57 مليار دولار قيمة معادن ثمينة مهدرة في النفايات الإلكترونية حول العالم خلال 2019

57 مليار دولار قيمة معادن ثمينة مهدرة في النفايات الإلكترونية حول العالم خلال 2019
بلغ متوسط النفايات الإلكترونية في 2019 نحو 7.3 كيلوجرام لكل رجل وامرأة وطفل.

نبهت هيئة دولية أن العالم ينتج نفايات إلكترونية أكثر بكثير مما يجري إعادة تدويرها بأمان في معظم أنحاء العالم. وقالت إن الهوة بين طرح النفايات الإلكترونية وتدويرها تتسع عاما بعد عام حتى تم توليد رقم قياسي بلغ 53.6 مليون طن متري في جميع أنحاء العالم في 2019، بزيادة قدرها 21 في المائة في غضون خمسة أعوام فقط.
وتشير النتائج التي توصل إليها مرصد "الشراكة العالمية لإحصاءات النفايات الإلكترونية" التابع لجامعة الأمم المتحدة لهذا العام، إلى أنه لم يتم جمع وإعادة تدوير سوى 17.4 في المائة من النفايات الإلكترونية لعام 2019. وهذا يعني أن الذهب والفضة والنحاس والبلاتين وغيرها من المواد العالية القيمة القابلة للاسترداد التي تقدر بـ57 مليار دولار - وهو مبلغ أكبر من الناتج المحلي الإجمالي لمعظم الدول - قد تم إغراقها أو حرقها في الأغلب بدلا من جمعها للعلاج وإعادة الاستخدام.
وأوضحت الهيئة أن البشرية لا تنفذ أهداف التنمية المستدامة بالقدر الكافي، وقالت: هناك حاجة ماسة إلى الالتفاف حول هذا النمط العالمي الخطير ببذل جهود أكبر بكثير لضمان إنتاج واستهلاك والتخلص من المعدات الكهربائية والإلكترونية على الصعيد العالمي.
وأوضح التقرير أن "كميات النفايات الإلكترونية ترتفع بمعدل ثلاث مرات أسرع من عدد سكان العالم و13 في المائة أسرع من الناتج المحلي الإجمالي العالمي خلال الأعوام الخمسة الماضية وهو ما يفرض ضغوطا بيئية وصحية كبيرة ويدل على الحاجة الملحة إلى الجمع بين الثورة الصناعية الرابعة والاقتصاد الدائري".
وقال إن الثورة الصناعية الرابعة إما أن تدفع بنهج جديد للاقتصاد الدائري لاقتصاداتنا وإما أنها ستحفز على مزيد من استنفاد الموارد وموجات تلوث جديدة.
وتوقع التقرير السنوي للعام الحالي أن تصل النفايات الإلكترونية العالمية - المنتجات المهملة ذات البطارية أو التوصيل الكهربائي - إلى 74 مليون طن بحلول 2030، أي ما يقرب من ضعف النفايات الإلكترونية في 16 عاما فقط. وهذا يجعل النفايات الإلكترونية أسرع نموا من تيار النفايات المنزلية في العالم، ويغذيه أساسا ارتفاع معدلات استهلاك المعدات الكهربائية والإلكترونية، ودورات الحياة القصيرة، وقلة الخيارات للإصلاح.
ويكشف التقرير الذي أفرج عنه في بون وجنيف وفيينا ولندن وتورونتو، أن آسيا حققت أكبر حجم للنفايات الإلكترونية في 2019، حيث بلغت 24.9 مليون طن، تليها الأمريكتان (13.1 مليون طن) وأوروبا (12 مليون طن)، في حين أن إفريقيا وأوقيانوسيا حققتا 2.9 مليون طن و0.7 طن على التوالي.
وفي وضع الأرقام في منظورها، بلغ وزن النفايات الإلكترونية في العام الماضي أكثر بكثير من جميع السكان البالغين في أوروبا، أو ما يصل إلى 350 سفينة سياحية في حجم سفينة "كوين ماري 2"، وهو ما يكفي لتشكيل خط طوله 125 كيلومترا.
ويؤكد التقرير أن النفايات الإلكترونية هي خطر صحي وبيئي، تحتوي على إضافات سامة أو مواد خطرة مثل الزئبق، ما يضر الدماغ البشري و/ أو الجهاز التنفسي.
ويقول المركز إن ما يقدر بـ50 طنا من الزئبق يستخدم في - شاشات الكمبيوتر، ومركبات ثنائي الفينيل متعدد الكلور، ومصادر الضوء الفلورية (النيون)، والمصابيح الموفرة للطاقة - موجودة في تدفقات النفايات الإلكترونية غير المسجلة سنويا.
في المقابل، يحذر التقرير من أن "إعادة تدوير النفايات الإلكترونية غير الرسمية وغير السليمة هي أحد الأخطار الناشئة الرئيسة التي تؤثر بصمت في صحتنا وصحة الأجيال القادمة.
ومن النتائج الرئيسة الأخرى التي خلص إليها المرصد العالمي للنفايات الإلكترونية 2020: أنه يمكن للإدارة السليمة للنفايات الإلكترونية أن تساعد على التخفيف من الاحترار العالمي. في 2019، تم إطلاق ما يقدر بـ98 مليون طن من مكافئات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي من الثلاجات ومكيفات الهواء التي تم التخلص منها، ما أسهم بنحو 0.3 في المائة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.
من ناحية نصيب الفرد، بلغ متوسط النفايات الإلكترونية التي تم التخلص منها في العام الماضي 7.3 كيلوجرام لكل رجل وامرأة وطفل على وجه الأرض. إذ احتلت أوروبا المرتبة الأولى على مستوى العالم من حيث إنتاج النفايات الإلكترونية للفرد الواحد حيث بلغت 16.2 كيلو جرام للفرد.
وجاءت أوقيانوسيا في المركز الثاني (16.1 كيلو جرام) تليها الأمريكتان (13.3 كيلو جرام). وكانت آسيا وإفريقيا أقل بكثير: 5.6 و2.5 كيلو جرام على التوالي.
وحسب إحصاءات التقرير، كانت النفايات الإلكترونية في 2019 تتألف بشكل رئيس من معدات صغيرة (17.4 مليون طن)، ومعدات كبيرة (13.1 مليون طن)، ومعدات تبريد درجات الحرارة (10.8 مليون طن). الشاشات والمصابيح ومعدات تقنية المعلومات والاتصالات السلكية واللاسلكية الصغيرة تمثل 6.7 و4.7 و0.9 مليون طن متري على التوالي.
ومنذ 2014، زادت فئات النفايات الإلكترونية أسرع من حيث الوزن الإجمالي: معدات تبادل درجات الحرارة (+ 7 في المائة)، الأجهزة الكبيرة (+ 5 في المائة)، المصابيح بمختلف أنواعها (+ 4 في المائة).
ووفقا للتقرير، فإن هذا الاتجاه مدفوع بتزايد استهلاك تلك المنتجات في الدول ذات الدخل المنخفض، حيث تحسن هذه المنتجات مستويات المعيشة. ونمت معدات تقنية المعلومات والاتصالات الصغيرة ببطء أكبر، وأظهرت الشاشات انخفاضا طفيفا (- 1 في المائة)، يفسر إلى حد كبير من خلال طرح شاشات عرض مسطحة أخف تحل محل الشاشات الثقيلة.
يقول مركز "الشراكة العالمية لإحصاءات النفايات الإلكترونية" إنه منذ عام 2014، زاد عدد الدول التي اعتمدت سياسة وطنية للنفايات الإلكترونية أو تشريعات أو لوائح تنظيمية وطنية من 61 دولة إلى 78 دولة. وفي حين أن هذا الاتجاه إيجابي، فهو أبعد ما يكون عن الهدف الذي حدده الاتحاد الدولي للاتصالات وهو رفع نسبة الدول التي لديها تشريعات بشأن النفايات الإلكترونية إلى 50 في المائة.
وتقرير "الرصد العالمي للنفايات الإلكترونية 2020" هو نتاج تعاوني لمركز "الشراكة العالمية لإحصاءات النفايات الإلكترونية" الذي شكلته جامعة الأمم المتحدة والاتحاد الدولي للاتصالات والرابطة الدولية للنفايات الصلبة بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للبيئة. كما أسهمت منظمة الصحة العالمية لأول مرة هذا العام في إعداد التقرير.
من جانبها، قالت لـ"الاقتصادية"، ماريا نيرا مديرة إدارة البيئة وتغير المناخ والصحة في منظمة الصحة العالمية، إن طفلا واحدا من كل أربعة أطفال يموت بسبب التعرض البيئي للنفايات النووية أو إعادة تدويرها بصورة غير رسمية وغير سليمة "وهو ما يمكن تجنبه". وقالت إنه يمكن إنقاذ طفل واحد من كل أربعة أطفال، إذا اتخذنا إجراءات لحماية صحتهم وضمان بيئة آمنة.

الأكثر قراءة