الذكاء الاصطناعي يعزز قدرة الشركات على "سرعة الإفلات" ويدعم مسارات النمو
يمكن الذكاء الاصطناعي الشركات إلى ما يُسمّى بـ "سرعة الإفلات" حيث يتسارع النمو وينفصل عن القيود الاقتصادية التقليدية، وسرعة نضوج الشركات السعودية عبر مراحل تبني التكنولوجيا سيكون لها تأثير كبير على مسارات نموها، وفقا لتقرير "توقعات الرؤساء التنفيذيين في السعودية لعام 2025" الصادر عن شركة الاستشارات ستراتيجك جيرز .
وبنما شهدت السنوات الأخيرة اضطرابات اقتصادية كبيرة، من الجائحة إلى التضخم والصراعات العالمية، تراجعت بثقة المستثمرين مع استمرار حالة عدم اليقين، وزاد تصاعد النزعة الحمائية من تعقيد الوضع خاصة بعد الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب.
وسط هذه التحديات، واصلت السعودية المضي قدمًا في مسار تنويع اقتصادها بعيدًا عن الاعتماد اعلى الوقود الأحفوري، ويعد جزء من هذا التحول رؤية السعودية 2030، التي لم تسرّع فقط وتيرة المبادرات المستدامة، بل ساعدت أيضًا في دفع عجلة التحديث السريع وضمان مستقبل الاقتصاد والمجتمع السعودي.
يشار إلى أن التقرير استند إلى مسح شمل 300 رئيس تنفيذي من مختلف القطاعات وأحجام الشركات ورصد النظرة شاملة لأولويات القيادة في ما يتعلق بالانضباط التشغيلي، والاستثمار الاستراتيجي، والابتكار.
ويحدد التقرير ثلاثة عناصر استراتيجية توجّه قرارات الرؤساء التنفيذيين تشمل التوسع في الأسواق لفتح آفاق نمو جديدة، والانضباط في الإنفاق وإدارة الموارد بكفاءة، والتحول الرقمي كوسيلة لتعزيز العمليات.
وتختلف أولوية هذه العناصر باختلاف القطاع. حيث تركز شركات التصنيع والخدمات المهنية على التوسع واعتماد التكنولوجيا، بينما يركز قطاع النقل على الانضباط في التكاليف.
القطاعات المعتمدة على المعرفة هي الأكثر ميلًا لإعطاء الأولوية لتوسيع البحث والتطوير ودمج التكنولوجيا. فعلى سبيل المثال، يتصدر قطاعا التصنيع والخدمات المهنية – اللذان يسجلان مرتبة عالية في عنصر التوسع بالسوق ضمن "الثالوث الاستراتيجي" – قائمة القطاعات في البحث والتطوير ودمج التكنولوجيا (مع تأكيد نحو ثلثي الرؤساء التنفيذيين على ذلك).
تفاؤل في مكاتب الإدارة العليا
يظهر التقرير تدرجًا واضحًا في مستويات التفاؤل لدى الرؤساء التنفيذيين في المملكة: فكلما اقتربنا من النطاق المحلي، ارتفعت مستويات التفاؤل. أقل من نصف المشاركين أبدوا ارتياحهم لمسار الاقتصاد العالمي.
ومع ذلك، ترتفع هذه النسبة بنحو سبع نقاط مئوية عند الحديث عن الاقتصاد السعودي، حيث قرابة ثلث الرؤساء التنفيذيين أعربوا عن ثقتهم العالية بمستقبل الاقتصاد المحلي. وتبلغ هذه الثقة ذروتها عند الحديث على مستوى الشركات نفسها، ما يشير إلى أن القادة يشعرون بمزيد من التفاؤل تجاه العناصر التي تقع تحت سيطرتهم التشغيلية المباشرة.
كما تشير نتائج المسح إلى وجود تحيز مقارن نحو التفاؤل، حيث يكون الرؤساء التنفيذيون أكثر ثقة في مسار شركاتهم الخاصة مقارنة بالقطاعات التي ينتمون إليها خلال العام المقبل. ويظهر هذا التباين بشكل أوضح في قطاعي التجزئة والتصنيع، في حين يتميز قادة قطاع الفنون والترفيه بثقة أكبر في قطاعاتهم مقارنة بشركاتهم.
الذكاء الاصطناعي فرصة مع وجود عوائق
يرى معظم الرؤساء التنفيذيين السعوديين (6 من كل 10) أن الذكاء الاصطناعي يمثل فرصة للنمو التجاري والتوسع أكثر من كونه تهديدًا. ويزداد هذا التفاؤل في الشركات الكبرى، حيث يراهن ثلثا هذه الشركات على مزايا الذكاء الاصطناعي مقارنة بـ 56% من الشركات الصغيرة.
يتبنى قادة قطاع التصنيع الموقف الأكثر جرأة تجاه تبني الذكاء الاصطناعي، حيث يظهرون شهية قوية لدخول أسواق جديدة، وتوسيع البحث والتطوير، ودمج التكنولوجيا، إلى جانب أدنى ميل لاتباع سياسة التقشف المالي. كما يرون فرصًا كبيرة غير مستغلة في الصادرات ضمن مشهد التجارة العالمية المتغير.
تختلف العوائق أمام تبني الذكاء الاصطناعي حسب حجم الشركة. وتشمل العقبات المشتركة بين جميع الأحجام مخاوف الأمن السيبراني والقضايا القانونية. أما القيود المالية فتشكل عقبة أمام الشركات الصغيرة، في حين تمثل مقاومة التغيير التحدي الأكبر للشركات المتوسطة، وتواجه الشركات الكبرى فجوات في القدرات نتيجة توسع حالات استخدام الذكاء الاصطناعي.
يشير التقرير إلى أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يدفع الشركات إلى ما يُسمّى بـ "سرعة الإفلات" حيث يتسارع النمو وينفصل عن القيود الاقتصادية التقليدية. وسرعة نضوج الشركات السعودية عبر مراحل تبني التكنولوجيا سيكون لها تأثير كبير على مسارات نموها.
النظرة المستقبلية
يؤكد التقرير على البيئة الديناميكية التي يعمل فيها قادة الأعمال في المملكة. وسيكون تركيزهم الاستراتيجي على النمو والانضباط والابتكار، إلى جانب تبني نهج متوازن في اعتماد الذكاء الاصطناعي، عنصرًا أساسيًا لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 الخاصة بتنويع الاقتصاد وزيادة مساهمة القطاع الخاص.
وشمل التقرير "موضوعات مثل استقطاب المواهب وتوطينها، والتنوع والشمول، والالتزامات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG) بارزة في غرف الاجتماعات، غير أن الذكاء الاصطناعي وحالة عدم اليقين الاقتصادي برزا كقوى متقاطعة، ذات رهانات استراتيجية عالية تقريبًا في كل قطاع ووظيفة.
وهما يشكلان العدسة التي ينظر من خلالها الرؤساء التنفيذيون لاتخاذ معظم قراراتهم المهمة اليوم، ولتحديد أولوياتهم بين استمرارية العمليات والاستثمارات الاستراتيجية والموقف من المخاطر."