النفط يقفز 47 % خلال التداولات .. ويسجل أكبر نسبة ارتفاع مئوية في يوم واحد

النفط يقفز 47 % خلال التداولات .. ويسجل أكبر نسبة ارتفاع مئوية في يوم واحد

قفزت أسعار النفط أمس ، محققة أكبر مكاسب لجلسة واحدة على الاطلاق، على خلفية تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترمب توقع فيها أن تعلن السعودية وروسيا خفض إنتاج للنفط، وتفاؤل الأسواق بدعوة السعودية الى اجتماع طارىء للمنتجين للتعامل مع اضطرابات السوق .
وبحسب "رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لبرنت 5.20 دولار بما يعادل 21 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 29.94 دولار للبرميل، في حين صعد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 5.01 دولار أو 24.7 في المائة ليغلق على 25.32 دولار.
ورغم المكاسب الضخمة أمس ، مازالت أسعار النفط منخفضة أكثر من النصف هذا العام، وهوت السوق في أوائل مارس الماضي ، عندما تعثر الاتفاق بين المنتجين على قيود الإمدادات.
ومنذ ذلك الحين، قلصت جائحة فيروس كورونا الطلب على الوقود بشدة، ونزلت أسعار الخام الأمريكي عن 20 دولارا للبرميل لبضع مرات في الأيام الأخيرة.
وصعد برنت 47 في المائة أثناء الجلسة، في أكبر مكاسبه المئوية خلال يوم واحد على الإطلاق، وقفز غرب تكساس 35 في المائة، وهو ثاني أكبر صعود له على الإطلاق، بعد أن زاد 36 في المائة خلال معاملات 19 مارس.
لكن الأسعار نزلت عن تلك الذرى مع تساؤل المتعاملين إن كان المنتجين سيتفقون فعليا على خفض إنتاجي كبير.
ويقول لـ"الاقتصادية"، مختصون ومحللون نفطيون إن الإدارة الأمريكية قلقة من تهاوي أسعار النفط بشكل متلاحق، ولذا تسعى إلى إقناع المنتجين بالعودة إلى طاولة المفاوضات الاقتصادية لإحياء العمل المشترك ومن أجل إنقاذ الصناعة من هذه الكبوة غير المسبوقة، لافتين إلى أن "أرامكو" رفعت الإنتاج 12.3 مليون برميل يوميا في أبريل الجاري، حيث تركز على تعزيز حصصها في الأسواق الأوروبية بهدف دعم الاقتصاد الوطني.
وفي هذا الإطار، أوضح مفيد ماندرا نائب رئيس شركة "إل إم إف" النمساوية للطاقة، أن الجميع على قناعة بأن أسعار النفط الحالية ليست في مصلحة الدول المنتجة وهو ما يتطلب تفاهمات جديدة بين كبار المنتجين، لافتا إلى أن تعثر استمرارية عمل تحالف "أوبك +" الشهر الماضي لا يعني الإغلاق التام لفرص التشاور بين كبار المنتجين، خاصة أن الذي يقوم بمبادرة لم الشمل الآن الولايات المتحدة.
وأضاف ماندرا أن الإدارة الأمريكية، التى سبق أن تحدثت في فترات سابقة عما أسمته حينها "احتكار" مطالبة بوقف خفض الإنتاج لتخفيض أسعار الوقود بشكل خاص، حيث تشكو الآن من أن السعر منخفض جدا، وتؤكد الحاجة إلى العودة لقيود الإنتاج بعدما أدركت الخطة الروسية، التي تهدف إلى تراجع الأسعار إلى الحد، الذي يزيد من فرص إفلاس شركات النفط الصخري الزيتي الأمريكي ويؤدي إلى خروجها من السوق، ما يعيد الأسعار إلى مستوى 60 دولارا على المدى الطويل. من ناحيته، يقول أندرو موريس مدير شركة "بويري" الدولية للاستشارات، إن السعودية اختارت العودة إلى الإنتاج الوفير بكل قناعة وبعد دراسة لمعطيات السوق خاصة في ظل حالة التباطؤ والانكماش الحالية، لافتة إلى أن تغير كبار المسار الحالي في الإنتاج يحتاج إلى توافق، خاصة أن الشركات الأمريكية كانت في الأعوام الماضية الرابح الأكبر من تقييد الإنتاج وارتفاع الأسعار.
وذكر موريس أن الظروف الراهنة في السوق تحتاج إلى حالة من التريث للتعرف على أبعاد مشكلة وباء كورونا وتداعياتها الدقيقة على التباطؤ والانكماش الاقتصادي وتراجع الطلب العالمي، لافتا إلى أنه حتى الآن لا توجد أي مؤشرات أو بوادر ترجح موافقة "أوبك" على عقد اجتماع طارئ لمناقشة الأزمة، ما يشير بدوره إلى أن الدول الأعضاء لا تنوي خفض الإنتاج في أي وقت قريب خاصة وأن قرار العودة للإنتاج بلا قيود لم يمر عليه أكثر من شهر ولم يطبق إلا منذ يومين فقط.
من جانبه، يرى بيل فارين برايس مدير شركة "بتروليوم إنتلجنس بوليسي" الدولية، أن الولايات المتحدة تقود جهود اتصالات دبلوماسية مكثفة لإقناع كبار المنتجين بالعودة إلى تقييد المعروض، معتبرا أن الزيادات الإنتاجية للسعودية ليست موجهة ضد أحد، إنما هي الأنسب لاقتصادها في ظل الظروف الاقتصادية الدولية الصعبة الراهنة.
بدورها، تعتقد جولميرا رازيفا كبيرة المحللين في المركز الاستراتيجي للطاقة في أذربيجان، أن بعض التقديرات الدولية الموثوقة تتوقع أن يهدد تراجع أسعار النفط الممتدة بقاء مئات الشركات الصخرية الأمريكية، حيث ستتعرض نحو 50 في المائة من الشركات للإفلاس عاجلا وليس آجلا إذا استقرت الأسعار حول مستوى 20 دولارا للبرميل.
ولفتت جولميرا إلى أن المنتجين الأقل تكلفة هم بالفعل في وضع أفضل وعلى رأسهم الدول الأعضاء في منظمة "أوبك" والقادرة على تحمل الضغوط السعرية، على الرغم من أن شركات النفط الصخري الزيتي في الولايات المتحدة تمكنت بالفعل من خفض متوسط تكاليف إنتاجها بما يقرب من النصف إلا أن تقديرات شركة "ريستاد إنرجي" الدولية تؤكد أن 16 شركة صخرية أمريكية فقط يمكنها كسب المال بأسعار النفط أقل من 35 دولارا للبرميل. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية "إن مخزونات الخام في الولايات المتحدة زادت الأسبوع الماضي في حين انخفض الطلب بشدة، وكبحت مصافي التكرير النشاط في مواجهة تراجع حاد في الطلب على الوقود بسبب جائحة فيروس كورونا".
وارتفعت مخزونات الخام 1.8 مليون برميل في الأسبوع المنتهي يوم 27 مارس لتصل إلى 469.2 مليون برميل، وتلك أكبر زيادة أسبوعية منذ 2016، ويتوقع المحللون استمرار زيادة المخزونات مع كبح مصافي التكرير الإنتاج وهبوط الطلب على البنزين.
وقالت إدارة معلومات الطاقة "إن مخزونات الخام في نقطة التسليم في كاشينج في ولاية أوكلاهوما ارتفعت 3.5 مليون برميل الأسبوع الماضي". وأضافت أن "استهلاك الخام في مصافي التكرير تراجع 940 ألف برميل يوميا، وانخفضت معدلات تشغيل المصافي خمس نقاط مئوية على مدار الأسبوع إلى 82.3 في المائة، وهو أدنى مستوى منذ سبتمبر 2017". وبحسب الإدارة، فإن مخزونات البنزين في الولايات المتحدة ارتفعت 7.5 مليون برميل الأسبوع الماضي إلى 246.8 مليون برميل، مقارنة بتوقعات المحللين في استطلاع "رويترز" لزيادة 1.9 مليون برميل.
وأظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة تراجع مخزونات نواتج التقطير، التي تشمل الديزل وزيت التدفئة، 2.2 مليون برميل على مدار الأسبوع، مقابل توقعات لزيادة قدرها مليون برميل، مشيرة إلى أن صافي واردات الولايات المتحدة من النفط الخام صعد الأسبوع الماضي بمقدار 625 ألف برميل يوميا.
واستقر إنتاج الولايات المتحدة من النفط بالقرب من مستوى قياسي خلال الأسبوع الأخير من الشهر الماضي، مع استمرار حرب الأسعار وتراجع نشاط التنقيب الأمريكي عن الخام. وبلغ إنتاج النفط في الولايات المتحدة 13 مليون برميل يوميا في الأسبوع المنتهي في 27 مارس الماضي، دون تغيير عن مستويات الأسبوع السابق له.
ويقف بذلك إنتاج الخام الأمريكي قرب أعلى مستوى في تاريخه على صعيد الأرقام الأسبوعية عند 13.100 مليون برميل يوميا، التي سبق أن صعد لها منتصف الشهر الماضي.
وأظهر التقرير الأسبوعي أن صادرات النفط الأمريكي بلغت 3.155 مليون برميل يوميا بنهاية الشهر الماضي، بعد هبوط قدره 695 ألف برميل يوميا في غضون أسبوع.
كما سجلت واردات الولايات المتحدة من الخام هبوطا محدودا بلغ 70 ألف برميل يوميا في الأسبوع المنقضي ليسجل 6.047 مليون برميل يوميا، وفقا للتقرير الأسبوعي.
ويعني ذلك زيادة بنحو 625 ألف برميل يوميا في صافي واردات الولايات المتحدة من النفط في الأسبوع الماضي، ليصل الإجمالي إلى 2.892 مليون برميل يوميا.

الأكثر قراءة