بيع المشاريع على الورق
تتفنن بعض الشركات العقارية، في ابتكار وسائل جديدة لتسويق وبيع مشاريعها، ومنها ما يباع على الورق، أي قبل البدء في تنفيذ المشروع أو حتى الحصول على التراخيص اللازمة من الجهات الرسمية، هناك شركات طرحت مشاريع وبالذات الفلل والشقق السكنية قبل فترة، وباعت جزءا منها حتى قبل حصولها على التصميم الابتدائي، وبعضها مضى عليها نحو السنة ولم يتم البدء في مسح الأرض، وقد تكون الشركة قد باعت ما لا يقل عن 50 في المائة من المشروع، وتسلمت الدفعة الأولى دون الحصول على الموافقة النهائية لتصميم المشروع.
هذا لا يعني أن الشركة غير ملتزمة، فهي إما أنها تملك الأرض أو حق استثمارها، ولكن إن التزمت ونفذت في وقتها فهذا هو المطلوب، إما عدم الالتزام بالتنفيذ أو تأخيره فهنا المشكلة فمن يعوض المشترين عن التأخير أو المماطلة؟ ويتوقع حينها أن تكون الحجج واهية كما جرت العادة بسبب تأخير الجهات الرسمية في إصدار التراخيص.
هذه الطفرة في البيع المسبق أو ما يسمى البيع على الورق هو تكتيك جيد استحدثته الشركات العقارية بهدف تمويل المشروع قبل البدء في تنفيذه، وتقسيطه على دفعات شهرية أو سنوية وهو حق مشروع يسهم في توفير التدفقات النقدية للشركة، لكن الخوف من انتشار هذه الظاهرة عندنا بعدما انتشرت في دول الخليج والتي شهدت طفرة في بيع الأبراج والمشاريع السكنية التي خطط لها وبعضها مازال قيد التنفيذ وبعضها أخذ وقتا أكثر مما هو متفق عليه وبعضها لم يتم البدء في تنفيذه حتى الآن.
حين تعمل شركة ما على مشروع أو عدة مشاريع وتبيع على الورق وتجمع ما لا يقل عن 10 أو 20 في المائة من مبيعات المشروع مقدما مع دفعات سنوية، تجد خزانتها قد امتلأت في السنة الأولى بالسيولة ولم تتحمل سوى مصروفات الدعاية والإعلان ورواتب الموظفين وتظهر نتائجها المالية الجيدة من مبيعات المشروع، وتدخل في مشاريع أخرى وتؤخر وقت التنفيذ المفترض للمشروع الأول من واقع ما نعيشه حاليا، وقد تدخل في مشروع أو أكثر بالطريقة نفسها وتتراكم المصروفات وتؤخر سير العمل، فقلما تجد شركة التزمت بتسليم مشروعها أو وحداتها السكنية أو المكتبية لعملائها حسب المتفق عليه.
وسؤالي: ما ذنب المشتري المسكين في التأخير والمماطلة، فهناك عقد والعقد شريعة المتعاقدين ولابد من وضع شروط جزائية على الشركات التي تتأخر في تنفيذ أو تسليم مشاريعها وإلزامها بذلك، حيث إن الشركة تأخذ حقها مقدما وتطبق العقوبات والجزاءات على المشتري في حال عدم التزامه بالسداد أولا بأول مع التهديد ببيع وحدته لآخر ومصادرة ما تم دفعه!
أتمنى أن تلتفت الجهات المختصة لهذا الموضوع وتشدد الرقابة على هذه الشركات والمشاريع وتتأكد من التزامها قبل أن تصبح ظاهرة وتستفحل وتكون وجها آخر للإسهامات المتعثرة أو مشاريع توظيف الأموال، خصوصا إننا مقبلون على طفرة عقارية غير مسبوقة في مجال الإسكان ومركز الأعمال.