حلول إسكانية

[email protected]

الدور المأمول لمعارض العقار
ظهرت المعارض بمفهومها المعاصر في أوروبا منذ منتصف القرن الثامن عشر الميلادي، مع بدايات النهضة الصناعية، وقد خصصت في ذلك الوقت لعرض المنتجات الصناعية والتجارية. ومع نجاح فكرة المعارض في استقطاب أعداد كبيرة من الزوار في وقت قصير، وتنشيط سوق المنتجات المعروضة، وعقد عدد أكبر من الصفقات الكبيرة، والدعاية الناجحة والمثمرة للمنتجات الجديدة المتوقع طرحها في الأسواق، اتسعت صناعة المعارض وتعددت في تخصصاتها وطبيعتها وحجمها، فظهرت بجانب المعارض المحلية المعارض الإقليمية وكذلك العالمية. كما أصبحت المعارض أكثر تخصصية لكل نوع من أنواع المنتجات: مثل: معارض السيارات، ومعارض مواد البناء، ومعارض الأثاث، وغيرها من أنواع المعارض. وظهر ضمن كل ذلك المعارض المخصصة للعقار، وأصبحت مهرجانات وتظاهرات فاعلة لعرض مختلف أنواع التطور الثقافي والتقني والفني في مجال العقار.
وعلى الرغم من أن أول معرض للإسكان أقيم في باريس في النصف الأخير من القرن العشرين الميلادي، إلا أن هناك اليوم العشرات بل المئات من المعارض المخصصة للعقار التي تقام بشكل دوري في جميع أنحاء العالم. وقد حظيت دول الخليج العربي بنسبة من هذه المعارض، التي شاركت بشكل فاعل في الدفع قدما بسوق العقار، والعمل على تأصيله. ونتيجة للجودة المتميزة في أساليب العرض، وما يصاحبها من جهود وتكاليف مالية كبيرة، استقطبت معارض العقار في دول الخليج أعدادا متزايدة من الزوار على مدى عمرها القصير نسبيا. وسبب الإقبال الكبير على المعارض هو كونها تقدم أحدث ما هو متوافر في قطاع العقار المحلي، وتمنح الزوار نظرة على ما سيقدم في المستقبل القريب.
ومما لا يخفى على القارئ أن الغالبية العظمى مما يعرض في معارض العقار يعد ضمن المنتجات الإسكانية، ولا غرابة في ذلك، فأكثر من 80 في المائة من النسيج العمراني في مدننا مخصص للإسكان. وقد حققت المعارض العقارية عددا من النجاحات على صعيد تطوير المنتجات الإسكانية، فقد دفعت بمشاريع الإسكان الشامل إلى أسواق المنطقة بشكل واضح وقوي. فمدينة الرياض – على سبيل المثال – مقبلة على تسعة مشاريع تطوير إسكاني شامل تضم أكثر من 105 آلاف وحدة سكنية (كما أعلنت ذلك أمانة مدينة الرياض منذ أشهر قليلة). ونتيجة للتنافسية الإيجابية في المعارض العقارية ارتقى أيضا مستوى جماليات التصاميم المعمارية لكثير من المباني والوحدات السكنية المعروضة، وتحسن مستوى تناسق التصاميم العمرانية للمشاريع الإسكانية المقترحة، إلا أن الغالبية العظمى من المنتجات الإسكانية المعروضة في معارض العقار – إن لم تكن جميعها – مخصصة للأسر ذات الدخول المرتفعة جدا، أو الدخول ما فوق المتوسطة.
وكم نتمنى على المعارض العقارية من خلال الإمكانيات الكبيرة المتاحة للمشاركين فيها، وما تمنحه تظاهراتها لهم من فرصة للوصول إلى شريحة عريضة من الزوار، أن يجري التفاعل مع سوق الإسكان بإيجابية أكثر، وتقديم منتجات إسكانية تتوافق مع المقدرة المالية للأسر ذات الدخول المنخفضة والدخول دون المتوسطة، فهذه الفئة تشكل النسبة الكبرى من أعداد الأسر. كما يتعين تقديم بدائل إسكانية تلائم الأسر الشابة (أو المتكونة حديثا)، خصوصا أن مجتمعنا من المجتمعات اليافعة التي يشكل الشباب المقبلون على تكوين أسر النسبة الكبرى من تركيبتها السكانية، فالمعارض العقارية تعد فرصة جيدة لتقديم بدائل ونماذج إسكانية أخرى إضافة إلى نموذجي الفيلا والشقة، وبتقنيات بناء مبتكرة تعمل على خفض تكلفة التنفيذ وتقليص مدته، وتعتمد كذلك على مبدأ الاستدامة البيئية والاجتماعية والاقتصادية، وتسهم في ترشيد استهلاك الطاقة الكهربائية والمياه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي