التوطين العسكري .. وثبة إلى المستقبل
مع إطلاق رؤية المملكة 2030، يشكل توطين الصناعات العسكرية محورا رئيسا، إذ أدركت السعودية أهمية وضع التوطين في القطاعات السعودية كلها، وهدفا استراتيجيا على المدى البعيد. بمعنى، أن التوطين يجب أن يتمتع باستدامة، لأنه جزء أصيل من عملية البناء الاقتصادي والمجتمعي، وهذه النقطة خصوصا، وضعت على رأس أولويات التنفيذ.
لذلك، شهدنا تحولات مهمة جدا على صعيد التوطين، بما في ذلك التوطين الذي يشمل المرأة ومحورية دورها في المجتمع والمخرجات الاقتصادية والتنموية له. وعملية التوطين تجري وفق أسس ثابتة وقوية، الأمر الذي وفر ضمانات لعدم حدوث ثغرات أو ارتباك في الأداء الاقتصادي العام.
ونجاعة مخططات التوطين، تجلت في الواقع في أن بعض البرامج الخاصة في هذا الميدان، تم إنجازها حتى قبل مواعيدها، وفق "رؤية المملكة"، ما يعزز حقيقة أن الأمور تمضي وفق نهج عملي وواقعي واحترافي عالي الجودة. بإعلان المهندس أحمد العوهلي محافظ الهيئة العامة للصناعات العسكرية، وصول نسبة التوطين في ميدان الإنفاق العسكري إلى 8 في المائة، يؤكد مرة أخرى، وفي مجال آخر، أن التوطين الشامل يسير وفق خطواته الثابتة. فالنسبة المستهدفة لتوطين هذا النوع من الإنفاق، تبلغ وفق "الرؤية" 50 في المائة، بقيمة تصل إلى 90 مليار ريال، وهذه النسبة ستوفر ما لا يقل عن 42 ألف وظيفة سعودية 100 في المائة.
والصناعات العسكرية بطبيعتها تتضمن جوانب مدنية، ما يعزز أيضا عمليات التوطين في ساحات القطاعات المدنية ذات الصلة المباشرة وغير المباشرة. وهذا العدد من الوظائف يتقاطع مع عمليات التوظيف الشاملة في السعودية. ومن هنا، يمكن القول، إن عملية التوطين في المملكة تشمل القطاعات كلها، التي تصب في النهاية في استراتيجية التنمية الشاملة المستهدفة. وتمكنت السعودية في الأعوام القليلة الماضية، من تطوير الصناعات العسكرية لديها، سواء المباشرة منها، أو تلك التي تستند إلى شراكات عالمية.
فمن ضمن شروط المملكة في عقودها الدفاعية، توفير التدريب والتأهيل للكوادر السعودية، وهذا الأمر ينطبق على الشراكات الأخرى المدنية كلها. وهذه الشروط، دون شك، أسهمت في وصول نسبة التوطين في الإنفاق العسكري السعودي إلى 8 في المائة، على أمل أن تصل إلى 50 في المائة في غضون عشرة أعوام من الآن. وإذا ما استمرت وتيرة الإنجازات في هذا الميدان، مع الاستناد إلى جودة الإنجاز، فالنسبة المستهدفة يمكن تحقيقها في هذا العقد بسهولة.
كل هذا يدعم الشكل النهائي للاقتصاد السعودي، الذي يستند بالطبع إلى مجموعة من الأسس، في مقدمتها تنويع مصادر الدخل، والاعتماد على القدرات الوطنية، ما يعطيه صفة الاستدامة، وهذه الأخيرة هي أكثر القواعد التي يحتاج إليها أي اقتصاد في العالم. الصناعات العسكرية، تأتي معها معارض دولية كبرى، وهذا ما دفع مسؤولين من كبرى شركات الإنتاج العسكري إلى المشاركة في الإعلان السعودي عن إطلاق "معرض الدفاع العالمي 2022" في نسخته الأولى. وهذا المعرض سيقام مرة كل عامين في الرياض، أي أنه دولي بحاضنة وطنية خالصة.
ومثل هذه المناسبات توفر الأدوات اللازمة لكل الأطراف المعنية في التحرك، سواء على صعيد التصنيع أو التصدير، فضلا عن إمكانية حدوث شراكات استراتيجية مهمة، ستصب في النهاية في رؤية المملكة 2030. ولعل من أهم ميزات هذا المعرض، أنه الأول الذي سيركز على التكامل المشترك في أنظمة الدفاع الجوي والبري والبحري والأفكار الصناعية وأمن المعلومات. إنه معرض جديد في هدفه ومتطور في أدواته، وداعم للصناعات العسكرية السعودية، وكذلك مخططات التوطين في هذا القطاع المحوري الوطني المهم جدا.