12.4 مليار ريال حجم طلبات إصدار السعودية لشهر سبتمبر .. والتغطية تلامس 10 أضعاف المطلوب
أصدرت الحكومة السعودية صكوكا "ثنائية الشريحة" متوسطة وطويلة الأجل تراوحت عوائدها بين 1.50 و2.75 في المائة.
وبحسب وثيقة حصلت "الاقتصادية" عليها، فإنه تم تغطية إصدار أيلول (سبتمبر) الجاري، بنسبة لامست عشرة أمثال المبلغ الأصلي المطلوب، حيث وصلت أحجام الطلبات إلى 12.400 مليار ريال، مقارنة بحجم الإصدار الفعلي البالغ 1.245 مليار ريال.
وانعكس إقبال المستثمرين على إصدار الحكومة السعودية على الجوانب التسعيرية للمزاد الخاص بالصكوك الادخارية.
كما علمت "الاقتصادية" أن بعض المستثمرين اضطروا إلى تغيير سياستهم خلال تقديم طلبات الاستثمار في أدوات الدخل الثابتة، فبدلا من أن يكتتبوا عند السقف الأعلى لمعدل العائد لكل شريحة، وضعوا طلباتهم عند المستويات المتدنية لأسقف معدلات العائد الخاصة بالشريحتين، من أجل ضمان حصولهم على التخصيص المطلوب (بسبب محدودية حجم الإصدار)، ونظرا لارتفاع المنافسة بين المستثمرين المؤسسيين للحصول على جزء من تلك الأوراق المالية ذات الجدارة الائتمانية العالية.
من ناحية أخرى، أفاد مصدر آخر على دراية واسعة بالإصدار، بأن السبب في عدم تلبية جميع طلبات المستثمرين يرجع إلى تنوع قنوات وخيارات التمويل المتوافرة لجهة الإصدار السيادية، فضلا عن عمليات الاستدانة السابقة، التي تمت خلال النصف الأول من هذا العام، وفقا لما هو مخطط له سابقا. وكشف تحليل وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية" للجانب التسعيري للإصدار المحلي عن انتهاج "المركز الوطني لإدارة الدين"، بالنيابة عن وزارة المالية، سياسة تسعيرية جريئة ومتشددة مكنته بنهاية المطاف من ضغط الهوامش الائتمانية للشرائح الثنائية لينعكس الأمر بشكل إيجابي على خزانة الدولة عبر تحقيق ما يصفه المتخصصون في أسواق الدخل الثابت "توفير في تكلفة التمويل".
وبلغ إجمالي طرح أيلول (سبتمبر) 1.245 مليار ريال، الذي انتهت الحكومة من تسويقه للمستثمرين بنهاية الأسبوع الماضي، وسيتم تسوية الطرح اليوم. وشهد طرح الشهر الحالي إعادة فتح أجل صكوك ذات أجل أربعة أعوام وإعادة فتح صكوك ذات أجل استحقاق 12 عاما.
ويشهد العائد على أدوات الدين المقومة بالعملات المحلية تراجعا في جميع أنحاء العالم مع اتجاه البنوك المركزية لخفض معدل الفائدة وتطبيق تحفيزات نقدية غير مسبوقة للحد من تداعيات كورونا الاقتصادية.
وفي الإطار ذاته، خلص التحليل إلى عدم وجود علاوة سعرية على الصكوك الادخارية، التي تستحق في 2024 و2032 تباعا، حيث إن "العائد النهائي" لشرائح آجال أربعة أعوام و12 عاما قد جاء أقل من التوقعات الأولية للمتعاملين في أسواق الدين، وذلك قبل صدور نطاق معدلات العائد الربحي بنسبة تراوحت بين 4.1 و7.9 في المائة.
ويعد هذا الأمر إيجابيا لخزانة الدولة ومتوائما مع مقومات العوائد الحالية لإصدارات العملات المحلية في الأسواق الناشئة في ظل بيئة الفائدة المتدنية. مع العلم أن المستثمرين المحليين قد حصلوا على توزيعات دورية سخية مع الإصدارات الحكومية، التي تمت في 2018 بسبب ظروف السوق حينها، حيث أسهم إدراج أدوات الدين في العام ذاته (2018) إلى بناء منحنى عائد نشط للإصدارات المحلية، الأمر الذي يمكن جهة الإصدار من تحديد القيمة العادلة لتسعير الأوراق المالية المراد طرحها أمام المستثمرين.
عوائد الإصدار
توزع إصدار أيلول (سبتمبر) على شريحتين متساويتين، حيث بلغ العائد حتى تاريخ الاستحقاق للصكوك ذات أجل أربعة أعوام عند 1.50 في المائة، وذلك وفقا لسعر الإصدار في السوق الثانوية عند 1007 ريالات.
في حين بلغ العائد حتى تاريخ الاستحقاق للصكوك ذات أجل 12 عاما عند 2.75 في المائة، وفقا لسعرها المتداول في البورصة المحلية، الذي وصل إبان الطرح عند 1018 ريالا.
ويعد نشاط الطروحات السيادية المقومة بالريال بمنزلة النقطة المضيئة للسعودية في سماء التمويل الإسلامي العالمي بسبب ضخامة أحجام تلك الطروحات. فعلى سبيل المثال، وبحسب تقرير لـ"ستاندرد آند بورز"، فإن السعودية احتلت المرتبة الثانية لأداء صناعة الصكوك العالمية بنهاية 2019 عندما وصل إجمالي إصدارات الجهات السعودية عند 29 مليار دولار.
الطرح المحلي
كانت وزارة المالية قد ذكرت في بيان لها أواخر الأسبوع الماضي أن المركز الوطني لإدارة الدين قد انتهى من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي لأيلول (سبتمبر) 2020 تحت برنامج صكوك حكومة السعودية بالريال السعودي، حيث حدد حجم الإصدار بمبلغ إجمالي 1.245 مليار ريال.
وقد قسمت الإصدارات إلى شريحتين، حيث بلغت الشريحة الأولى 130 مليون ريال، ليصبح الحجم النهائي للشريحة 9.100 مليار ريال، لصكوك تستحق في 2024، فيما بلغت الشريحة الثانية 1.115 مليار ريال، ليصبح الحجم النهائي للشريحة 7.615 مليار ريال لصكوك تستحق في 2032.
المزاد الهولندي
منذ تموز (يوليو) 2018 تم استخدام منهجية المزاد، التي يرى صندوق النقد أنها ستضفي درجة من المرونة على آليات تسعير الإصدارات المحلية الجديدة، حيث شهد إصدار تموز (يوليو) 2018 (الإصدار السابع) تطبيق تلك المنهجية لأول مرة مع أدوات الدين في المملكة، حيث تستخدم السعودية "المزاد الهولندي" وهو المزاد نفسه الذي تستعمله الخزانة الأمريكية عندما تبيع سنداتها.
وبالاستعانة بأحد منتجات "بلومبيرج" الخاصة بالمزاد، منح المتعاملون الأوليون "سعر سقف محددا" لا يستطيعون التسعير فوقه، بحيث يكون "التسعير النهائي" على المستوى نفسه لسقف التسعير أو دونه. وطلب من المتعاملين الأوليين أن يقدموا طلبات الاكتتاب "الخاصة بهم"، وكذلك "الخاصة بعملائهم" .
وآلية المزاد هذه تختلف عن المنهجية التسعيرية، التي كانت تستخدم في السابق وتدور حول تحديد نطاق تسعيري معين (أي حد أعلى وحد متوسط وآخر أدنى) والطلب منهم التسعير بين هذا النطاق ثم حدد السعر النهائي من قبل جهة الإصدار.
منحنى العائد
يعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا وهو المنحنى الطبيعي، ولكن عندما ينقلب بأن يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا، وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة.
ونجحت السعودية منذ 2019 في تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية. والأمر نفسه كررته في 2020 عندما شهد إصدارها الدولاري استحقاقات بأجل سبعة أعوام و12 عاما ولأول مرة شريحة 35 عاما، التي أتت جميعها خلال فترات استحقاق متباعدة، مسهمة في الوقت نفسه بإطالة أجل تلك الاستحقاقات وفقا لسياسة إدارة الدين العام للدولة.
مشاركة الأفراد
من المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الحالي مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد في السوق الثانوية. وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة، لتكون في متناول الأفراد وذلك بدءا من حزيران (يونيو) 2019 ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة بدعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم، التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية، التي عمت أسواق الدخل الثابت في السعودية في جعل مسألة استثمار الأفراد بالصكوك أمرا ممكنا بعد تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال (مقارنة سابقا بمليون ريال).
وحدة التقارير الاقتصادية