أسلوب احتساب نسب التضخم يغير من مستوياته
ورد رقمان مختلفان لمعدل أو نسبة التضخم في السعودية عام 2007م. فبعض المصادر تذكر أن نسبة التضخم 4.1 في المائة ومصادر أخرى تذكر أن نسبة التضخم في السعودية 6.5 في المائة، فأي النسبتين تعد صحيحة؟ ورغم الفارق الكبير بين النسبتين فإن استخدام أي منهما يعد صحيحاً. فالنسبة الأولى تعكس تغير معدل الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لعام 2007 مقارنةً بمعدله في عام 2006، بينما تعكس النسبة الثانية تغير الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لكانون الأول (ديسمبر) من عام 2007 مع الرقم القياسي لكانون الأول (ديسمبر) عام 2006. ويمكن استخدام تغيرات المعدلات السنوية للرقم القياسي لتكاليف المعيشة لاحتساب معدلات التضخم، وذلك بسبب توزع الإنفاق على طول العام وعدم اقتصاره على شهر أو لحظة معينة. ويمكن أيضا استخدام تغير الرقم القياسي لتكاليف المعيشة لكانون الأول (ديسمبر) من عام 2007 مع مقابلة من العام السابق والذي يقيس مدى تغير الأسعار خلال عام 2007.
واستخدام تغير الرقم القياسي لكانون الأول (ديسمبر) مع الشهر نفسه من العام الذي قبله أدق في احتساب إجمالي تغيرات مستويات الأسعار الحادثة خلال العام، بينما يعكس تغير المعدل السنوي ارتفاع تكاليف الإنفاق خلال العام الذي تواجهه الأسر. ويقلل استخدام المعدلات السنوية للأرقام القياسية لتكاليف المعيشة من تأثير الارتفاعات العابرة للأسعار والتي قد تضخمها المقارنات بين الأرقام الشهرية. وقلل استخدام التغيرات في المعدل السنوي من حدة التضخم المتصاعدة في النصف الثاني من عام 2007.
ويتعمد بعض مستخدمي البيانات ذكر أحد النسبتين بناءً على رغبة أو تحيز لإظهار ارتفاع أو انخفاض معدل التضخم. فالبعض يستخدم تغير المعدل السنوي للرقم القياسي لتكاليف المعيشة لعام 2007 للتعبير عن التضخم إذا كانت لديهم رغبة في إظهار انخفاض نسبة التضخم، بينما قد يستخدم البعض الآخر التغير لشهري كانون الأول (ديسمبر) مع مقابلة من العام الذي قبله للتعبير عن التضخم إذا كانت لديهم رغبة في إظهار ارتفاع نسبة التضخم. ولا ينبغي أن يقود انخفاض المعدلات السنوية للتعبير عن التضخم في عام 2007 إلى الاعتقاد بأنها دائماً تقلل من معدل التضخم بدرجة تفوق استخدام تغير الرقم القياسي لكانون الأول (ديسمبر) 2007 مع الشهر نفسه عام 2006. فلو افترضنا بقاء الأسعار خلال عام 2008 دون تغير عند مستوى لكانون الأول (ديسمبر) 2007، ( أي ظل أي الرقم القياسي طول عام 2008 عند مستوى 110.2) فإن التغير في معدل الرقم القياسي السنوي سيبلغ نحو 4 في المائة، بينما لن يشهد الرقم القياسي الشهري لنهاية 2008 أي تغيير مع نهاية 2007م. وبناءً على ما سبق، فإن من المتوقع أن يؤدي استخدام تغير المعدل السنوي في عام 2008م لاحتساب معدل التضخم إلى رفع مستوياته. أما إذا ارتفعت المعدلات الشهرية بنسبة هذا العام نفسه وهي 6.5 في المائة (وهو أمر وارد)، فإن نسبة التضخم السنوية لعام 2008 باستخدام أسلوب المقارنة بين المعدلات السنوية ستبلغ 10.7 في المائة، وهو معدل مرتفع ومقلق. وقد نجد في العام المقبل استخدام التغير بين الرقمين القياسيين لشهري كانون الأول (ديسمبر) من عام 2008 وعام 2007 لمن يريد إظهار انخفاض نسبة التضخم، واستخدام التغير بين المعدلين السنويين لعامي 2008، 2007 لمن يريد إظهار ارتفاع نسبة التضخم، وهو عكس ما هو حاصل في عام 2007.
وما يثير القلق أيضاً حول معدلات التضخم خلال العام الماضي أنها أخذت منحنى متزايداً في النصف الأخير من عام 2007، حيث ارتفعت الأسعار بحدة. فقد ارتفع الرقم القياسي العام لتكاليف المعيشة لكانون الأول (ديسمبر) 2007 بنسبة 5.3 في المائة مقارنةً بحزيران (يونيو) من العام نفسه، وهذا يعكس معدلاً سنوياً مقداره 11 في المائة. كما تعكس التغيرات في المجموعات الرئيسة المكونة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة تغيرات متزايدة للمجموعات التي تقف وراء هذا الارتفاع وخصوصا مجموعتي المواد الغذائية والسكن حيث ارتفعتا بنسبتي 8.6 في المائة، 7 في المائة، وهو ما يمثل نمواً سنوياً بنسبتي 18 في المائة، 14.6 في المائة، وهما نسبتان مرتفعتان بكل المقاييس. ويعني ارتفاعهما ضغطاً متزايداً على دخول وإنفاق المجموعات السكانية الأقل دخلاً. والملاحظ على تغير الأرقام القياسية للمجموعات الرئيسة المشكلة للرقم القياسي لتكاليف المعيشة في عام 2007 أن جميعها ارتفعت ولكن بنسب متفاوتة. ولم تشهد أي مجموعة رئيسة (خلاف السنوات الماضية) انخفاضا في قيمتها مما يدل على أن التضخم يشمل نواحي الاقتصاد كافة وأنه لا يقتصر على قطاع دون قطاع.