شركات تقنية حيوية تلجأ لقطاع التشفير تعزيزاً لأسهمها

شركات تقنية حيوية تلجأ لقطاع التشفير تعزيزاً لأسهمها

شركات تقنية حيوية تلجأ لقطاع التشفير تعزيزاً لأسهمها
شركات تقنية حيوية تلجأ لقطاع التشفير تعزيزاً لأسهمها

يُفترض أن تكون هذه الشركات رائدة في مجال الطب، إلا أن بعض شركات التقنية الحيوية الصغيرة التي تخلفت بقدر كبير عن الركب في موجة الصعود الهائلة التي شهدتها سوق الأسهم، تسعى إلى إيجاد حل جذري جديد هو العملات المشفرة.

تضاعفت أسهم ”180 لايف ساينسز“، التي تعمل الآن تحت اسم ”إي تي إتش زيلا“، ثلاث مرات بعدما أعلنت الشركة التي يدعمها بيتر ثيل أنها جمعت توكنات ”إيثر“ بقيمة تزيد عن 350 مليون دولار. بعد أقل من أسبوعين، تلاشت مكاسب السهم.

وفي يوليو، ارتفعت أسهم شركة ”سونيت بايو ثيرابيوتيكس“ بنسبة 243% في جلسة متقلبة واحدة، مدفوعةً بخططها للتحول إلى صندوق استثمار عام للعملات المشفرة، بينما تضاعفت أسهم شركة ”إم إي آي فارما“ مدفوعةً بخططها لبيع أسهم لتمويل صندوق ”لايتكوين“.

تُعدّ هذه التغييرات الجذرية استراتيجيةً مُجرّبةً للشركات الصغيرة عندما تكون الأموال شحيحة والأسهم ترزح تحت ضغوط.

مسميات رائجة
بالنسبة لشركات الأدوية، قد نجد تحولاً مفاجئاً نحو السعي وراء أهداف جديدة رائجة لتحسين أوضاعها، بينما تُعيد شركات أخرى صياغة هويتها التجارية باستخدام مصطلحات رائجة مثل الذكاء الاصطناعي لتعزيز العوائد. الآن، يستخدم بعض المسؤولين التنفيذيين في شركات التقنية الحيوية العملات الرقمية لضخّ حياة جديدة في أسهمها المتعثرة.

فيما مضى من هذا العام، أعلنت 10 شركات على الأقل في قطاع التقنية الحيوية عن تحولها نحو الأصول الرقمية. وكثيراً ما تُثير هذه الإعلانات ارتفاعات حادة في أسعار الأسهم، وإن كانت قصيرة الأجل.

قال مايك تايلر، مدير المحفظة الرئيسي لصندوق "سيمبليفاي هيلث كير" المتداول في البورصة: "إذا كانت لديهم أفكار محدودة، وإذا لم يجدوا جدوى في تطوير الأدوية، فسيحاولون تبرير وجودهم كإدارة بطريقة أخرى… لدينا عدد قليل من الشركات التي تحاول إعادة ابتكار نفسها في مجال آخر. ومعظمها، إن لم يكن جميعها، لن يُفلح".

https://www.aleqt.com/sites/default/files/rbitem/2025/08/27/2441969-1727593858.jpg


لم تستجب شركتا ”سونيت بايو ثيرابيوتيكس“ و”إم إي آي فارما“ لطلبات التعليق.

عين على الدواء وأخرى ترقب العملات
في شركة ”إي تي إتش زيلا“، صرّح رئيس مجلس الإدارة ماكاندرو روديسيل بأن المساهمين سعداء بتغيير التوجه. ستواصل الشركة تمويل عملها على أدوية الأعصاب، لكن "يُرجح أن يصبح قطاع (إيثريوم) أكبر مع مرور الوقت".

تأتي التحولات نحو العملات المشفرة فيما تحاول شركات التقنية الحيوية، ذات الإيرادات الضئيلة أو المعدومة، التأقلم مع أسعار الفائدة المرتفعة وسوق التمويل المتعثرة. لقد كانت هذه خيبة أمل لسنوات طويلة لقطاع كان يحقق تقييمات بمليارات الدولارات في ذروة جائحة كوفيد-19. وقد أدت حالة عدم اليقين الناجمة عن تخفيضات إدارة ترمب لميزانيات الأبحاث والحرب التجارية إلى إضعاف الحماس في 2025.

انخفض مؤشر ناسداك للتقنية الحيوية، وهو المقياس الأكثر متابعة لأداء القطاع، بنحو 13% عن أعلى مستوى له على الإطلاق في 2021، بينما ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنحو 46% خلال الفترة نفسها.

عادةً، يضطر مطورو الأدوية الذين لم يُحرزوا تقدماً يُذكر في طرح دواء جديد في السوق إلى اللجوء إلى عمليات الاندماج العكسي أو طلب الحماية من الإفلاس لإعادة السيولة إلى المساهمين.

قال مايكل ليبوفيتز، مدير محفظة ”آر آي إيه أدفايزرز“ (RIA Advisors) الاستثمارية: "واضح أن الرؤساء التنفيذيين ومجالس الإدارة يرون في إضافة العملات المشفرة وسيلةً لتعزيز سعر السهم، ومن الناحية النظرية، زيادة الأرباح، لأنهم يعتقدون أنهم سيحققون أرباحاً من العملات المشفرة".

"محاولة أخيرة"
منذ الانتخابات الرئاسية الأميركية الأخيرة، ازدادت صعوبة جمع مطوري الأدوية لأموال عبر بيع أسهم جديدة لمستثمرين عموميين.

جمعت شركات الرعاية الصحية المدرجة في الولايات المتحدة حوالي 17.1 مليار دولار من خلال بيع أسهم جديدة وقائمة حتى الآن هذا العام، مقارنةً مع 29 مليار دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ. وما تزال الاكتتابات العامة الأولية متأخرة في هذا القطاع، حيث جمعت الشركات الجديدة في البورصات الأميركية 2.2 مليار دولار أميركي حتى تاريخه، بانخفاض يزيد عن النصف مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وفقاً للبيانات.

كما توقفت التدفقات الشهرية إلى صناديق الرعاية الصحية، وهي شبه معدومة مقارنةً بذروة بلغت حوالي 6 مليارات دولار في أبريل 2020. ولم تشهد الصناديق تدفقات إلا في أربعة أشهر فقط منذ نوفمبر 2022، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ إنتليجنس.

وصف المحلل المخضرم في مجال الرعاية الصحية ”جيفريز“ ديفيد ويندلي، هذا المزيج من العملات المشفرة والتقنية الحيوية بأنه "محاولة أخيرة لإعادة إحياء اهتمام المستثمرين".

في حين تميل أسهم الشركات إلى الارتفاع بعد التغييرات في الاستراتيجية، بيّن ليبوفيتز من ”آر آي إيه أدفايزرز“ أن الشركات تخاطر بفقدان المستثمرين الأصليين الذين اتخذوا قراراتهم الاستثمارية بناءً على أفكار شركات التقنية الحيوية. أضاف: "أنت تُقصي من يبحثون عن شراء شركات وصناعات ومنتجات محددة، وتُغريهم بأن كل ما يهمهم هو وجود العملات المشفرة".

تلاشي الخيال
مؤكد أن بعض الشركات حققت مكاسب مستدامة بعد تغيير مسارها. خذ على سبيل المثال شركة ”رايوت بلاتفورمز“، وهي من أوائل الشركات التي قامت بهذا التحول، عندما غيرت اسمها من ”بايوبتكس“ وانتقلت إلى مجال تقنية ”بلوكتشين“ في عام 2017. ارتفعت أسهم ”رايوت“ بأكثر من 60% منذئذ. مع ذلك، فإن هذه المكاسب ما تزال أدنى من تقدم السوق الأوسع، وانخفض السهم بأكثر من 80% عن ذروته في عام 2021.

هناك مخاطر أخرى ناجمة عن تبني نشاط إضافي. لم يقتصر الأمر على قطاع التقنية الحيوية، إذ أن شركات أخرى تقترض أو تبيع أسهماً بغرض استثمار العائدات في العملات الرقمية على أمل تكرار نجاح شركة "ستراتيجي" لمايكل سايلور. وقد حقق هذا النموذج نجاحاً محدوداً لمن قلدوه.

إذا انخفضت أسعار العملات المشفرة، فقد تنخفض أسعار أسهم الشركات بالتزامن. ومع استمرار الشركات الصغيرة الأخرى في تكديس استثماراتها في سندات الخزانة المشفرة، يبدأ المستثمرون بالبحث عن استثمارات أخرى.

كما أن جمع الأموال لشراء الأصول الرقمية لا يساعد بالضرورة في تمويل الشركات. فإذا حوّلت الشركة جزءاً كبيراً من عائداتها نحو عمليات التقنية الحيوية الأساسية، أو الأسوأ من ذلك، إذا باعت بعض الأصول المتراكمة، فإن جاذبيتها للمستثمرين الذين يسعون إلى الاستثمار في العملات المشفرة معرضة للخطر.

كتب ويندلي في مذكرة صدرت في أغسطس: "في حين أن اتجاه العملات المشفرة لدى شركات التقنية الحيوية مثير للاهتمام، إلا أنه قد يُمكّن كبار حاملي العملات المشفرة من التخلص من عملاتهم المشفرة، بينما تُضارب شركات التقنية الحيوية على الأصول الرقمية لتنمية احتياطياتها النقدية وجذب الانتباه".

الأكثر قراءة