Author

أين نحن من رفع كفاءة الاستهلاك؟ «2»

|
مختص في شؤون الطاقة
عودا على بدء ذكرت في المقال السابق أن الطاقة شريان الاقتصاد، ومحرك التنمية، وقلب التطور والمدنية النابض، وأن الاستدامة تعني الاستمرارية والثبات، وجوهرها هو تلبية حاجات الحاضر دون المساس بمقدرات الأجيال المقبلة على تلبية حاجاتها الخاصة. نوهت بأن الدول التي تعتمد بصورة كلية أو جزئية على الموارد الهيدروكربونية في توليد الطاقة تعي تماما حقيقة نضوب هذه الموارد، وعليها العمل بالتوازي على رفع كفاءة استهلاك هذه الموارد لإطالة عمرها قدر المستطاع وإحلال الطاقة المتجددة والبديلة لخدمة الغرض ذاته، رفع كفاءة الاستهلاك في السعودية هو محور هذه السلسلة، انطلاقا من بعض المعلومات عن الطاقة عالميا ومحليا التي تم تسليط الضوء عليها في المقال السابق مرورا بالبرامج والإجراءات المتخذة لرفع كفاءة الاستهلاك في السعودية، وانتهاء عند مخرجات ونتائج هذه البرامج والإجراءات التي أعتقد أهميتها لقياس جدوى هذه البرامج والإجراءات. عمل المركز السعودي لكفاءة الطاقة على وضع وتنفيذ البرنامج السعودي لرفع كفاءة الطاقة، وأسلط الضوء في هذا المقال على أهم برامجه، ومن ثم مخرجاته وانعكاسها على رفع كفاءة الاستهلاك بالأرقام من مصادرها الموثوقة.
أولا: تطوير أكثر من 26 مواصفة ومعيارا لرفع كفاءة الطاقة، استهدفت منتجات تغطي نحو 90 في المائة من استهلاك الطاقة في المباني، وكما ذكرنا في المقال السابق أن المباني تحتل المرتبة الأولى في كمية الاستهلاك.
ثانيا: تحديث المواصفة الخاصة بأجهزة التكييف ذات السعة الصغيرة لرفع كفاءة الطاقة فيها إلى مستوى المواصفات العالمية، حيث إن التكييف يشكل 70 في المائة من كمية الاستهلاك في المباني بأنواعها المختلفة.
ثالثا: تحديث الفصل الخاص بترشيد الطاقة في كود البناء السعودي، وإصدار 15 مواصفة للعزل الحراري في المباني، ووضع لائحة فنية للعزل الحراري ليتم تطبيقه بشكل إلزامي على المباني الجديدة.
رابعا: تحديث المواصفات القياسية للغسالات والثلاجات والمجمدات والمجففات والسخانات لتتوافق مع المعايير الدولية وتسهم في خفض استهلاك الطاقة.
خامسا: إطلاق الحملة الوطنية لترشيد استهلاك الطاقة "لتبقى" التي تهدف إلى تأسيس ورفع مستوى الوعي المجتمعي بأهمية ترشيد ورفع كفاءة استهلاك الطاقة وتغيير سلوكيات استهلاك الطاقة.
سادسا: مبادرة أجهزة التكييف عالية الكفاءة بهدف تشجيع المواطنين على اقتناء أجهزة تكييف عالية الكفاءة بأسعار مخفضة، وتحفيز المصنعين المحليين على إنتاج وتوفير مثل هذه الأجهزة.
أخيرا وليس آخرا: المبادرة التي أطلقت أخيرا لتركيب عشرة ملايين عداد ذكي لحساب استهلاك الكهرباء، في جميع مناطق السعودية خلال فترة تنتهي بنهاية الربع الأول من عام 2021. جميع ما سبق من برامج وإجراءات تهدف إلى رفع كفاءة الاستهلاك في السعودية، وهي برامج وإجراءات تذكر فتشكر، حيث إنها تصب بما لا يدع مجالا للشك في مصلحة الوطن والمواطن والأجيال المقبلة، بالحفاظ على مواردنا واستخدامها بحكمة. كل برميل من النفط أو متر مكعب من الغاز يتم توفيره، يمكن استغلاله وتعظيم قيمته في الصناعات البتروكيماوية أو التكريرية. في المقال المقبل - بإذن الله - سأسلط الضوء على مخرجات هذه البرامج والإجراءات بلغة الأرقام ومن مصادرها الرسمية الموثوقة، فهل حققت أهدافها المرجوة؟ هل أسهمت فعلا في رفع كفاءة الاستهلاك؟ ما المقترحات الأخرى لرفع كفاءة الاستهلاك؟.
إنشرها