أثر مراجعة الإنفاق وهبوط أسعار النفط

صرح وزير المالية محمد الجدعان للفايننشال تايمز (أن السعودية ستراجع أولويات الصرف ومشاريع التنمية الكبرى في ظل انخفاض أسعار النفط وتزايد الضبابية في الاقتصاد العالمي) وطمأن من الناحية الأخرى أن ذلك لا يعني تعطيل رؤية السعودية 2030 وأن العجز المتوقع بـ4% للميزانية هو أمر يمكن السيطرة عليه.

وبدراسة تحليلية لما أورده معاليه نجد المنطقية والعقلانية في قياس وتيرة العمل والتنفيذ ومراجعتها في ظل عدة تحديات عالمية، فالقطبين الاقتصاديين العالميين يعيشان هذا التذبذب الاقتصادي الذي ينعكس حتماً على كافة دول العالم، فالصين تسعى وتضغط على أفقر دول العالم لتحصيل 19 مليار يورو هذا العام حسب تصريح البنك الدولي لمشاريعها في تلك الدول المنظمة للحزام والطريق، فما بالك بتعاملها مع الدول النامية المستقرة أو الثرية، وحكومة الرئيس ترمب بدأت بمهاجمة الشركات الأمريكية نفسها رافعة عليها الضرائب لإرغامها بالامتثال لمطالبات الحكومة بنقل المصانع للداخل أو لدولة حليفة.

من هنا كان من الحكمة الكبيرة مراجعة سياسات التنفيذ للمشاريع الكبرى المستهلكة أو ذات الاستدامة المنخفضة، والبحث عن بدائل تفي بالمتطلبات وتحافظ على ميزان المدفوعات، وأما المشاريع ذات العائد الاستثماري الكبير والقريب أو المشاريع ذات الاستدامة العالية والاستثمار المميز فسيتم دعمها على حساب وتيرة التخفيض التي ذكرناه في المشاريع الأقل أهمية.

إن ما يميز رؤية السعودية 2030 أن محاورها الـ3 (المجتمع الحيوي، والاقتصاد المزدهر، والوطن الطموح) تمكنك من الأساس للمضي قدماً لعمل هذه المراجعة عبر مقاييس كفاءة الإنفاق، هذا علاوة على المشاريع الكثيرة جداً التي تم تحقيقها وإنجازها بالكامل خلال الـ8 سنوات الماضية والتي أنجز عديد منها قبل موعده وهي اليوم رافد أساسي كبديل عن الاقتصاد النفطي الذي تسعى السعودية بشكل حثيث إلى الابتعاد عن الاعتماد عليه بشكل مطلق وتنويع مصادر الدخل لتحمل أي اضطرابات وهبوط بأسعار النفط كما هو حاصل الآن.

من هنا انطلق إلى ضرورة زيادة الاستثمار في المواطن السعودي نفسه، فأنا أعلم أن هذا من أهم أولويات رؤية 2030 لكن مع هذه التقلبات العالمية قد ترتقي هذه الأولوية لتكون رقم (١) متقدمة على كافة الأولويات الاقتصادية الأخرى التي يصنعها الإنسان ويستحيل أن تصنع هي الإنسان، فالعنصر البشري إن لم يكن عنصر إعطاء وبناء فهو عنصر استهلاك مضني ومرهق ولا توجد حالة وسط وسكون، وقد حبى الله العقول السعودية الطموحة ميزات يندر أن تتوافر في مجتمعات أخرى، والإكثار والزيادة في إشراك هذه العقول المليونية لإيجاد بدائل لأي معضلة تقف أمام الاستثمار وبممكنات محلية سيصنع الفارق الكبير، وسيقلل حتماً من الإنفاق مع زيادة في الجودة والمخرجات، وأهل مكة أدرى بشعابها، إلا أنه لابد من الإقرار بالحاجة للمساعدة الأجنبية ممن سبقونا في أي فن ومجال كان والحاجة الماسة لأن ينقل العنصر الأجنبي التقنية لبلدنا، لكن المقصود هو زيادة تقنين هذه المساعدة ووضعها تحت المجهر للاستغناء عنها بأسرع وقت ممكن أو تحويلها لجهات استشارية عند الطلب.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي