مسودة البيان الختامي لقمة "بريكس" تعارض ترمب دون استفزازه
يستعد زعماء مجموعة "بريكس" لتبنّي موقف يتعارض مع الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بشأن الرسوم الجمركية والنزاعات في الشرق الأوسط والإنفاق العسكري العالمي، مع تجنّبهم توجيه انتقاد مباشر للولايات المتحدة.
ففي مسودة بيان أُعدّت لاجتماعهم الذي ينطلق اليوم الأحد في البرازيل، اتفق القادة على التعبير عن "قلقهم البالغ" إزاء تصاعد التدابير الجمركية وغير الجمركية الأحادية "التي تشوّه التجارة وتتنافى مع قواعد منظمة التجارة العالمية"، بحسب نسخة من النص النهائي.
كما اتفق رؤساء الحكومات على "إدانة فرض تدابير قسرية أحادية تتعارض مع القانون الدولي"، لا سيما العقوبات الاقتصادية، وفق ما ورد في النص. وقد تخضع الصيغة النهائية للبيان الختامي لتعديلات لاحقة.
رسوم ترمب.. وتوترات الشرق الأوسط
رغم عدم ذكر إدارة ترمب بالاسم، فإن القوى الاقتصادية الناشئة تشير بوضوح إلى الولايات المتحدة، في ظل الرسوم التي فرضها الرئيس الأمريكي على دول في أنحاء متفرقة من العالم. وتواجه دول، من بينها الهند – إحدى الدول المؤسسة لمجموعة "بريكس" – رسوماً عقابية، ما يدفعها إلى الإسراع بعقد اتفاقات مع واشنطن قبل حلول مهلة 9 يوليو، وهو الموعد الذي حدده ترمب لدخول الرسوم حيّز التنفيذ.
وفي الوقت ذاته، تعكس عدم تسمية ترمب أو الولايات المتحدة بشكل مباشر الانقسامات داخل التكتل، إذ تربط بعض الأعضاء علاقات أوثق بواشنطن من غيرهم، كما أن دولاً مثل الهند تخشى من أن تتحوّل "بريكس" إلى أداة تخدم المصالح الصينية بحكم كونها الاقتصاد الأكبر ضمن التكتل. ولا تزال الدول الأعضاء عاجزة عن التوصل إلى موقف موحّد بشأن التمثيل في مجلس الأمن الدولي.
ورغم ذلك، تتعارض مواقف دول "بريكس"، التي تستضيفها مدينة ريو دي جانيرو برعاية الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مع إدارة ترمب في جوانب عدة من السياسات.
ويشمل ذلك تأكيدهم على دور منظمة الصحة العالمية باعتبارها "أساسية في التصدي الفعّال للتحديات الصحية العامة الراهنة والمستقبلية"، في حين كانت إدارة ترمب قد أبلغت المنظمة بنيّتها الانسحاب منها في يناير الماضي.
كما يمتد الخلاف إلى السياسات الخاصة بالشرق الأوسط، إذ اتفق القادة على إدانة الضربات العسكرية التي استهدفت إيران، العضو في "بريكس"، منذ 13 يونيو، عندما بدأت إسرائيل هجماتها، وصولاً إلى الغارات الجوية الأمريكية في 22 يونيو.
تعد هذه الضربات "انتهاكاً للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة"، بحسب مسودة بيان "بريكس"، الذي يعرب فيه القادة عن "قلق بالغ إزاء التصعيد الأمني اللاحق في منطقة الشرق الأوسط".
ويتعارض هذا الموقف مع ما أكّده ترمب من أن الضربات الأمريكية كانت "نجاحاً عسكرياً باهراً" أنهى "حرباً كان يمكن أن تستمر لسنوات وتدمّر الشرق الأوسط".
"قلق بالغ"
يُعرب قادة "بريكس" عن "قلق بالغ إزاء الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، مشيرين إلى استئناف الهجمات الإسرائيلية وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة. ويدينون انتهاكات القانون الدولي لحقوق الإنسان، وفقاً للمسودة، "بما في ذلك استخدام التجويع كسلاح حرب" في إشارةٍ إلى الاتهامات الموجّهة لإسرائيل بحجب المساعدات الإنسانية، وهي اتهامات تنفيها تل أبيب.
واتفق القادة على الدعوة إلى الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة في ظل وقف دائم وغير مشروط لإطلاق النار، إضافة إلى الإفراج عن جميع الرهائن، كما أعربوا عن معارضتهم للتهجير القسري لأي من سكان غزة من أراضيهم.
ومن المرجّح أن تكون هذه اللغة – في حال ظهرت في النص النهائي حين يختتم القادة قمتهم التي تمتد ليومين في 7 يوليو – تدخلاً غير مرحّب به، بينما يستعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للقاء ترمب في البيت الأبيض في اليوم ذاته.
كما يعبّر زعماء "بريكس" عن "قلقهم البالغ" إزاء الاتجاه الحالي نحو "زيادة حادّة في الإنفاق العسكري العالمي"، بحسب المسودة. وهو موقف يتعارض مع مطالبة ترمب بأن ترفع دول "الناتو" إنفاقها الدفاعي إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهي دعوة طرحها خلال قمة الحلف الأخيرة في لاهاي، التي ركّزت على مواجهة العدوان الروسي، علماً بأن روسيا، المستهدفة بتلك السياسات، تُعد من الدول المؤسسة لمجموعة "بريكس".
ويُتوقّع أن يؤكّد زعماء "بريكس" دعمهم لاتفاق باريس للمناخ – وهو اتفاق انسحب منه ترمب بشكل أحادي – إلى جانب دعوتهم لحوكمة عالمية للذكاء الاصطناعي من أجل الحد من مخاطره المحتملة، وفقاً لما أفاد به مسؤولون. وتعارض الولايات المتحدة الجهود الرامية إلى تنظيمه من قِبل كيانات مثل الاتحاد الأوروبي.
وتضم مجموعة "بريكس" كلاً من البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب إفريقيا، إضافة إلى الأعضاء الجدد مصر وإثيوبيا وإيران وإندونيسيا والإمارات العربية المتحدة. ويرحّب البيان بانضمام 10 دول إضافية كشركاء، من بينها كازاخستان ونيجيريا وفيتنام وتايلاند.