جامعة الملك عبد الله تغير اتجاه العقول المهاجرة
جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية تكاد تكون أول مركز في العالم العربي ودول العالم الثالث الذي يغير اتجاه العقول المهاجرة Brain Drain. دول العالم الثالث تعاني أزمة كبيرة، ألا وهي هجرة العقول إلى دول العالم الأول وعلى وجه الخصوص إلى أوروبا وأمريكا. وهذا يكلف الدولة التي نشأوا وترعرعوا فيها الشيء الكثير فقد أنفقت عليهم دولهم مالا كثيرا لينهلوا من منابع المعرفة المختلفة، وهيأت لهم السبل لكي يحصلوا على أعلى مستويات العلم، ولكنها بعد ذلك تخسرهم ولا تستفيد من علمهم. دول العالم الثالث عليها تهيئة المبدعين والموهوبين وتعليمهم، والفائدة تذهب إلى دول العالم الأول.
ستكون جامعة الملك عبد الله منارة للإشعاع العلمي من أرض الحرمين الشريفين. وستكون قناة اتصال حضارية بين المُبدعين والمجتمعات المختلفة في جميع أنحاء العالم حيث إن العلم من أهم أسباب التقريب بين شعوب العالم وحضاراته المختلفة. كانت أرض الرسالة المباركة منبع الحضارة العربية والإسلامية استفادت منها حضارات أخرى، ولا تزال هذه البلاد المباركة منبعا للعلم المبني على الحب والتسامح.
جامعة الملك عبد الله ستحقق هذه الأهداف بإذن الله، ستسهم في الارتقاء بمستوى البحث العلمي وتحويله من بحوث نظرية Basic Research، كما نشاهدها اليوم في معظم الجامعات والمراكز البحثية في المملكة إلى أن تصبح بحوثا تطبيقية Applied Research يمكن تصنيعها والاستفادة منها محلياً. البحوث النظرية المتقدمة أساس العلوم ولكن لا يمكن الاستفادة منها في دولنا. في الواقع نحن نبحث ونعمل والفائدة كذلك للدول المتقدمة. فقد لا يستفيد منها الباحث إلا الترقية فقط.
حالياً، معظم أبحاثنا لخدمة الدول المتقدمة، خصوصاً في المجالات التقنية والهندسية والطبية فقد نبدأ في البحث من حيث انتهى باحثو الدول المتقدمة، ونحصل على نتائج متميزة وجيدة ولكن الفوائد محدودة، قد لا تزيد على رفع سمعة مركز البحوث ونقاط علمية يحصل عليها الباحث لمساعدته على الترقيات.
تعتبر المملكة من أكبر مصادر الطاقة في العالم، حيث إنها تساهم وبشكل مباشر في تحريك الاقتصاد العالمي، وهذا يجعلنا تحت المجهر والمراقبة الدائمة جميع قراراتنا ومشاريعنا الاقتصادية الآنية والمستقبلية. لذا فإنه يجب علينا أن نكون قدوة للآخرين في جميع المجالات، وعلى وجه الخصوص في مجال المعرفة. يجب أن نتحول إلى اقتصاد المعرفة، وعمل بحوث علمية تقود إلى إنشاء مصانع تناسب مع ما لدينا من إمكانات وتحقق أهدافنا الاستراتيجية، وتتواءم مع الطبيعة الجغرافية للمملكة.
ستساعد هذه الجامعة كثيرا من الطلبة المبدعين والموهوبين من الشعوب العربية والمسلمة لتحقيق رغباتهم في العمل في أرض الحرمين الشريفين، وتوفر لهم البيئة البحثية المناسبة، وتقلل من المعاناة والصعوبة التي يواجهونها في معظم دول العالم. إضافة إلي سهولة العيش وتوافر الإمكانات المادية.
هناك علماء عرب ومسلمون هاجروا إلى دول الغرب لتحقيق رغباتهم في الإبداع والتميز ولكنهم يعانون التفرقة العنصرية أحياناً، ومن تطبيق أنظمة قد تتعارض مع عاداتهم وتقاليدهم. فقد وجد الكثير منهم صعوبة في تربية أبنائهم. ولكنهم الآن قد يجدونا ضالتهم في مجتمع يتواءم مع متطلباتهم ويحقق رغباتهم.