الاختصاص القضائي في مجال الطيران المدني والنقل الجوي (1 من 2)
صدر نظام الطيران المدني الجديد بموجب المرسوم الملكي رقم م/44 وتاريخ 18/7/1426هـ وقد قررت المادة (180) منه أن يعمل به بعد مائة وثمانين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية وأن يلغي كل ما يتعارض معه من أحكام.
ونشر النظام في الجريدة الرسمية للدولة (أم القرى) في العدد رقم (4068) الصادر في يوم الجمعة 25 رمضان 1426هـ الموافق 28 تشرين الأول (أكتوبر) 2005م أي أن النظام أصبح نافذاً اعتباراً من 25/1/1427هـ. وطبقاً للمادة (178) من النظام أصبحت جميع أنظمة الطيران السابقة لاغية بمجرد نفاذ النظام الجديد.
ويعتبر النظام الجديد نقلة نوعية وتطويرية كبيرة إذ لأول مرة أصبح للمملكة العربية السعودية قانون شامل للطيران المدني. ويتكون هذا النظام من (180) مادة موزعة على (14) باباً، يختص كل باب بتقنين شأن من شؤون الطيران المدني والنقل الجوي. ونود في هذا المقال أن نسلط بعض الضوء على موضوع الاختصاص القضائي في الدعاوى المتعلقة بأنشطة الطيران المدني، فنقول باختصار شديد ما يلي:ـ
أولاً: الدعاوى الإدارية: قرر نظام الطيران المدني أن الهيئة العامة للطيران المدني هي السلطة المسؤولة عن جميع شؤون الطيران المدني وقد منحها النظام صلاحيات إدارية عديدة ومنها إصدار التراخيص والتصاريح للطائرات والتراخيص والتصاريح اللازمة لمؤسسات وشركات الطيران الوطنية والأجنبية لتشغيل خطوطها الجوية المنتظمة أو رحلاتها غير المنتظمة, ومراقبة تطبيق أحكامها وكذلك التراخيص اللازمة لإنشاء وتشغيل شركات ووكالات الشحن الجوي والخدمات الأرضية للطائرات ووكالات المبيعات وتحديد المقابل المالي، والمراقبة والتدقيق والتفتيش على عمليات مؤسسات وشركات النقل الجوي الوطنية والأجنبية لضمان مراعاة تطبيق أحكام التراخيص والتصاريح، وتعديل أو تعليق أو إلغاء أو إنهاء أي رخصة أو تصريح، وتطبيق الجزاءات المقررة نظاماً على المخالفين لأحكام النظام ولائحته وغير ذلك من الأمور التنظيمية لمرفق الطيران المدني.
وقررت الفقرة (أ) من المادة (174) تكوين لجنة من خمسة أعضاء يكون أحدهم على الأقل ذا مؤهل نظامي يتولى رئاستها، وتختص بالنظر في جميع مخالفات أحكام هذا النظام ولائحته وتصدر قراراتها بالأغلبية وتعتمد من رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للطيران المدني أو من يفوضه، ويجوز التظلم من قراراتها أمام ديوان المظالم خلال ستين يوماً من تاريخ إبلاغ ذوي الشأن. وقررت الفقرة (ب) من المادة (174) أنه إذا رأت اللجنة المذكورة أن المخالفة تستوجب في نظرها الحبس أو المصادرة أو غلق النشاط فتحال إلى ديوان المظالم ابتداء للفصل فيها.
ثانياً: الدعاوى الجزائية: حددت مواد الباب الحادي عشر من النظام الجرائم والأفعال التي ترتكب ضد أمن الطيران المدني وسلامته وحددت مواد الباب الثاني عشر العقوبات والجزاءات الواجب تطبيقها على مرتكبي هذه الجرائم والأفعال. وقررت المادة (172) من النظام ما يلي:ـ
1- يختص ديوان المظالم بنظر جميع الجرائم التي تقع مخالفة لأحكام هذا النظام أو لائحته أو القرارات أو التعليمات الصادرة في شأنه، وذلك إذا ارتكبت في إقليم المملكة أو على متن الطائرات المسجلة في المملكة أو على متن الطائرات التي يشغلها سعودي فوق أعالي البحار أو الأماكن غير الخاضعة لسلطة أي دولة.
2- تحرك الدعوى الجنائية في جميع الأحوال بناء على طلب الهيئة.
وجدير بالذكر هنا أن نظام القضاء الجديد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/87 وتاريخ 19/9/1418هـ قرر إنشاء محاكم جزائية، ويترتب على ذلك في تقديري تعديل المادة (172) من نظام الطيران المدني على نحو يقضي بنقل الاختصاص القضائي بشأن الدعاوى الجزائية المتعلقة بمرفق الطيران المدني من ديوان المظالم إلى المحاكم الجزائية.
ثالثاً: دعاوى حوادث الطيران: وتنقسم الدعاوى المتعلقة بحوادث الطيران إلى نوعين هما:ـ
1- دعاوى البحث والإنقاذ:
حددت المادة (120) من النظام المقصود بالبحث والإنقاذ بأنه (كل معونة تقدم ولو بمجرد الإعلان لطائرة تتعرض للهلاك أو يهددها خطر وصعوبات أو يقوم شك أو خوف على سلامتها ويشمل ذلك المعونة التي تقدم لمن على متنها). وقررت المادة (121) من النظام أن الهيئة العامة للطيران المدني هي الجهة المسؤولة عن القيام بعمليات البحث والإنقاذ للحوادث الجوية في المناطق المختلفة في إقليم المملكة، وقررت المادة (131) من النظام أن يختص ديوان المظالم بالدعاوى الناشئة عن البحث والإنقاذ عند وقوع الحادث في المملكة أو في أعالي البحار أو في مطار غير خاضع لسيادة أي دولة، وذلك في إحدى الحالات الآتية:
أ - إذا كانت الطائرة التي تم البحث عنها أو إنقاذها مسجلة في المملكة.
ب – إذا كان المدعي يحمل جنسية المملكة.
ج – إذا كانت الطائرة التي تم البحث عنها أو إنقاذها موجودة في إقليم المملكة.
كما قررت المادة (132) أن لا تسمع الدعاوى الناشئة عن البحث والإنقاذ بعد انقضاء سنتين من تاريخ الانتهاء من البحث والإنقاذ.
2 – دعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها الطائرات للغير على سطح الأرض:
قررت الفقرة (1) من المادة (141) أن لكل من أصيب بضرر على سطح الأرض في إقليم المملكة الحق في الحصول على تعويض من مشغل الطائرة بمجرد ثبوت أن الضرر قد نشأ مباشرة من الطائرة وهي في حالة طيران أو من شخص أو شيء سقط منها. ويعد الضرر الواقع على السفينة أو الطائرة المسجلة في المملكة وهي في أعالي البحار كأنه وقع في إقليم المملكة. وحددت الفقرة (2) من المادة المذكورة آنفاً الحالات التي تستثنى من أحكام الفقرة (1) من هذه المادة. كما حددت المواد من (142) إلى (149) من المسؤول عن الضرر وقواعد المسؤولية التضامنية وحالات الإعفاء من المسؤولية وتخفيضها والحد الأقصى للمسؤولية وحالات المسؤولية غير المحدودة عن الضرر وحدود المسؤولية في حالة تعدد المسؤولين وغير ذلك من القواعد المتعلقة بهذا الشأن وهي أمور ليس هنا مجال شرحها وإنما الذي يهمنا الإشارة إليه أن المادة (151) من النظام حددت الجهة المختصة بدعاوى التعويض عن الأضرار التي تسببها الطائرات للغير وهي على سطح الأرض حيث قررت ما يلي:ـ
1 – تقام دعوى التعويض عن الأضرار التي تسببها الطائرات للغير على سطح الأرض في إقليم المملكة، وكذا الأضرار التي تقع على السفن والطائرات السعودية في أعالي البحار أمام ديوان المظالم.
2 – يجوز الاتفاق بين واحد أو أكثر من المدعين، وواحد أو أكثر من المدعى عليهم على إقامة الدعوى أمام محاكم أي دولة أخرى أو أن يعرضوا النزاع على هيئة تحكيم في إقليم المملكة أو أي دولة أخرى.
3 – إذا رفعت دعوى التعويض أمام ديوان المظالم فعليه التأكد من أن المدعى عليه وجميع الخصوم الآخرين أولي الشأن قد تم إعلانهم بكل إجراء يخصهم، وأنه قد تهيأت لهم فرص عادلة وملائمة للدفاع عن مصالحهم.