إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية لمصفاتي الجبيل وينبع قبل طرحهما

إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية لمصفاتي الجبيل وينبع قبل طرحهما

يتوقع أن تعيد شركة أرامكو السعودية دراسات الجدوى الاقتصادية المتعلقة بمشروعيها لإقامة مصفاتي نفط لتكرير 450 ألف برميل يوميا من الزيت الثقيل، على الساحلين الشرقي والغربي من السعودية، في ظل تبدل الظروف الاقتصادية، بعد اتفاق الشركاء على التكلفة التقديرية وهامش الربحية للمشروعين.
ويتفق خبراء طاقة تحدثوا لـ"الاقتصادية" على أن الظروف الاقتصادية العالمية الحالية، تحتم على أرامكو وشريكيها الأجنبيين إعادة دراسة الجدوى الاقتصادية للمشروعين، سيما في ظل تدني أسعار المواد الصناعية، وتدني هامش الربحية لمصافي النفط.
وكانت الشركة النفطية الوطنية، قد اتفقت قبل عامين مع شركة كونوكو فيليبس الأمريكية على إنشاء مصفاة لتكرير 400 ألف برميل يوميا من الزيت الثقيل في مدينة ينبع على الساحل الغربي، وأبرمت اتفاقا مشابها مع شركة توتال الفرنسية لإنشاء مصفاة نفط مشابهة في مدينة الجبيل الصناعية، وتهدف " أرامكو " من إنشاء المصفاتين إلى الاستفادة من إنتاج حقل منيفة الغني بالكبريت، الذي تطوره حاليا الشركة بعد توقف دام 25 عاما لتشغيله في حزيران (يونيو) 2011، بطاقة إنتاجية تبلغ 900 ألف برميل يوميا.
وتكتسب عملية رفع الطاقة الإنتاجية المستهدفة لحقل منيفة المغمور إلى 900 ألف برميل، أهمية كبيرة، ما يجعله ثاني أكبر مشروع تدريجي لإنتاج النفط في العالم بتكلفة تقدر بعشرة مليارات دولار، إلا أن "أرامكو السعودية" قد أعلنت الأسبوع الماضي أنها اتفقت مع شريكيها في المشروعين على تأجيل طرحهما، وذلك للغموض الذي يكتنف الأسواق العالمية، إذ قال عبد الله جمعة رئيس شركة أرامكو السعودية إنه على الرغم من أن الجدول الأصلي لمشروع مصفاة التصدير في ينبع سيتغير، إلا أن الشركة ستبقى ملتزمة باستكمال هذا المشروع المهم مع "كونوكوفيلبس". ويرى جمعة أن هذا التأجيل سيسمح لأسواق المقاولات والأسواق المالية باستيعاب أفضل للمشروع، كما سيضفي مزيدا من القوة على المشروع على المدى البعيد، فيما قال جيم مولفا رئيس شركة كونوكوفيلبس "نعتقد أن هذا التأجيل القصير سيتيح الوقت الكافي لإزالة الغموض الذي يكتنف الأسواق في هذه الآونة، كما سيسهم في توفير أسسٍ أقوى لنجاح أعمال المصفاة على المدى البعيد"، أما عن مصفاة الجبيل فقد أكد خالد الفالح الرئيس المقبل لـ"أرامكو السعودية" أنه لم يتقرر بعد إعادة إصدار المناقصة، وإنما تمديد تاريخ تقديم العطاءات، كي يمكن للشركات تقديم عروض مناسبة بدرجة أكبر، فيما أكد ناطق باسم الشركة الفرنسية استمرارية المشروع إلا أنه أشار إلى ظهور تطورات جديدة مثل الأزمة المالية والاقتصادية والتي يتعين أن تضع الأسواق النفطية ذلك في الحسبان.
ويؤكد الدكتور راشد أبانمي، الخبير البترولي المعروف، أن مشاريع الطاقة تأثرت بشكل مباشر بأزمة السيولة المالية العالمية وصعوبة الحصول على التمويل والاقتراض من المصارف في عمليات التمويل، وبين أبانمي أن "أرامكو" تمول مشاريعها عن طريق الاقتراض، مشيرا إلى أن كافة المشاريع تبنى على توقعات مستقبلية وتمويلية عن طريق الاقتراض، وأضاف الخبير البترولي المعروف، أن الاقتراض ليس دليلا على وجود أزمة مالية، ولكن هو جزء من الخطط، مؤكدا أن جزءا من نجاح بعض الاستثمارات يتمثل في دخول البنوك ليس في التمويل فحسب، بل في دراسة الجدوى أيضا.
وقال أبانمي "إن كافة القرارات لها تكلفتها"، مبينا في هذا الصدد أن تأجيل طرح المصفاتين أمر مكلف، كون عمليات التأجيل غير محددة الخسائر، والشريك الأجنبي له دور كبير في ذلك، إذ إن هامش الربحية سيكون أقل عما هو متوقع في ظل الظروف الراهنة.
من جانبه يرى سداد الحسيني، خبير بترولي، أن الاقتصاد العالمي مهما مر بأزمات، يبقى في حاجة إلى الطاقة، ولا يمكن التحرك دون طاقة، ويعتقد الحسيني أن المرحلة الحالية هي مرحلة مشابهة لمراحل سابقة مشابهة، مبينا أنه من الممكن أن تتوقف الاستثمارات البترولية خلال العامين المقبلين، لكن ليس هناك بد من العودة إلى الاستثمارات البترولية.
وقال الحسيني، الذي كان يشغل نائبا لرئيس "أرامكو"، إن مشاريع إنشاء مصاف للنفط هي أكثر المشاريع البترولية حاجة للتمويل الخارجي، لكنه يؤكد أن البنوك والممولين الخارجيين إذا رأوا أن هناك مساهمة كبيرة وجادة من طرف الشركات التي تشغل المنشآت لن يكون لديها تحفظ.
وبين الحسيني أنه من الضروري إعادة النظر في مشاريع إنشاء مصاف للنفط، كون الأرباح محدودة جدا في هذه المشاريع.
وكانت "أرامكو" ستقيم شركة مشتركة مع "كونوكو فيلبس" لبناء المصفاة التي ستزودها "أرامكو" بالنفط، تتملك بموجبها كل من "أرامكو" و"كونوكو فيليبس" ما نسبته 35 في المائة من المشروع، فيما سيتم طرح 30 في المائة للاكتتاب العام، وحول مصفاة الجبيل، ستمتلك "أرامكو السعودية" مبدئياً نسبة 62.5 في المائة من أسهمها، فيما تمتلك "توتال" نسبة 37.5 في المائة المتبقية. مع طرح نسبة 25 في المائة من أسهم الشركة للاكتتاب العام للمواطنين السعوديين، على أن يحتفظ الشريكان المؤسسان بحصة 37.5 في المائة من الملكية لكل منهما. ومن المقرر أن تنتج المصفاتان أقصى قدر ممكن من الديزل ووقود النفاثات، إضافة إلى 700 ألف طن من البارازايلين، و 140 ألف طن من البنزين، و200 ألف طن من البروبيلين من درجة البوليمر.

الأكثر قراءة