بين «المالية» و«التجارة»
جهود ضخمة تقوم بها الحكومة لإنقاذ القطاع الخاص في ظل هذه الظروف العالمية الصعبة، حزمة من المبادرات اهتمت باستقرار الموظفين المواطنين في هذا القطاع مقرونة بتخفيف الضغوط عليه في جوانب مختلفة بهدف أن يبقى ثابتا قدر الإمكان. أهمية القطاع الخاص ليست بحاجة إلى شرح، وإن أظهرت الجائحة العالمية الأولوية للقطاع العام في قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية الأخرى وتميزت بها المملكة في تجربتها المشهودة لمكافحة الفيروس.
هذه العناية - المستحقة - بالقطاع الخاص تستدعي إصلاحه وتقويته ولا أهم من تطوير الأنظمة التي يعمل في إطارها وإعادة النظر في تقييم القطاعات والأولويات خاصة تلك التي حصلت على قروض وتركز اهتمامات في فترات سابقة مقارنة بما أنتجت لاحقا، الوباء بسماته من الحظر والانكفاء إلى الداخل عالميا مع الخوف من نقص في الغذاء والدواء كان كاشفا معريا للقطاع الخاص وإداراته في فهم طبيعة المرحلة والقدرة على الوفاء والمساندة. لذلك فإن الخطوة المستحقة الآن هي إصلاح ما يمكن إصلاحه ولا أحق بالنظر بعين فاحصة مثل الشركات المساهمة سواء التي تملك فيها الدولة جزءا من رأس المال أو يرأسها مسؤول حكومي أو تلك التي لا تملك فيها. هذه الشركات هي قائدة القطاع الخاص وأكبر الكيانات فيه، والأنظمة التي تعمل في إطارها تحتاج إلى إعادة نظر للحفاظ على أموال المساهمين وهو حفاظ على قوة ومتانة الاقتصاد والثقة به، وليس أوضح من الحاجة الماسة إلى ذلك من أداء بعض الشركات وخسائرها المستمرة رغم أن مجال عملها مربح إذا ما عملت فيه شركة خاصة أو غير مساهمة، والأسوأ من ذلك التنفع من وراء هذه الشركات من قبل مجالس إدارات وتنفيذيين دون أداء يستحق. هناك شركات تخسر بالمليارات بينما يحصل كبار تنفيذييها وأعضاء مجالس إداراتها على مكافآت بمئات الملايين! هذا واحد من ثقوب الشركات المساهمة السنوي، وهناك أكثر من ذلك إذا تتبعنا الإخفاقات في تحقيق النجاح في الأنشطة والتوظيف والنمو.
وزارة المالية مسؤولة عن كل ريال ينفق لدعم القطاع الخاص ولا شك أنها تنظر بعناية إلى أن هذا الريال يذهب لشركة تستحق وتقوم فعلا برفد الاقتصاد إنتاجا وتوظيفا ووزارة التجارة معنية بتطوير الأنظمة وترسيخ الثقة بالاستثمار الداخلي، حماية المساهم الصغير هي حماية للقاعدة العريضة من المواطنين ولمدخراتهم وللاقتصاد ككل وهي جناح الوزارة الآخر مع حماية المستهلك. كلي أمل أن يلتفت وزيرا التجارة والمالية إلى هذا الملف بالغ الأهمية فهذا أفضل وقت لإصلاحه.