أداء دول الخليج في تقرير الشفافية لعام 2008
لا يزال أداء دول مجلس التعاون الخليجي غير مقنع فيما يخص محاربة الفساد في المعاملات الرسمية كما تبين من تقرير مدركات الفساد لعام 2008 الصادر من قبل منظمة الشفافية الدولية. في التفاصيل، حافظت قطر على المرتبة الأولى بين الدول العربية قاطبة بعد أن حلت في المركز رقم 28 عالميا ما يعني تحسين ترتيبها أربع مراتب عن عام 2007. ونجحت قطر في جمع 6.5 من النقاط على المؤشر المكون من عشر نقاط ما يعني زيادة غلتها بواقع 0.5 من النقاط مقارنة بتقرير عام 2007.
بدورها نالت الإمارات في المرتبة 35 عالميا, أي ثاني أفضل نتيجة بين دول مجلس التعاون والدول العربية. وعليه واصلت الإمارات سلسلة تأخرها حيث بعد أن حلت في المرتبة 34 في تقرير عام 2007 فضلا عن 31 عالميا في تقرير عام 2006. وكانت الإمارات قد حظيت بالمرتبة الأولى خليجيا وعربيا في عام 2006 بحلولها في المركز 31 عالميا. في المقابل، حققت عمان قفزة نوعية في ترتيبها متقدمة 12 مرتبة في غضون سنة واحدة إلى المركز رقم 41 دوليا. بدورها تقدمت البحرين ثلاث مراتب إلى المرتبة 43 دوليا على خلفية تعزيز الشفافية في منح المناقصات الحكومية مثل القدرة على تقديم عطاءات إلكترونيا. من جهة أخرى، تراجع ترتيب الكويت خمس مراتب إلى المركز 65 عالميا. بدورها تأخرت السعودية مرتبة واحدة إلى المركز 80 دوليا.
مرتكزات التقرير
غطى تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2008 مستويات الشفافية في 180 بلدا وإقليما في العالم ما يعني عدم إضافة دول جديدة. اعتمد المؤشر على 13 استطلاعاً ومسحاً من تنفيذ مؤسسات عالمية من بينها وحدة المعلومات في مجموعة "الإيكونومست" البريطانية والمنتدى الاقتصادي العالمي والمعهد الدولي للتنمية الإدارية ومركز التنافسية العالمي وبيت الحرية. وشملت عمليات الاستطلاع وجهات نظر رجال الأعمال والمقيمين الأجانب بخصوص مدى تقبل السياسيين وموظفي القطاع العام الرشا. تشترط المنظمة توافر ثلاث دراسات على الأقل حتى يتم شمول أي بلد في التقرير. وتبين من التقرير استخدام خمس دراسات لتقييم أداء دول مجلس التعاون باستثناء قطر حيث تم الاعتماد على أربعة مسوحات.
تعرف منظمة الشفافية الدولية "الفساد" على أنه سوء استعمال الوظيفة في القطاع العام من أجل تحقيق مكاسب شخصية" ولا تميز المنظمة بين الفساد الإداري والفساد السياسي، أو بين الفساد الصغير والفساد الكبير. وترى أن عمليات الفساد تسلب البلدان طاقاتها وتمثل عقبة كأداء في طريق التنمية. تأسست في عام 1993 وتتخذ من برلين (ألمانيا) مقرا لها حيث تعمل على كبح جماح الفساد على مستوى العالم.
الدول الأوروبية في المقدمة
تتمتع الدول الإسكندنافية بأفضل سجل في محاربة مختلف أنواع الفساد في المعاملات الرسمية. فقد حلت كل من الدنمارك والسويد إضافة إلى نيوزيلندا في المرتبة الأولى عالميا في محاربة الفساد في المعاملات الرسمية حيث جمعت كل دولة 9.3 نقطة من أصل عشر نقاط على المقياس. لكن تم اعتبار الدنمارك في المرتبة الأولى بسب أبجدية الحروف في اللغة الإنجليزية. تشترك هذه الدول الثلاث في محدودية إمكانية قبول أصحاب القرارات, خصوصا في الدوائر الرسمية إغراءات الحصول على فوائد تجارية أو شخصية.
كما حلت أربع دول أوروبية أخرى وهي فنلندا, سويسرا, آيسلندا, وهولندا في المراتب العشر الأولى. أما على مستوى قارة آسيا فكان شرف الدولة الأولى في محاربة الفساد من نصيب سنغافورة حيث جمعت 9.2 نقطة على المقياس واستحقت بذلك المرتبة الرابعة دوليا أي ترتيب عام 2007 نفسه.
الإصلاح الإداري
تعتقد منظمة الشفافية الدولية أن الإصلاح الإداري ضروري لأي دولة لم تسجل سبعا من عشر نقاط على المقياس. وكشف تقرير عام 2008 بأن 22 دولة فقط في العالم (من أصل 180 بلدا وإقليما) تمكنت من جمع سبع نقاط أو أكثر. لم تحظ أي من دول مجلس التعاون الخليجي بشرف الانضمام إلى نادي الكبار في محاربة الفساد المالي والإداري (جمعت قطر 6.5 من النقاط).
من جملة الأمور التي تطالب بها منظمة الشفافية الدولية إلزام الحكومات نفسها بنشر إحصاءات دورية دون تدخل من السلطات للتأثير في الأرقام أو تاريخ النشر لأغراض سياسية. يشار إلى أن المستثمرين الدوليين يعتمدون جزئيا على تقرير منظمة الشفافية كمتغير أثناء اتخاذ قرارات الاستثمار في الدول.
الأمر المؤكد هو أن مسألة الشفافية في المعاملات بشكل عام باتت مهمة أكثر من أي وقت مضي حيث أكدت الأزمة المالية الأخيرة, التي لم تنته فصولها, أهمية نشر إحصاءات وأرقام صحيحة في كل الظروف لتفادي خسائر ضخمة. فقد اضطرت إدارة الرئيس الأمريكي جورج بوش إلى تخصيص مبلغ ضخم قدره 700 مليار دولار من أموال دافعي الضرائب لتغطية تداعيات الخسائر التي تعرضت لها بعض المؤسسات المالية من أمثال (ليمان براذرز). ويتوقع أن ترتفع فاتورة الخسائر مع انتهاء هذه الدورة من التراجعات أو حركة التصحيح.