لماذا تغضب الصين من رسوم ترمب على النحاس رغم قلة صادراتها لأمريكا؟
بينما وصفت بكين الرسوم الجمركية التي ينوي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب فرضها على واردات بلاده من النحاس بأنها "تعسفية ولا تخدم مصالح أحد"، تشير البيانات إلى أن صادرات الصين من المعدن إلى الولايات المتحدة تمثل رقما هامشيا في الواردات الأمريكية.
كان ترمب قد أعلن أمس الأربعاء أن الولايات المتّحدة ستفرض رسوما جمركية 50% على وارداتها من النحاس ابتداء من أول أغسطس المقبل. ويعد هذا المعدن أساسيا في قطاع الطاقة الخضراء، والصناعات العسكرية، وصناعة السيارات الكهربائية.
الصين قالت على لسان المتحدثة باسم وزارة خارجيتها ماو نينج، ردا على تعلل ترمب بأن هذه الرسوم هدفها حماية الأمن القومي الأمريكي: "لطالما عارضنا الإفراط في توسيع نطاق مفهوم الأمن القومي. ولطالما آمنا أيضا بأن فرض الرسوم الجمركية بشكل تعسفي لا يخدم مصالح أحد".
من أين تستورد أمريكا النحاس؟
تنتج الولايات المتحدة أكثر من نصف احتياجاتها من النحاس محليا، بينما تستورد البقية من الخارج؛ تصل هذه الاحتياجات الاستيرادية إلى نحو مليون طن متري من النحاس سنويا.
تعد أمريكا اللاتينية المورد الأول للنحاس إلى الولايات المتحدة، حيث تمثل شيلي وبيرو، إضافة إلى كندا، نحو 90% من واردات النحاس الأمريكية، وفقا لبيانات هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية للعام الماضي.
استوردت الولايات المتحدة العام الماضي أكثر من 600 ألف طن من شيلي وحدها، ما يضعها في المركز الأول على قائمة موردي النحاس إلى البلاد. تلتها كندا، ثم بيرو ثم الكونجو الديمقراطية ثم المكسيك.
شهد الطلب على النحاس ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، مع التوسع في التحول إلى مصادر الطاقة النظيفة، إذ يستخدم المعدن في إنتاج الألواح الشمسية وطواحين الهواء وبطاريات السيارات الكهربائية. وتتوقع الوكالة الدولية للطاقة ارتفاع استهلاك النحاس عالميا بأكثر من 25% إلى 33 مليون طن بحلول 2035.
ترمب ربما يستهدف الصين بالرسوم على النحاس
"بينما لا تعد الصين أكبر منتج للنحاس في العالم، فإن كميات ضخمة من المعدن تتدفق إلى مصانع تكريره في البلاد"، وفقا لما نقله موقع "فاينانشيال ريفيو" عن بن كليري، مدير المحافظ في "تربتيكا" المتخصصة في أبحاث المعادن.
كررت الصين أكثر من 12 مليون طن من النحاس العام الماضي، بما يمثل ما يزيد على 40% من الإنتاج العالمي، وفقا للمجموعة الدولية لدراسة النحاس في لشبونة.
تعتمد مصانع التكرير الصينية بشكل كبير على استيراد النحاس الخام والخردة للاستمرار في الإنتاج. ويبدو أن الرسوم الجمركية الأمريكية تستهدف دور الصين في الحلقة الوسيطة لإنتاج النحاس، لا المراحل الأولية التي تشمل الاستخراج، بحسب "فاينانشيال ريفيو".
بحسب جورج ريسكو، رئيس اتحاد التعدين الشيلي"، فإن الولايات المتحدة "تفتقد القدرة على الاكتفاء الذاتي، وتعتمد بقوة على صهر وتكرير النحاس في الصين". وباستهدافها صادرات الصين من النحاس ذي القيمة المضافة، تكون الولايات المتحدة قد ألحقت ضررا كبيرا بأحد القطاعات الصينية المهمة.
الأنباء عن فرض رسوم جمركية كبيرة على المعدن قد يكون من شأنها كذلك خلق فورة شراء للتخزين ومضاربات، ما سيقود الأسعار للارتفاع إلى مستويات عالية.
إذا دخلت الرسم حيز التنفيذ، ولم يتراجع عنها ترمب في وقت لاحق كما حدث مرارا، فإن المخزونات الزائدة قد تؤدي في وقت لاحق إلى موجة هبوط كبير في سعر المعدن. هذه التقلبات ستؤدي بالتأكيد إلى إنهاك واحد من أهم القطاعات الإنتاجية في الصين وما يرتبط به من صناعات.