من الأرز إلى الخدمات الرقمية.. ما العقبات التي تعرقل مفاوضات التجارة في إدارة ترمب؟
لم تسفر مهلة التعريفات الجمركية التي استمرت 90 يومًا عن النتائج المرجوّة، إذ لم تتحقق 90 صفقة تجارية كما أُعلن.
فبعد أن منح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب 75 شريكا تجاريا مهلة مدتها 3 أشهر، وصرّح في مقابلة مع مجلة "تايم" في أبريل بأنه "أبرم 200 صفقة بنسبة 100%"، لم تظهر سوى 3 صفقات تجارية حتى منتصف يوليو، بعضها لا تزال في مراحله الأولية.
وبعد أشهر من المفاوضات مع دول مثل اليابان وكوريا وتايلاند، لم تتوصل إلى اتفاقات نهائية. وفي الوقت نفسه، يرسل ترمب جولة جديدة من رسائل التعرفة الجمركية إلى أكثر من 20 دولة، مهددا بفرض رسوم قد تصل إلى 50%.
صرح خبراء التجارة لـ "بيزنس إنسايدر" بأن عديدا من القضايا العالقة تعوق إبرام صفقات سريعة. وقال رئيس قسم الأمن الاقتصادي والتكنولوجيا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، نافين جيريشانكار، إن إدارة ترمب ترى أن التصرّف غير المتوقع وزيادة الرسوم يمنحها نفوذا، لكنه أشار إلى أن فاعلية هذه الإستراتيجية محل شك. "أشعر بأننا نفقد تلك القوة. والسبب في تعديل الجداول الزمنية هو أننا لم نتمكن من الوصول إلى الصفقات التي نعتبرها مقبولة".
وأضاف جيريشانكار، تواجه إدارة ترمب صعوبات متزايدة في التوصل إلى اتفاقيات تجارية، ليس فقط بسبب العوائق الاقتصادية، بل بسبب الظروف السياسية الداخلية في الدول التي يتفاوض معها. عديد من الشركاء التجاريين يخوضون انتخابات أو يدافعون عن سياسات تلقى قبولا شعبيا في بلدانهم، ما يصعّب عملية تقديم تنازلات تجارية.
يشير جيريشانكار، إلى أن كوريا الجنوبية، على سبيل المثال، لديها مسودة قانون لمنصات رقمية يعتبره المشرعون جزءا من الأمن القومي. لكن إذا تم إقراره، فسيُعدّ عائقا أمام دخول شركات التكنولوجيا الأمريكية مثل "ميتا" و"جوجل".
كما اشتكى ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي من أن اليابان لن تستورد الأرز من الولايات المتحدة، في حين تستورد الولايات المتحدة عددا كبيرا من السيارات اليابانية.
من جانبها، ترى عميدة كلية "هاس" للأعمال في جامعة كاليفورنيا، آن هاريسون، أن إدارة ترمب ربما ورّطت نفسها في مهمة شبه مستحيلة. قالت: "لكل دولة حساسيات مختلفة. بالنسبة لليابان هناك السيارات، أما كندا فالأخشاب والأدوية. ولهذا السبب تستغرق الاتفاقيات التجارية الجادة عادة 3 سنوات على الأقل، ولا يمكن إتمامها في فترة قصيرة".
ورغم أن مهلة وقف الرسوم على الصين لم تنتهِ بعد، فإن هذه القوة الصناعية تلقي بظلالها الثقيلة على المفاوضات. أشارت هاريسون إن الإدارة الأمريكية مضطرة للموازنة بين هدفها في تقليص العجز التجاري، دون أن تدفع الحلفاء الآسيويين مثل فيتنام والفلبين نحو تحالف أقرب مع الصين.
الخبير دي لونج أشار إلى أن مسألة "إعادة التصدير" عادت إلى الواجهة في الاتفاق مع فيتنام، وسط مخاوف من أن تستخدم الصين دول جنوب شرق آسيا كممر لإعادة تصدير بضائعها إلى السوق الأمريكية. وقال دي لونج: "لا يزال من غير الواضح كيف ستُطبق هذه الآلية من الناحية الفنية. هل من خلال رفع معايير القيمة المضافة المحلية؟ أم عبر تتبع موانئ الشحن؟ أم بالاعتماد على بلد المنشأ الرئيس؟"
وفقا لإحصاءات الإدارة العامة للجمارك في الصين، ارتفعت قيمة صادرات الصين إلى فيتنام بنسبة لا تقل عن 15% شهريا في 2025 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
وأعرب جيريشانكار عن قلقه بشأن تعقيدات تعريف وتنفيذ مفهوم "إعادة التصدير"، لكنه عبّر عن تفهمه لما تحاول الإدارة تحقيقه. وأضاف أن بعض الدول تخشى أن يُعتبر مجرد وجود أي مكون صيني في المنتج بمنزلة إعادة تصدير، لافتا إلى أن المفاوضات الثنائية مع الدول أصبحت الأداة الأساسية لإعادة التوازن في العجز التجاري العالمي، وهي مهمة بالغة الصعوبة.