا أو زعيما مهما كان منصبه، سواء كان يقود الدولة الكبرى الوحيدة في العالم أو كان (يتسلى) بقيادة بقعة صغيرة من هذا الكون.
حتى على الصعيد الداخلي، تصاعدت شكوى الأمريكيين الذين يرددون أن عهد بوش شهد أسوأ الفترات بالنسبة للتعدي على الحريات الشخصية من كبح الحريات والتدخل في الخصوصيات الذي كان يمارسه بوش على شعبه، فهو الذي وقع قرارا يقضي بمراقبة خطوط الهاتف، وهو الذي وقع قرارا باعتقال أي شخص لمجرد الشك فيه دون أدنى أدلة، وهو الذي شهد عهده أيضا قرارا يعطي الحق لأي موظف في المطارات الأمريكية بإعادة أي مسافر إلى المكان الذي قدم منه لمجرد الشك فقط أو عدم الارتياح للشكل حتى لو كان هذا المسافر قادما من رحلة استمرت أكثر من 20 ساعة برفقة أهله وأطفاله.
ومازالت أتذكر تلك العبارات التي ألقاها على مسامعي مواطن أمريكي كان يعمل في أحد المقاهي (الكوفي شوب) المعروفة في الولايات المتحدة عندما قال إنه يفكر في الهجرة من أمريكا لأنه يشعر بأن الحريات تنتهك ولم يعد يشعر بالأمان كما كان يشعر به قبل أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر).
ويردد الأمريكيون أيضا أن ردة فعل بوش تجاه الأحداث والكوارث التي أصابتهم كانت بطيئة جدا، ويدللون على ذلك بإعصار كاترينا الذي كانت فيه المساندة الفيدرالية بطيئة ما تسبب في زيادة عدد الضحايا.
ويتندر الأمركيون بقولهم إن ردة فعل الرئيس بوش في مواجهة حذاء الصحافي العراقي منتظر الزيدي كانت أسرع بكثير من ردة فعله تجاه كاترينا.
لقد خرج بوش من البيت الأبيض بـ (جملة) من الأخطاء و(الكوارث) التي لن تمحوها الأيام، ويتمنى الأمريكيون ومعهم العالم أجمع أن يستفيد أوباما من الأخطاء الشنيعة التي ارتكبها سلفه ويحولها إلى إيجابيات، والبوادر الأولى تشير إلى ذلك.
والسؤال المهم هو: هل يتمكن أوباما من كبح جماح ذلك السرطان الذي يستشري في جسد العالم، والذي يعيث في الأرض فسادا وقتلا المسمى.. إسرائيل؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي