Author

الثروة المجهولة

|
تزخر بلادنا - ولله الحمد - بكثير من الثروات الطبيعية ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة، فلو نظرنا على مستوى العالم إلى أكثر المصادر استخداما بعد الهواء والماء، لوجدنا - وفق ما أورده تقرير برنامج الأمم المتحدة للبيئة - أنها الثروة المجهولة التي سنتطرق إلى أهميتها، وهي الرمال، حيث يتم استخدام 50 مليار طن من الرمال والحصى في جميع أنحاء العالم كل عام، يذهب معظمها في إنتاج الأسمنت الذي يستخدم لصنع الخرسانة. إن للثروة الرملية فوائد جمة يصعب حصرها، منها استخدامها للتربة الزراعية المستخدمة في إنتاج كثير من المحاصيل الزراعية المختلفة، ومنها استخدامها بكميات كبيرة لحماية الشواطئ من التآكل نتيجة عمليات المد والجزر، وكذلك في إنشاء الجزر الصناعية والطرق السريعة والسكك الحديدية وصناعة الطوب والبلك. إن التنمية الاقتصادية ترتبط ارتباطا وثيقا بأعمال البناء، والرمال هي المادة الخام الرئيسة في هذه الأعمال. وإذا ما علمنا أن مادة السليكا تشكل ما نسبته 99 في المائة من الرمل، وهي المادة الأساس في صناعة الزجاج، فلك أن تتخيل مدى أهميته الاقتصادية لمصانع الأدوية والألياف الزجاجية وزجاج البصريات، وفلاتر المياه والكريستال، وفي الصناعات الكيماوية المختلفة، بل في مجال الإلكترونيات ورقائق الحواسيب ورقائق السيليكون لمختلف الأجهزة الإلكترونية. يستورد بعض الدول كميات هائلة من الرمال، فوفقا لقاعدة الأمم المتحدة للبيانات الإحصائية، فإن البحرين مثلا استوردت خلال عام واحد أكثر من 570 ألف طن من الرمال، في حين نجد أن دولة صغيرة المساحة، وهي سنغافورة، وسعت مساحتها بما نسبته 20 في المائة، معتمدة في ذلك على ما استوردته من رمال. ومن اللافت للنظر أيضا، ظهور ممارسة صحية آخذة في الانتشار، وهي ممرات المشي على الرمل بعد التخلي عن الأحذية، لعل البلديات تعمد إلى إنشائها، حيث أثبتت الدراسات أن المشي على الرمل يحقق كثيرا من الفوائد الصحية، مثل تفريغ الشحنات الكهربائية من الجسم، وما أكثرها مع استخدام الهواتف النقالة، وكذلك تقوية المناعة، ورفع كفاءة أعضاء الجسم، وتنشيط الدورة الدموية، وتحسين المزاج العام. إن استغلال الثروة الرملية يعد أمرا مهما سيحفز الاستثمارات المحلية في مشاريع ذات قيمة مضافة، خاصة قطاع البناء، ويدعم الاقتصاد الوطني، ويتماشى مع رؤية المملكة 2030، ويفتح آفاقا جديدة لفرص العمل. ومع ذلك كله، يجب ألا نغفل أنها ثروة قابلة للنضوب، وحسنا فعلت وزارة الطاقة حين حظرت تصدير الرمل إلى خارج المملكة.
إنشرها