هيمنة الصين على صناعة السفن العالمية تتآكل .. بوادر نجاح للضغوط الأمريكية
تُظهر بيانات الصناعة الأخيرة أن هيمنة الصين على صناعة بناء السفن العالمية قد بدأت تتآكل خلال الأشهر الستة الماضية، ما يشير إلى أن الجهود الأمريكية لكبح صناعة بناء السفن الصينية قد بدأت تُؤتي ثمارها.
وفقا لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست"، كانت الصين أكبر دولة مصنّعة للسفن في العالم على مدى سنوات، لكن في النصف الأول من 2025، تراجعت طلبيات السفن الصينية الجديدة 68% على أساس سنوي، لتصل إلى 26.3 مليون طن من الحمولة الساكنة، بحسب تقرير صدر الاثنين عن شركة "كلاركسونز ريسيرش" للاستشارات البحرية.
كوريا الجنوبية، التي تحتل المرتبة الثانية عالميًا، فقد شهدت انخفاض 7% في الطلبيات لتصل إلى 14.2 مليون طن من الحمولة الساكنة، محرزة تقدما في مواجهة الصين.
في السوق العالمية، استحوذت الصين على 56% من الطلبات الجديدة العالمية في النصف الأول من العام، بانخفاض عن 75% في العام السابق، بينما ارتفعت حصة كوريا الجنوبية من 14% إلى 30%، وفقًا لحسابات "ساوث تشاينا مورنينج بوست".
يرى محللون أن هذا الانخفاض في حصة الصين من السوق العالمية يعزى إلى القيود الأمريكية التي تستهدف صناعة بناء السفن الصينية، إلى جانب تراجع عام في الطلب العالمي.
المدير العام لفرع منصة "شيب بيد" هان نينج، لمناقصات السفن يقول، في سنغافورة: "يُعزى هذا الانخفاض بشكل كبير إلى مخاوف مشغلي السفن حول العالم من الإجراءات الأمريكية التي تستهدف صناعة بناء السفن الصينية وجهودهم للتكيف معها".
وأعلنت واشنطن عن سلسلة من الإجراءات التي تستهدف شركات بناء السفن الصينية هذا العام، حيث تعهد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإحياء صناعة بناء السفن الأمريكية والحد من هيمنة الصين عليها.
في أبريل الماضي أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم باهظة على أي سفن تملكها أو تشغلها أو تبنيها الصين تدخل الموانئ الأمريكية. كما فرضت تعريفات جمركية عالية على المعدات الصينية المستخدمة في أحواض بناء السفن، مثل الرافعات.
أثارت هذه الإجراءات ردود فعل قوية داخل القطاع، لكن يبدو أنها بدأت تؤثر في السوق. فإلى جانب بناء السفن، شهدت أحواض السفن الصينية انخفاضًا في حصتها السوقية في مجال إصلاح وصيانة السفن أيضًا، وفقًا لهان، الذي قال إن حصة الصين من إصلاح ناقلات النفط العملاقة انخفضت من 70% بين 2021 و2024 إلى نحو 50% فقط في النصف الأول من 2025.
رئيس قسم الأبحاث في مجموعة بانشيرو كوستا لخدمات الشحن والسمسرة في السفن، رالف ليسزينسكي، قال إن الانخفاض الدوري في الطلب العالمي عامل رئيسي وراء انخفاض حصة الصين في السوق. موضحا أنه خلال فترات الطلب المرتفع - مثل الفترة من 2021 إلى 2024 - تذهب الطلبات التي لا تستطيع أحواض بناء السفن الكورية واليابانية تلبيتها، نظرًا لسعتها المحدودة، إلى السوق الصينية.
ولكن في 2025، ومع انخفاض عدد الطلبيات الجديدة، تضاءلت هذه الظاهرة، حيث يفضل مشغلو السفن من كوريا الجنوبية أو اليابان لسهولة بيعها في السوق المستعملة، . وفقًا لليزكزينسكي.
وبحسب بيانات "كلاركسونز"، تُمثل السفن الصينية الصنع 23% من إجمالي الأسطول العالمي في الخدمة.
يُنظر إلى مساعي الولايات المتحدة لإحياء صناعة بناء السفن على أنها فرصة لكوريا الجنوبية. فمع انعدام القدرة المحلية الأمريكية تقريبًا، تتوسع كبريات شركات بناء السفن الكورية الآن في الولايات المتحدة. فقد دخلت شركتا هيونداي للصناعات الثقيلة وهانوا أوشن في مناقصات لعقود صيانة وتحديث سفن البحرية الأمريكية منذ العام الماضي.
وفي أبريل، وقّعت "هيونداي للصناعات الثقيلة" مذكرة تفاهم مع شركة "هانتينجتون إنجالس" الأمريكية، أكبر شركة لبناء السفن العسكرية في الولايات المتحدة، لتسريع التعاون وتبادل التكنولوجيا.
ورغم التوترات التجارية، عززت كوريا الجنوبية والولايات المتحدة تعاونهما - ولا سيما في مجال بناء السفن - في ظل تشديد واشنطن للقيود على الصين، وفقًا لما صرّح به الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونج في مارس، متعهّدًا بجعل كوريا الجنوبية "قوة بحرية تقود العالم".