إلى أين يتجه الدولار وسعر صرفه؟

توصلنا إلى ثلاث دورات ارتفاع وثلاث دورات انخفاض في الفترة من 1970 - 2014. وكانت دورات انخفاض سعر صرف الدولار الحقيقي، في المتوسط، أقوى وأطول أمدا من دورات ارتفاع سعر الصرف الحقيقي. ويبلغ متوسط ارتفاع سعر الصرف الحقيقي 3.2 في المائة في السنة، وبلغ متوسط الفترة أكثر من ست سنوات "ثماني سنوات في حالة عدم إدراج الارتفاع الجاري في سعر صرف الدولار"؛ ويبلغ المتوسط السنوي لانخفاض سعر الصرف الحقيقي 3.8 في المائة، ووصل متوسط المدة إلى ما يقرب من تسع سنوات. إضافة إلى ذلك، فإن هذه الدورات متواصلة. فالفترة التي تشهد ارتفاعا في سعر الصرف الحقيقي يحتمل بنسبة 83 في المائة أن تتبعها فترة أخرى من ارتفاع وليس انخفاض سعر الصرف. وبالنسبة لانخفاض سعر الصرف الحقيقي، تصل احتمالية استمرارها إلى نحو 88 في المائة.
ومن أجل إثبات النتائج التي توصلنا إليها، استخدمنا تحليل الأحداث، الذي يسعى إلى الربط بين سلوك إجمالي الناتج المحلي في اقتصادات الأسواق الصاعدة بمرور الوقت، حسب ما إذا كان الدولار يمر بدورة ارتفاع أو انخفاض.
واتضح من هذا التحليل أنه، باستثناء أمريكا الوسطى والمكسيك، ينخفض إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في كل منطقة أثناء فترات ارتفاع سعر صرف الدولار. وينطبق هذا النمط على أمريكا اللاتينية إجمالا، رغم تأثير أمريكا الوسطى والمكسيك، خاصة في أمريكا الجنوبية، وهي مصدر صاف وقوي للسلع الأولية. وينطبق أيضا على اقتصادات الأسواق الصاعدة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وكذلك أوروبا الصاعدة. وينطبق بدرجة أقل على آسيا الصاعدة. وفي متوسط الحالات، ينخفض تراكم إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في أمريكا اللاتينية بمقدار سبع نقاط مئوية أثناء دورة ارتفاع سعر الدولار مقارنة بتراكمه أثناء دورة انخفاض سعر الدولار. وتسجل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فروقا أعلى من ذلك - نحو 21 نقطة مئوية - وإن كانت الفروق أقل حدة في آسيا الصاعدة، مقارنة بأمريكا اللاتينية فتبلغ سبع نقاط مئوية. غير أن الفرق ليس ملحوظا بهذا الشكل في أمريكا الوسطى والمكسيك، ربما نتيجة قوة روابطها مع الولايات المتحدة خارج نطاق السلع الأولية، مثل روابط التجارة والسياحة وتحويلات العاملين في الخارج. ويعمل الرابط التجاري من خلال الطلب الخارجي على السلع. وتسهم السياحة في دفع الطلب الخارجي على الخدمات. وتحويلات العاملين في الخارج تنقل الموارد من الولايات المتحدة إلى المكسيك وأمريكا الوسطى والكاريبي، وتسهم جميعا في دعم الطلب المحلي والدخل في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية المشار إليها، ما يوازن أثر الدخل السلبي من اكتساب الدولار للقوة. والبلدان التي تربط عملاتها بالدولار، أو التي تستخدم الدولار مثل عملتها المحلية، غالبا ما تكون أكثر تزامنا مع دورة الدولار.
وفيما عدا أمريكا الوسطى والمكسيك، تشهد جميع المناطق والمناطق الفرعية نموا أقوى بكثير في الطلب المحلي الحقيقي عندما يزداد انخفاض سعر صرف الدولار. وفي كثير من المناطق، يهبط الطلب المحلي أو يظل ثابتا بالفعل عندما يأخذ سعر صرف الدولار في الارتفاع. وهذا مؤشر قوي على التأثير السلبي عند اكتساب الدولار للقوة في القوة الشرائية للطلب المحلي. ويشير ذلك بدوره إلى أن انخفاض الدخل بالدولار الذي ينتج من ضعف أسعار السلع الأولية "عادة ما يشار إليه بأثر الدخل" أهم من زيادة النشاط الاقتصادي التي عادة ما تصاحب الصادرات عند انخفاض سعر صرف العملة المحلية.
أخذ الدولار في الارتفاع منذ منتصف عام 2014 على الأقل، واستنادا إلى البيانات التاريخية، هناك احتمال يزيد على 80 في المائة أن يواصل الارتفاع على المدى القصير إلى المتوسط - اتساقا مع دورات ارتفاعه التي تمتد بين ست وثماني سنوات، التي حددناها. ويعني ذلك أن أسعار السلع الأولية بالدولار من المرجح أن تظل ضعيفة، والطلب المحلي وانخفاض القوة الشرائية بالدولار يعنيان أن نمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي في اقتصادات الأسواق الصاعدة أبطأ ما سيكون عليه عندما يهبط الدولار.
وإذا بدأ الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة وسحب السياسة النقدية التوسعية الاستثنائية التي بدأها أثناء الأزمة المالية العالمية، ستزداد الاحتمالات بأن يظل الدولار قويا. ويرجح تراجع التدفقات الرأسمالية الداخلة إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة في أفضل الأحوال "وقد يهرب رأس المال وفقا للسيناريو الأسوأ"، الأمر الذي يمكن أن يؤدي إلى تفاقم آثار ضعف أسعار السلع الأولية. إضافة إلى ذلك، قد تزداد تكاليف التمويل الدولية. ويعني ذلك، بوجه عام، أن الآفاق الخارجية لهذه الاقتصادات ليست واعدة.

المزيد من الرأي