«بتروليوم إيكونوميست»: الارتفاع الهادئ التدريجي للنفط يمنع إشعال المضاربات

«بتروليوم إيكونوميست»: الارتفاع الهادئ التدريجي للنفط يمنع إشعال المضاربات

أكد تقرير "بتروليوم إيكونوميست" الدولي أن سوق النفط حاليا في واحدة من الفترات الجيدة، بسبب تعافي الأسعار وسرعة التوجه نحو استعادة التوازن، وساعد على ذلك انكماش العرض بفضل اتفاق "أوبك" والمستقلين، فضلا عن العوامل الجيوسياسية في الشرق الأوسط التي دفعت الأسعار بوتيرة أسرع من المتوقع.
وقال التقرير الدولي إن حالة الصعود تسيطر على السوق وتعززها بيانات الطلب التي جاءت أقوى مما كان متوقعا، مشيرا إلى أن بعض منتجي "أوبك" كانوا يعتقدون أن الربع الرابع سيكون أضعف بكثير من الوضع الحالي.
ولفت التقرير إلى أن مخزونات منظمة التعاون والتنمية لا تزال آخذة في الانخفاض حيث جري تصريف كثير من المخزونات النفطية البحرية، ويتركز المخزون الزائد الآن بشكل رئيسي في الولايات المتحدة التي تكثف جهودها لرفع مستوى الصادرات بشكل كبير، مشيرا إلى أن السوق في حالة ثقة حاليا بشأن قيام "أوبك" بتمديد التخفيضات إلى ما بعد نهاية الربع الأول حتى نهاية عام 2018.
ونبه التقرير إلى أن المخاوف من العوامل الجيوسياسية لها تأثير واسع ومن المرجح أن تستمر في جذب الأسعار نحو الارتفاعات القياسية مثلما حدث في الأسبوعين الماضيين وهو ما سيؤدى إلى أنشطة مضاربة ضخمة وهو الأمر الذي ليس من صالح السوق وسيكون بمثابة فخ صعب لسوق النفط.
وأكد أن ارتفاع الأسعار قبل الأوان وبشكل دراماتيكي ليس في صالح السوق مثله مثل الانهيارات السعرية ويجب أن يتعاون المنتجون لضمان نمو الأسعار بشكل تدريجي متوازن.
وفي سياق متصل، مالت أسعار النفط الخام إلى التراجع في الأسواق الدولية تحت وطأة زيادات مؤثرة في مستويات الإنتاج الأمريكي وارتفاع عدد الحفارات بأسرع وتيرة في خمسة أشهر ما أدى إلى تراجع الأسعار لليوم الثالث على التوالي .
يأتي ذلك فيما تكثف دول "أوبك" بالتعاون مع الشركاء المستقلين جهود رفع مستوى الامتثال لتخفيضات الإنتاج خاصة مع اقتراب موعد الاجتماع الوزاري الموسع في 30 نوفمبر الذي من المرجح أن يمد العمل بتخفيضات الإنتاج لفترة تسعة أشهر جديدة لحين سحب كامل فائض المخزونات وتضييق الفجوة بين العرض والطلب إلى أقصى مستوى ممكن.
وفي هذا الإطار، قال لـ"الاقتصادية"، الدكتور أمبرجيو فاسولي مدير مركز دراسات الطاقة في مدينة لوزان السويسرية، إن السعودية تقدم إسهامات قوية ومؤثرة في عملية استعادة التوازن في سوق النفط الخام من خلال العمل بشكل جيد على تقييد الإنتاج والصادرات بهدف امتصاص فائض المخزونات والوصول إلى سوق مستقر ومتوازن على المدى الطويل.
وأشار إلى أن السعودية ضحت في بعض الأحيان بالحصص السوقية في أسواق رئيسية مثل الأسواق الآسيوية وحتى الأمريكية حيث انخفضت الصادرات النفطية السعودية إلى السوق الأمريكية إلى أدنى مستوى في 30 عاما بحسب بيانات حديثة وهو ما يعكس الإصرار على إنجاح خطة العمل المشترك للمنتجين ودفع الأسعار إلى التعافي إلى المستوى الملائم لإنعاش مستوى الاستثمارات النفطية من جديد بعد سنوات من الكساد والانكماش.
وأضاف أن الإنتاج الأمريكي الذي لا يتجاوب مع دعوات "أوبك" للمشاركة في مسؤولية استعادة التوازن في السوق عاد ليضغط من جديد على الأسعار بعد مكاسب جيدة سابقة، مشيرا إلى أن المنتجين في المقابل يلقون برهانهم القوى على مستويات الطلب خاصة بعد تحسن مؤشرات الطلب في الصين عقب فترة من تقلص الواردات النفطية.
من جانبه، أكد لـ"الاقتصادية"، بيتر فنش مدير وكالة موديز لخدمات الاستثمار في التشيك، أن تراجع الأسعار يعود بالأساس إلى ضعف نسبي في الطلب بسبب دفء الطقس في أوروبا وهو ما قلل استخدام الوقود في التدفئة بحسب تقديرات وكالة الطاقة الدولية، مشيرا إلى أنه في المقابل يدفع تقرير آخر لمنظمة أوبك يحمل رؤى إيجابية لتوقعات الطلب السوق نحو استئناف المكاسب السعرية سريعا.
ولفت إلى أن العوامل الجيوسياسية ما زالت تضغط في اتجاه رفع الأسعار خاصة مع حدوث انقطاعات متكررة في إمدادات العراق ونيجيريا وليبيا وهو ما دفع مستوى الأسعار إلى مستويات قياسية فوق 60 دولارا للبرميل وهو ما لم يكن متوقعا مسبقا.
وتوقع أن يواصل اتفاق خفض الإنتاج نجاحاته في سوق النفط الدولي خاصة في ضوء التوافق على مد العمل به لفترة جديدة تغطي على الأرجح كامل شهور العام المقبل، لافتا إلى أن الاتفاق سيتمكن بأسرع مما يتوقع كثيرون في القضاء على المتبقي من فائض المخزونات النفطية الذي يقدر بحسب أحدث الإحصائيات بنحو 150 مليون برميل.
من ناحيته، قال لـ"الاقتصادية"، أندريه يانيف المستشار الاقتصادي البلغاري في فيينا، إن هناك مبالغة في تقدير العوامل الجيوسياسية وتأثيرها في سوق النفط، معتبرا أن منتجي الشرق الأوسط لديهم وعى كبير بضرورة دعم الاستقرار وتجنب الصدامات المسلحة التي سيكون لها – في حالة وقوعها – تأثيرات سلبية واسعة في اقتصاديات المنطقة الغنية بموارد الطاقة التي تعتمد عليها السوق العالمية بشكل رئيسي لتلبية احتياجات الطلب المتنامية.
وأضاف أن منتجي النفط الصخري استغلوا انتعاش الأسعار ليعودوا بقوة إلى السوق من خلال الإنتاج بأقصى الطاقات الممكنة وهو ما جذب الأسعار نحو تراجعات ملموسة مرة أخرى، مشيرا إلى أن الإنتاج الأمريكي وبحسب تقديرات مؤسسات دولية لن يصمد كثيرا خاصة إذا تراجعت الأسعار على نحو حاد لأنه ما زال يواجه تحديات خفض التكاليف الإنتاجية.
وأعرب عن اعتقاده بأن المنافسة سوف تزداد في الأسواق الأوروبية بين إمدادات روسيا من الغاز عبر الخطوط الأرضية وبين شحنات الغاز المسال الأمريكي، مضيفا أنه حتى هذه اللحظة ما زال الإنتاج الروسي أقل سعرا وأعلى تنافسية ولكن المنتجين الأمريكيين يعملون بشكل سريع على تحقيق التطور التكنولوجي للصناعة ما يمكن من تحقيق غزارة الإنتاج وقلة التكاليف ومن ثم زيادة القدرات التنافسية للصادرات إلى الأسواق الدولية.
وفيما يخص الأسعار، فقد هبطت أسعار النفط أكثر من 2 في المائة أثناء التعاملات أمس، متجهة نحو تسجيل ثالث خسارة يومية على التوالي بفعل تكهنات بارتفاع إنتاج الخام في الولايات المتحدة وتوقعات أكثر تشاؤما لنمو الطلب العالمي في تقرير من وكالة الطاقة الذرية.
وأشار محللون أيضا إلى أن أسعار النفط تتعرض لضغوط من موجة مبيعات عالمية في السلع الأولية وفي مقدمتها معادن صناعية مثل النيكل والنحاس، بسبب بيانات اقتصادية أضعف من المتوقع من الصين.
وهبطت عقود خام القياس العالمي مزيج برنت لأقرب استحقاق 1.33 دولار أو ما يعادل 2.11 في المائة إلى 61.83 دولار للبرميل، بحلول الساعة 17:05 بتوقيت جرينتش. في حين تراجعت عقود خام القياس الأمريكي غرب تكساس الوسيط 1.25 دولار أو 2.20 في المائة إلى 55.51 دولار للبرميل.
وتأتي التراجعات بعد أن سجل كلا الخامين القياسيين أوائل الأسبوع الماضي أعلى مستوياتهما منذ 2015 لكن المتعاملين يقولون إن السوق فقدت بعض قوة الدفع منذ ذلك الحين.
وأكد المتعاملون أنهم يحترسون من المراهنة على مزيد من الارتفاعات في الأسعار.
وقال جريج مكينا كبير محللي السوق لدى أكسي تريدر للوساطة في العقود الآجلة ”الأسعار بدأت تحتاج إلى توقف أو تراجع على ما يبدو“.
ويرجع ذلك جزئيا إلى ارتفاع إنتاج النفط الأمريكي الذي زاد أكثر من 14 في المائة منذ منتصف 2016 إلى مستوى قياسي بلغ 9.62 مليون برميل يوميا.
وقالت الحكومة الأمريكية أمس الأول، إن إنتاج النفط الصخري لشهر كانون الأول (ديسمبر) سيزيد للشهر الثاني عشر على التوالي وذلك بمقدار 80 ألف برميل يوميا.
وتراجعت أسعار النفط في السوق الأوروبية أمس، لتواصل خسائرها لليوم الثالث على التوالي، مع استمرار المخاوف بشأن تسارع الإنتاج في الولايات المتحدة لمستويات قياسية جديدة ، خاصة بعد ارتفاع أنشطة الحفر والتنقيب في منطقة الحقول الصخرية بأسرع وتيرة في نحو خمسة أشهر، ويكبح الخسائر تقرير "أوبك" الشهر الذي رفع توقعات الطلب العالمي للشهر الرابع على التوالي، بالتزامن على علامات بشأن تحسن الطلب في الصين ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم.
وتراجع الخام الأمريكي إلى مستوى 56.55 دولار للبرميل، بحلول الساعة 09:15 جرينتش، من مستوى الافتتاح 56.71 دولار وسجل أعلى مستوى 56.75 دولار وأدنى مستوى 56.48 دولار . ونزل خام برنت إلى مستوى 62.90 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 63.09 دولار وسجل أعلى مستوى 63.15 دولار وأدنى مستوى 62.76 دولار.
وأنهي النفط الخام الأمريكي تعاملات أمس الأول، منخفضا بنسبة 0.3 في المائة، وفقدت عقود برنت نسبة 0.8 في المائة، في ثاني خسارة يومية على التوالي، بفعل مخاوف تخمة المعروض في الولايات المتحدة.
وارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة بأكثر من 14 في المائة، منذ منتصف عام 2016، مسجلا مستوى قياسيا جديدا عند 9.62 مليون برميل، خلال الأسبوع المنتهي 3 تشرين الثاني (نوفمبر) الحالي.
ومن المتوقع استمرار تسارع إنتاج النفط وتسجيله مستويات قياسية جديدة، خاصة مع ارتفاع أنشطة الحفر والتنقيب في منطقة حقول النفط الصخري الأسبوع الماضي بأسرع وتيرة منذ حزيران (يونيو) الماضي.
وقالت الحكومة الأمريكية إنه من المتوقع أن يرتفع إنتاج النفط الصخري في البلاد خلال كانون الأول (ديسمبر) المقبل للشهر الثاني عشر على التوالي، خاصة مع تداول أسعار النفط قرب أعلى مستوياتها منذ منتصف عام 2015.
وتوقعت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن يرتفع إنتاج النفط الصخري في البلاد بأكثر من 80 ألف برميل يوميا إلى إجمالي 6.17 مليون برميل، وهو مستوى قياسي جديد لإنتاج النفط الصخري الأمريكي.
ورفعت منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" خلال تقريرها الشهري عن سوق النفط توقعات الطلب على نفطها للشهر الرابع على التوالي، وتتوقع "أوبك" ارتفاع الطلب إلى 33.42 مليون برميل يوميا في 2018 بزيادة قدرها 360 ألف برميل عن توقعات تشرين الأول (أكتوبر).
ومن المقرر أن تجتمع "أوبك" يوم 30 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري لبحث مستجدات السوق وتحديد سياسة الإنتاج، ومن المتوقع على نطاق واسع أن توافق المنظمة العالمية على تمديد اتفاق خفض الإنتاج العالمي لمدة تسعة أشهر أخرى حتى نهاية 2018.