قراءة اقتصادية لقمة التعاون في الدمام

[email protected]

لم يكن مفاجأ التئام قادة دول مجلس التعاون الخليجية يوم الثلاثاء الماضي في الدمام لعقد قمتهم التشاورية العاشرة. وكما يقال إذا عرف السبب بطل العجب. ويعود السبب بالضرورة باحتفال شركة أرامكو السعودية بمرور 75 عاما على تأسيسها. تحتضن منطقة الدمام أهم مقرات الصناعة النفطية في المملكة وفي مقدمتها شركة أرامكو السعودية. كما أن الاحتفال بالصناعة النفطية في هذه الفترة يحمل الكثير من المعاني وذلك على خلفية استمرار ارتفاع الأسعار لعدة سنوات متتالية.
تنفيذ السوق المشتركة
وكما كان متوقعا أشاد البيان الختامي للقمة التشاورية بمشروع إنشاء جسر قطر والبحرين. وجاءت الإشادة في محلها لأن تشييد جسر (المحبة) عبارة عن تطبيق عملي مشروع السوق المشتركة الخليجية. يرتكز مفهوم السوق المشتركة على منح وسائل الإنتاج مطلق الحركة في التنقل بين الدول الأعضاء. بدأت دول مجلس التعاون بتنفيذ متطلبات السوق المشتركة بين الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي في بداية عام 2008.
يشتمل مشروع السوق المشتركة بين دول مجلس التعاون الخليجي على عشرة مسارات هي: 1) حرية التنقل والإقامة. 2) العمل في القطاعات الحكومية والأهلية. 3) التأمين الاجتماعي والتقاعد. 4) ممارسة المهن والحرف. 5) مزاولة جميع الأنشطة الاقتصادية والاستثمارية والخدمية. 6) تملك العقار. 7) انتقال رؤوس الأموال. 8) المساواة في المعاملة الضريبة. 9) تداول وشراء الأسهم وتأسيس الشركات. 10) الاستفادة من الخدمات التعليمية والصحية والاجتماعية.
وجاء توقيع عقد إنشاء الجسر في إطار اجتماعات الدورة الثامنة للجنة العليا للتعاون المشترك بين قطر والبحرين والتي عقدت في وقت سابق من الشهر الجاري. يتوقع أن يصبح الجسر جاهزا في عام 2013 لمرور المسافرين فضلا عن نقل البضائع.
كما أشاد البيان الختامي بقرار كل من السعودية وقطر بالسماح لمواطني البلد الآخر بعبور الحدود عن طريق استخدام البطاقات الذكية. بدورنا نرى صواب هذه الخطوة لأنها تندرج في إطار تسهيل انتقال رعايا البلدين الأمر الذي يخدم الوصول إلى مبتغى تنفيذ مسارات السوق المشتركة الخليجية.
مواجهة التضخم
من جهة أخرى، ناقش القادة تنامي ظاهرة التضخم في المنطقة. تعد ظاهرة التضخم (أي ارتفاع الأسعار وبقائها مرتفعة) قضية الساعة في جميع دول مجلس التعاون الخليجي بلا استثناء. بيد أنه تعاني قطر أكثر من غيرها بين دول المجلس هذه الظاهرة. استنادا لتقرير أصدره صندوق النقد الدولي، بلغت نسبة التضخم في قطر 14 في المائة في عام 2007. كما سجل الاقتصاد الإماراتي نسبة تضخم قدرها 11 في المائة في عام 2007 مشكلا ثاني أسوأ مستوى لارتفاع الأسعار بين اقتصادات دول مجلس التعاون.
يشكل تراجع قيمة الدولار الأمريكي أحد أسباب التضخم (المستورد) لدول مجلس التعاون. بيد أنه لا يبدوا في الأفق وجود نية لتغيير هذه السياسة في الوقت الحاضر بدليل تكرار تأكيد محافظي البنوك المركزية بين الحين والآخر على مواصلة هذا الخيار الاقتصادي. تعد الكويت مستثنية حيث قررت منذ أيار (مايو) لعام 2007 ربط عملتها بسلة من العملات تشمل ولكن لا تقتصر على الدولار. في المقابل، تركز دول المجلس على مسألة التحويلات المالية (زيادة الأجور وتخفيض رسوم الخدمات الحكومية) للمواطنين لغرض مواجهة معضلة التضخم.
الاتحاد الجمركي
كما تطرقت القمة لموضوع آخر يخدم عملية التكامل الاقتصادي وتحديدا الاتحاد الجمركي. لكن لوحظ أن البيان الختامي لم يشر إلى بعض القضايا العالقة في تطبيق المشروع بشكل كامل مثل كيفية اقتسام الإيرادات الجمركية بين الدول الأعضاء.
يعود تاريخ دخول اتفاقية الاتحاد الجمركي إلى حيز التنفيذ عام 2003. استنادا للخطة الأصلية، كان المفروض أن تنهي دول الخليج الإجراءات المطلوبة لتحقيق الاتحاد الجمركي مع نهاية عام 2005. بيد أنه قرر قادة دول المجلس في القمة السادسة والعشرين والتي عقدت في أبو ظبي بمضاعفة الفترة الانتقالية. عموما، يستشف من بيان التشاورية استمرار وجود نقاط خلاف بين الدول الأعضاء في بعض التفاصيل المتعلقة بمشروع الاتحاد الجمركي والذي يرتكز أصلا على مبدأ توحيد السياسات التجارية مع الدول غير الأعضاء في المنظومة.

الاتحاد النقدي
في المقابل، لم يتطرق البيان الختامي لمسألة الاتحاد النقدي والمزمع إطلاقه في عام 2010. يتضمن مشروع الاتحاد النقدي مجموعة من المعايير تتمثل في تقييد الدين العام بنسبة 60 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي. كما على الدول التأكد بعدم ارتفاع العجز في الموازنة العامة بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلى الإجمالي. أيضا المطلوب من الدول الأعضاء في الاتحاد النقدي ضمان عدم ارتفاع مستوى التضخم عند متوسط الدول الأعضاء زائد 2 في المائة. كما ينبغي ألا تزيد أسعار الفائدة على متوسط أدنى ثلاث دول زائد 2 في المائة. أخيرا المطلوب من الدول الاحتفاظ بقدر من الاحتياطي يغطي قيمة واردات لمدة أربعة أشهر. لكن لا مناص من مناقشة الموضوع في القمة التاسعة والعشرين في مسقط نهاية العام الجاري لسبب جوهري وهو قرار عمان عدم الانضمام لمشروع الاتحاد النقدي.

عضو مجلس النواب في البحرين

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي