السياسية

لاءات لبنان .. رفض الفساد والطائفية والميليشيا

لاءات لبنان .. رفض الفساد والطائفية والميليشيا

في 5 تشرين الثاني (نوفمبر)، خاطب كل من مكرم رباح وحنين غدار ولقمان سليم وجان طويلة منتدى سياسيا في معهد واشنطن. وغدار هي زميلة زائرة في زمالة "فريدمان" في "برنامج جيدولد للسياسة العربية" في المعهد، ورباح هو محاضر في التاريخ في "الجامعة الأمريكية في بيروت"، وسليم هو مدير المنظمات غير الحكومية اللبنانية "هيا بنا" و"أمم للتوثيق والأبحاث"، وطويلة هو رئيس "المجلس الاقتصادي والاجتماعي" في "حزب الكتائب" ومستشار سابق لوزير التجارة اللبناني.. فيما يلي ملخص المقرر لملاحظاتهم.

حنين غدار
منذ 17 تشرين الأول (أكتوبر)، نزل الشعب اللبناني إلى الشوارع لرفض الفساد والطائفية والميليشيات غير التابعة للدولة، وهذه الحركة فريدة من نوعها حيث انضم مواطنون من جميع الطوائف ومن جميع أنحاء البلاد إلى الاحتجاجات، إضافة إلى ذلك عجز القادة السياسيون عن اختراق صفوف المتظاهرين وتنفيذ مخططاتهم، وكانت مشاركة الجهات الفاعلة الخارجية محدودة حتى الآن؛ فالمؤسسة السياسية، خاصة "حزب الله"، تجد هذه التطورات مثيرة للقلق، لأنها قد تنطوي على تغييرات عميقة في النظام.
كما أن الخطاب الوطني بشأن الحياة السياسية آخذ في التغير، فهناك شعور بأن الحرب الأهلية التي مزقت لبنان منذ زمن بعيد قد وصلت الآن إلى نهايتها الفعلية، يعود ذلك جزئيا إلى أن الجيل الجديد من الناشطين والمؤيدين السياسيين لم يترعرع مع خطاب ذلك الصراع، كذلك يتم وضع الخلافات الطائفية المتوارثة جانبا، حيث يقدم المحتجون مجموعة موحدة من المطالب لفترة انتقالية، ومن بين هذه المطالب إجراء انتخابات مبكرة وسن قانون انتخابي غير طائفي، يمكن الناخبين من اختيار رئيس جمهورية وبرلمان جديدين.
نتيجة لهذه الحركة، تتضعضع الركائز التي أبقت "حزب الله" في السلطة؛ فقد قام المتظاهرون بنزع الشرعية عن اثنين من الحلفاء الرئيسين للحزب داخل الحكومة، هما: نبيه بري رئيس البرلمان وجبران باسيل وزير الخارجية. وفي غضون ذلك، يبدو أن شريحة كبيرة من القاعدة الشيعية لـ "حزب الله" بدأت ترفضه من خلال انضمامها إلى المظاهرات والتأكيد على هويتها اللبنانية بدلا من هويتها الطائفية. بالمثل، يشير فقدان باسيل مكانته إلى وجود معارضة مسيحية واسعة النطاق للحزب، وتم تقويض ركيزة أساسية أخرى هي دعم المجتمع الدولي باستقالة سعد الحريري رئيس الوزراء أخيرا.

مكرم رباح
هذه الحركة الاحتجاجية لم يسبق لها مثيل في لبنان، لأن الناس يرفضون نظاما لم يعد يناسبهم، وما دفعهم إلى التوصل إلى قرار الاحتجاجات هو الإدراك بأنه لن يحدث أي انتعاش اقتصادي في ظل النظام الحالي، ويتساءل الناس أيضا عن دور "حزب الله" في هذه الإخفاقات.
ردا على ذلك، هاجم الحزب والنخب الحاكمة الأخرى المحتجين محليا، في حين أثاروا مخاوف على المستوى الدولي من أن انهيارا أوسع نطاقا من شأنه أن يوجد أزمة لاجئين في دول أخرى. وعلى الرغم من هذه التهديدات، ستستمر الحركة على الأرجح إلى أن تتحقق أهدافها.
وفيما يتعلق بالسياسة الأمريكية، كان لنهج الضغط الأقصى الذي تتبعه واشنطن التأثير المنشود لإضعاف "حزب الله"، ومع ذلك، يجب توسيع العقوبات لتشمل حلفاء الحزب المارونيين، الذين يتحملون تماما القدر نفسه من مسؤولية الفساد المستشري في البلاد. وقد واصل المجتمع الدولي دعم الطبقة السياسية في ظل هذه الانتهاكات خشية أن يؤدي تفككها إلى فراغ خطير، وقد نجح المحتجون في أخذ زمام الأمور بأيديهم، حتى من دون دعم دولي كبير.
وبدلا من أن تتواصل النخب مع شخصيات المجتمع المدني التي قد تلبي المطالب الشعبية بشأن إرساء نظام حكم جديد، تجري هذه النخب مفاوضات لتشكيل حكومة جديدة وراء الأبواب المغلقة، من دون شمل أي أصوات من حركة الاحتجاج. ومن هذا المنطلق، من غير المرجح أن تحقق المطالبة بقانون انتخابي جديد النتائج المرجوة؛ لأنه لا يمكن تحقيق تغيير حقيقي إلا من خلال إعادة النظر في الترتيبات السياسية الأساسية وإيجاد نهج جديد لعلمنة الدولة.

لقمان سليم
على الرغم من أوجه الشبه بين الاحتجاجات المستمرة في المناطق ذات الأغلبية الشيعية في لبنان والعراق، إلا أنه ينبغي التريث لمعرفة إذا ما كانت هذه المظاهرات تشكل جزءا من انتفاضة إقليمية أوسع نطاقا ضد الزعماء السياسيين الشيعة والتدخل الإيراني. ويتضح حاليا أمر واحد، هو انشقاق بعض المؤيدين الشيعة لـ"حزب الله" عن الحزب، خاصة اليساريين منهم. يشير هؤلاء النقاد إلى أن "حزب الله" أصبح في الواقع جزءا من الطبقة الحاكمة على مدار الأعوام الـ14 الماضية، وبالتالي فهو مسؤول عن الفساد وسوء الإدارة في البلاد، كما أن كثيرا من الشيعة غاضبون أيضا من مجموعة المشكلات التي نشأت عن تورط "حزب الله" في الحرب السورية.
ردا على ذلك، حاول الحزب تشويه صورة المحتجين واتهامهم بامتلاك أجندة خارجية، ويدرك قادة "حزب الله" أن توسيع دائرة العنف على نطاق أوسع في الظروف الراهنة سيؤدي إلى تفاقم محنتهم، لذلك سيستخدمون على الأرجح أساليب أخرى لإعادة الأمور إلى طبيعتها، مثل اختلاق تهديد إرهابي.
ولضمان الاستقرار في ظل هذه التحديات، يجب على المجتمع الدولي أن يمدد ولاية "قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان"، "اليونيفيل"، من خلال تمكينها من المساعدة على حماية المدنيين. في الوقت نفسه، يجب على المسؤولين ممارسة مزيد من الضغط على "الجيش اللبناني"، الذي استخدم العنف ضد المتظاهرين في بعض أنحاء البلاد، يجب أن تشترط المساعدات الأمريكية لـ"الجيش اللبناني" تأدية واجباته على كامل الأراضي اللبنانية، كذلك يجب التدقيق في دور أفراد المخابرات العسكرية، لأن بعض النقاد اتهموهم بتفضيل "حزب الله" وحلفائه.
جان طويلة
يمر الاقتصاد اللبناني بحالة من الركود، حيث ينخفض ​​معدل نمو "الناتج المحلي الإجمالي" الحقيقي نحو الصفر في المائة، كما يستمر التضخم في الارتفاع ومن المتوقع أن يصل إلى 10 في المائة هذا العام، ومن الأسباب المحتملة لهذا الارتفاع التدابير الحمائية التي اتخذتها الحكومة بشأن السلع المستوردة ونقص العملات الأجنبية المتداولة، ما أدى إلى نشوء سوق ثانية لليرة اللبنانية وتخفيضها الفعلي، كما أن العجز المالي المتزايد باستمرار يمثل هو الآخر مشكلة أيضا، فقد نما بنسبة 100 في المائة منذ عام 2014 ومن المرجح أن يتجاوز 11 في المائة من "الناتج المحلي الإجمالي".
ويتجلى الوضع الاقتصادي السيئ أيضا في الواقع المتمثل في أن قيمة احتياطيات لبنان الأجنبية المتاحة بسهولة تقدر الآن بأقل من عشرة مليارات دولار، وستحتاج الحكومة إلى هذه الاحتياطيات لتسديد ثمن السندات المقومة بالدولار، وتغطية سحب الأموال اللبنانية من المصارف، وإدارة الاحتياجات الأساسية من العملات. ومع ذلك، إذا لم يُعمد إلى إجراء تحسينات جذرية، فلن تدوم الاحتياطيات الحالية سوى ثلاثة إلى أربعة أشهر أخرى، ولا يزال من المحتمل حدوث ركود.
في ضوء هذه التحديات، من الضروري تشكيل حكومة جديدة في أسرع وقت ممكن، حكومة يمكنها كسب ثقة الناس بسرعة، وبعد ذلك يجب إجراء إصلاحات وتنفيذ حزمة استقرار مالي يمكنها أن تسهل استرداد الاحتياطيات الأجنبية. لقد كان دعم الشتات للاقتصاد اللبناني أمرا حيويا في إبقائه بعيدا عن المصاعب، لكن هذه المساعدة قد تكون عديمة المعنى في ظل سوء إدارة القيادة الحالية.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من السياسية