الذكاء الاصطناعي والزيادة في إنتاجية الأعمال

خلصت دراسة نفذتها شركة ماكينزي إلى أن الشركات المتبنية للذكاء الاصطناعي في الأعمال حققت زيادة في الإنتاجية بنسبة 40%، وانخفاضاً في التكاليف بنسبة 30%. يدعم ذلك تطور مجموعة من التقنيات مثل التعلم العميق والمعالجة اللغوية الطبيعية. كما تتوقع الدراسات امتداد تأثير الذكاء الاصطناعي ليصل إلى مجالات غير تقليدية مثل: الابتكار والإبداع.
أحدث الذكاء الاصطناعي ثورة في طريقة التعاطي مع الأعمال من خلال تحسين الكفاءة والدقة واتخاذ القرارات، حيث تحولت العمليات من الطبيعة العادية إلى إدخال الحواسب في مجالات تشمل عمليات سهلة مثل: معالجة الفواتير ومقارنتها وتحديثها وخدمة العملاء من خلال قنوات إلكترونية ذكية.
يسهم الذكاء الاصطناعي في تحليل البيانات بطريقة متقدمة تشمل التعرف على اتجاهات السوق وتحليل سلوك العملاء واكتشاف الاحتيال، وهو ما يضمن الخروج بقرارات مدعومة ببيانات دقيقة واستباقية في إدارة المخاطر وربط العروض التسويقية بالنتائج بواقعية.
يؤدي التعامل بالذكاء الاصطناعي إلى تحسين تجربة العملاء من خلال توفير الدردشة الفورية وأنظمة التوصية الشخصية المبنية على معلومات سابقة أو فورية، وهذا يضمن استمرار ولاء العملاء وتوفير التفاعل المستمر والخدمة المستدامة بتكلفة زهيدة.
لعل إدارة سلاسل الإمداد واللوجستيات من أهم العناصر الي استفادت من الذكاء الاصطناعي مبكراً، حيث تتم مباشرة عمليات إدارة المخزون الذكية وهو ما يسهم في الوصول إلى تقليل الهدر وخفض التكاليف وربط المتطلبات بالوقت المناسب بشكل فعال.
هناك كثير من الأمثلة التي يمكن سردها لهذه التطورات المذهلة سواء فيما يتعلق بالموارد البشرية من تحليل الشخصية وفرز السير الذاتية والتدريب الشخصي بما يضمن جذب الكفاءات المناسبة وتحسين أداء الفرق وخفض معدل دوران الموظفين. الأمر نفسه يتكرر في مجالات أخرى من أهمها تعزيز الأمن السيبراني بكشف أنماط الهجمات الإلكترونية وتحليل الثغرات الأمنية بما يضمن اتخاذ إجراءات استباقية للحماية.
استدعى هذا التحول تحديات مهمة تشمل تكاليف باهظة في التطبيق وتحديث البنية التحتية، كما أضاف الحاجة إلى كفاءات بشرية متخصصة.
مع التنبيه لخطورة التحيز في الخوارزميات كشكل من أشكال التأثير في مخرجات العمليات التحليلية. لعل من المهم التأكيد على أخطار أخرى أهمها انتهاك الخصوصية، حيث يتمكن الذكاء الاصطناعي من تحليل العلاقات والروابط والاهتمامات وتكوين قاعدة بيانات شخصية لكل المتعاملين ومن يتواصلون معهم حتى ولو كان ذلك غير محسوس. وهو ما يلاحظه مستخدمو الشبكة العنكبوتية ووسائل التواصل، حيث تربط كل عمليات المشاهدة والقراءة والمتابعة لتكوين ملف لكل مستخدم يمكن من خلاله التأثير في قراراته وتعاملاته وعلاقاته وصورته الذهنية لدى الآخرين.
هذه من أهم الإشكاليات التي تهدد مستخدمي هذه القنوات وليست محصورة على فئة معينة، بل إن كثيرا من القرارات التي تتخذ في كثير من المؤسسات والهيئات والشركات تصبح عرضة للتلاعب والتغيير بسبب عمليات التجسس والرقابة التي تتعرض لها.
هناك كثير من القضايا التي واجهت الشركات، بسبب التمادي في استخدام الذكاء الاصطناعي دون مراعاة للقواعد الأخلاقية والقانون، من أهم نتائج هذه القضايا تغريم شركة فيسبوك ( ميتا) مبلغ 5 مليارات دولار، بسبب سوء إدارة بيانات المستخدمين وفضيحة ( كامبريدج اناليتيكا) في أوروبا. كما رفعت دعوى جماعية في ولاية إلينويز، بسبب استخدام بيانات التعرف البيومتري وكلفت الشركة 650 مليون دولار. كما دفعت الشركة غرامة في أوروبا بمبلغ (1.2) مليار دولار بسبب نقلها بيانات مستخدمين إلى الولايات المتحدة.
شركة (جوجل) نالت حقها من القضايا، حيث تمت تسوية بمبلغ 392 مليون دولار مرتبطة بخداع المستخدمين حول إعدادات تتبع المواقع في العام 2022 وغرامة أخرى بمبلغ 50 مليون يورو في فرنسا، بسبب انتهاك شفافية الموافقة في العام 2019.هذا غيض من فيض فشركات أوبر وتيك توك وأمازون وكليفلاند كلينك وآي بي إم كلها وقعت تحت طائلة القانون بغرامات وصلت المليار دولار. لم تغب منطقتنا عن هذه الانتهاكات، حيث تم تطبيق غرامات على شركات في الإمارات والسعودية ومصر بمبالغ مليونية.
في النهاية أذكر بمقابلة أبو الذكاء الاصطناعي (جيفري هينتون) الذي استقال من وظيفته في شركة قوقل، بسبب خوفه من أن تصبح أدوات الذكاء الاصطناعي مثل(BARD) و(Chat GPT) أذكى من البشر ، عندها سيصبح الإنسان غير قادر على السيطرة على مكون رقمي أكثر منه ذكاء وما قد يؤول إليه ذلك.

كاتب اقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي