أخبار اقتصادية- عالمية

البنك الدولي لـ"الاقتصادية": دور السعودية ريادي في قيادة "العشرين" رغم الظرف الاستثنائي

البنك الدولي لـ"الاقتصادية": دور السعودية ريادي في قيادة "العشرين" رغم الظرف الاستثنائي

عصام أبو سليمان

قال عصام أبو سليمان، المدير الإقليمي للبنك الدولي لدول مجلس التعاون الخليجي، إن العالم يترقب صدور قرارات إيجابية عن قمة مجموعة العشرين الافتراضي، التي تعقد في العاصمة الرياض في 21 و22 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي، وذلك لدعم ومعالجة عودة التعافي للاقتصاد العالمي عقب تداعيات وآثار فيروس كورونا، الذي ضرب معظم اقتصادات دول العالم دون استثناء، وتسبب في تراجع كثير من القطاعات والنشاطات التجارية، وشهدت معظم الدول حالات انكماش في اقتصاداتها ونموها.
وأضاف أبو سليمان أنه في ظل هذه المشاهد الصعبة تستضيف السعودية القمة في ظرف استثنائي، حيث تسلمت زمام القيادة وعملت على تذليل كثير من الصعاب، فعقدت اجتماعات مع الوزراء المعنيين بملفات القمة باستخدام التكنولوجيا، مؤكدا أنها كان لها دور ريادي مميز لقيادة ملفات القضايا، التي طرحت من خلال أجندة اجتماعات هذه القمة، حيث استضافت اجتماعات مختلفة للوزراء المعنيين، وفق تنسيق تقني لتنظيم هذه الاجتماعات لم يتم من قبل، حيث كانت اجتماعات القمم السابقة تعقد بطريقة عادية دون عناء.
وأكد أن السعودية من خلال توليها هذه الدورة، نجحت في أن تنصب نفسها نموذجا حيويا وممثلا مميزا في مجموعة دول العشرين، وحمل راية الدول العربية ومنطقة الشرق الأوسط، وأثبتت أنها ممثل نموذجي لهذه الدول في هذا التجمع العالمي.
وأشار إلى أن استضافة السعودية قمة مجموعة العشرين الحالية يعد إنجازا غير مسبوق لجميع دول العالم خاصة مناطق الخليج والشرق الأوسط وشمال إفريقيا، باعتبار أن هذا الحدث يعد الأول من نوعه خليجيا والثاني على مستوى الشرق الأوسط، حيث يعقد بشكل دوري بعد 20 عاما يمر تنظيمه على كل دولة، كما أن القمة الحالية تعقد وسط ظروف اقتصادية صعبة لم تحدث من قبل مقارنة بالقمم السابقة.
وحول الخطوات والقرارات المتوقع صدورها من قمة العشرين، بين أبو سليمان أنها ستنصب على ضرورة إعادة الحراك بشكل طبيعي إلى مؤشرات نمو الاقتصاد العالمي، حيث من أبرز هذه القرارات تحسين وضع النظام الصحي في العالم، ودعم وتحريك سرعة إنتاج اللقاح والعلاجات ضد الجائحة والاستثمار بمستوى أكبر في المجالات الصحية المختلفة، خاصة الأدوية حتى يساعد هذا الوضع في تحسن التعافي الاقتصادي المطلوب ويشمل الدول كافة.
وتوقع المسؤول في البنك الدولي أن يصدر عن هذه القمة قرارات مهمة ومتنوعة، وفق الأجندة المطروحة فيها من خلال وضع خارطة طريق لتحسين الاقتصادات المختلفة والاستمرار في تنفيذها بالتزامن مع تولى إيطاليا الرئاسة الجديدة للمجموعة في العام المقبل، كما سينبثق عن القمة قرارات محددة لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي واجهت أزمة مزدوجة، حيث تعرضت لآثار الفيروس وانعكاسات انهيار أسعار النفط في الوقت نفسه.
وقال إنه في مارس 2020، انخفضت أسعار النفط 45 في المائة في شهر واحد، الذي يعد أكبر تراجع شهده العالم بعد انهيار أسعار النفط في 2015 وأكبر تراجع شهري منذ 1986، كما تراجع الطلب العالمي على النفط بنسبة تفوق 8 في المائة، أي أكبر تراجع سنوي منذ بداية تدوين هذه النسب، الأمر الذي أدى إلى أن يقوم منتجو النفط للحد من العرض وحددوا أسعارا أكثر استقرارا في الوقت الحاضر، واستحدثوا مستوى توازن للأسعار أدنى بكثير من المعتاد، الأمر الذي سيؤدي إلى انعكاسات ملحوظة على العالم، ليس فقط لمصدري النفط فحسب، بل إلى دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجوارها بالكامل.
وتابع أبو سليمان أنه من الملاحظ في زمن اعتدنا فيه أن يسجل إجمالي الناتج المحلي العالمي زيادة سنوية قدرها 3 أو 4 في المائة، نتوقّع أن يتقلص الاقتصاد العالمي في 2020 بنسبة 5 في المائة مع تسجيل الاقتصادات المتقدمة الانخفاض الأكبر (تراجع 6 في المائة).
وتابع أن "النبأ السار هو أننا– على ما يبدو- تخطينا الأسوأ من حيث الآثار الاقتصادية للجائحة، وذلك لما تظهره دول العالم من اعتياد وتكيف للقيود، التي تفرضها جائحة كوفيد - 19، فنتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي في العام المقبل بنسبة تتجاوز 4 في المائة مع تسجيل نمو يفوق 5 في المائة في الاقتصادات النامية".
وأضاف أبو سليمان كما تلوح بعض الدلائل السارة في الأفق، حيث تشير البيانات الأولية للاقتصاد الصيني، الذي شكل نقطة انطلاق فيروس كورونا، إلى عودة مستوى النشاط الاقتصادي الذي كان قائما عليه ما قبل الجائحة، وبدأ الاقتصاد الأمريكي يسجل نموا قويا مجددا في الفصل الثالث، مع تسجيل معدل نمو على أساس سنوي قدره 33 في المائة.
ونوه إلى أن "تلك التطورات أدت إلى تحديث توقعاتنا للنمو وتبعدنا عن مسار التنبؤات السابقة، التي كانت أكثر سلبية، حيث نتوقع اليوم أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ستنمو 2 في المائة على الأقل في 2021، بفضل الدول المستوردة للنفط".
وأوضح أن مجموعة العشرين خلال هذه الجائحة اتخذت مبادرات مهمة من أجل انتعاش عاجل وسريع لمؤشرات الاقتصاد العالمي وعدته كهدف أولي، فمن هذه المبادرات التدابير النقدية وتقديم المحفزات المالية ومساعدة الدول الفقيرة، خاصة فيما يتعلق بسداد الديون ومعالجتها أو تأجيلها في الوقت الراهن بالتنسيق مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
ولفت إلى أن هذه المبادرة ستساعد الدول الفقيرة على التركيز على القضايا الاقتصادية التنموية الداخلية في كل هذه الدول، والاهتمام بمواجهة التحديات التي تواجهها خلال أزمة الجائحة.
وبين أبو سليمان أن هذه القمة تعقد لأول مرة في ظروف استثنائية وتحديات أزمة صحية ضربت العالم كله وأثرت في اقتصادات جميع الدول، التي لم تشهد مثل هذا الركود والانكماش الاقتصادي، فمثلا سجل قطاع السياحة خسائر فادحة وغابت حركة التجارة وتراجعت دخول شركات الطيران جميعها، وتعاني سلاسل الفنادق العالمية البقاء لممارسة نشاطها الطبيعي.
كما أغلق كثير من المحال التجارية وأعلنت بعضها إفلاسها، كذلك تعاني الأندية الرياضية كثيرا من عمليات التباعد الاجتماعي ومنع المشجعين من دخول الملاعب، وبالتالي فقدت دخلها الثابت، كما شهد العالم بأجمعه كسادا سلبيا وغير عادي، وتقطعت سبل سلاسل الإمدادات الغذائية والصحية، مشيرا إلى أن قطاع تكنولوجيا المعلومات والتقنية يعد من القطاعات، التي استفادت من هذه الأزمة بحيث نجد نشاطا وتحركا فيه بشكل لافت.
وفي ختام حديثه، ثمن جهود السعودية خلال هذه الأزمة، من خلال اتباع سياسة حكيمة للتعامل مع ظروف الجائحة، فقامت بإطلاق عديد من المبادرات مثل الحزم المالية التحفيزية على المستوى المحلي، التي تجاوزت 70 مليارا، ذهبت معظمها إلى القطاع الخاص لتوفير السيولة المالية اللازمة، وقيام المملكة بدعم القطاع الصحي السعودي بنحو 47 مليارا، وإطلاق مبادرة دعم نظام ساند بتسعة مليارات ريال، الأمر الذي أدى إلى دعم الموظفين السعوديين في مؤسسات القطاع الخاص.
وذلك إضافة إلى إجراءات بدعم الكهرباء بـ 900 مليون ريال موجهة إلى القطاعين الصناعي والزراعي، وكثير من المبادرات الأخرى، التي تهدف إلى خفض الإنفاق في بعض القطاعات ضمن بنود الميزانية العامة بحيث تحرر هذه الأموال باتجاه دعم القطاعات التجارية الخاصة التي تأثرت بالأزمة.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية