الخود والخوندات

الخود لغة هي الفتاة الناعمة الحسناء كما وصفها الشاعر:
طفلة خود رداح هام قلبي بهواها

وصفة "الخود" لا تطلق على "الحسناء" – بعد سن الثلاثين – كما ذكر الشاعر الأبيوردي الذي كانت منية نفسه (خود غريرة مراهقة) كانت مع سرب من العذارى حيث قال:
وسرب عذارى عن عقيل سمعنني وراء بيوت الحي مرتجزا أشدو
وفيهنّ هند وهي خود غريرة ومنية نفسي دون أترابها هند
فقلن لها من أين أوضح ذا الفتى ومنشؤه غورا تهامة أو نجد

ولكنه بعد عشرات السنين يقول عن (الخود الغريرة)، التي كانت حينذاك قد (أشعلت عواطفه) تلك العواطف التي ذكرته بتلك "الخود" يقول:
تجافيت عنها وهي خود غريرة فهل أبتغيها وهي شمطاء عانس

وعن "خوده" هذه التي خذلته قبل عشرات السنين تذكر قول "الأعشى":
أرى سفها بالمرء تعليق (لبه) بغانية خود متى تدن تبعد
ولكن الشاعر شاغل الدنيا أبو الطيب المتنبي.. لا يسمح لقلبه أو لبه أن يتعلق (بالخود) .. بل يعطيها من وقته "ساعة" ثم يتركها إلى الأبد كما قال:
"وللخود" في ساعة ثم بيننا "فلاة" إلى غير اللقاء تجاب

.. وهنا يبرز سؤال نفترض فيه حسن النية، هذا السؤال يقول:
كم كان عمر أبو الطيب المتنبي عندما لا يعطي "الخود" من وقته سوى ساعة.. ثم يتركها – تجوب في فلاة فلا يعود بعدها؟ والجواب الذي فيه (حسن النية أيضا) أن المتنبي ربما كان في السبعينيات؟! متحسرا على (شبابه) كما تحسر أبو العتاهية عندما قال...
بكيت على الشباب بدمع عيني فلم يغن البكاء ولا النحيب
فيا أسفا أسفت على شباب نعاه الشيب والرأس الخضيب
عريت من الشباب وكان غضاً كما يعرى من الورق القضيب
فيا ليت الشباب يعود يوما فأخبره بما صنع المشيب
وهناك (خبرا) آخر لو عاد الشباب؟!.. ولكن (في المشمش).
وفعلا هام المتنبي في (فلاة) قتله فيها فاتك الأسدي...

"والخود الغريرة" تغنى بها كل الشعراء في كل العصور والتي تعهد الشاعر عمر بن أبي ربيعة بأن ذكراها لن تفارقه حتى الموت عندما قال– إن صدق؟! فالشعراء يقولون ما لا يفعلون والذين يصدقونهم (مغفلون).
" فيهن "خود" لست ناسيها حتى تجاور حفرتي حفرا

وهناك "مصلحون" همهم أمر المسلمين وآخرون كثيرون "همهم" أمر عواطفهم كما قال الشاعر حفني ناصف :
وإصلاح أمر المسلمين اهتمامه وأكثر (همّ) الناس في غادة خود

وكما ذكر في قاموس اللغة أن الخود هي "الفتاة الحسناء الناعمة"... فماذا عن (الخوندات) في اللغة الدارجة؟!

"الخوندات" أيضا صفة للحسناء في اللغة الشعبية تتردد بشكل نادر.. وأبرز من ذكرها الشاعر "ابن عمار" في ألفيته المشهورة الذائعة الصيت عندما قال:
الألف أولف من جواب نظيفي ودموع عيني فوق خدي ذريفي
من لامني في حب خلي وليفي دقاق رمش العين سيد الخوندات
خوندات يللي ما بعد عاشرنه قل له تراهن بالهوى يذبحنه
قلبي وقلبك يا المشقي خذنه عزىّ لمن مثلي تعرض للآفات

وربما كلمة (خوندا) – مفرد خوندات – جاءت من اللغة التركية .. حيث كان ذكر في التاريخ أن (مسجد قايتباي) في الفيوم شيدته زوجة السلطان قايتباي وهي السيدة (خوند) عام 1476م. كما كانت (خوند بركة) أم السلطان سفيان -1369م- شديدة الكرم وقد تزوجت من الأمير الجاي اليوسفي.. وهناك اللاتي قتلن في الهجوم التركي عام 2007م على الأكراد في شمال العراق ومنهن (خوندا) فراشين... واسم خوندا شائع عند الأكراد.

وربما كانت (خوندة) ابن عمار والتي خذلته فيما بعد ـ ربما فيها أصل تركي ـ ولا سيما وكثير من الرجال في نجد أسماؤهم (تركي).

وسواء كانت "خودا" أو "خوندة" فإن التعلق بهن فيه خطورة على العشاق وآخرتها هي (لطم على ... الخدود)... يا خود.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي