3 دروس مستفادة من الضجيج حول تعريفات ترمب الجمركية

تجاوز إعصار التعريفات الجمركية التي سببتها قرارات الرئيس الأمريكي دونالد ترمب جميع التوقعات، بما فيها توقعاتي الشخصية، التي ذكرتها في مقالي المنشور بتاريخ 25 أبريل. أحدثت صدمة "يوم التحرير" في 2 أبريل اضطرابًا واسعًا في الأسواق العالمية، تبعتها "فترة التوقف" في 9 أبريل، ما أدى إلى ارتفاع مؤقت في المعنويات. ثم جاء إعلان "صفقات" المملكة المتحدة والصين في أوائل مايو، ما دفع الأسهم لارتفاعٍ حاد. فما الخطوة التالية؟ لا أحد يعلم ما سيحدث، وربما ترمب نفسه لا يعلم.

لكن التقلبات الحادة في التعريفات الجمركية تقدم دروسًا واضحة: إن محاولة توقيت الخروج من السوق والعودة إليه بناءً على عوامل معروفة للجميع هي مغامرة طائشة. وكذلك، البيع في لحظات الذعر هو تصرف خاطئ.

التعريفات الجمركية التي فرضها ترمب كانت ضارة، لا سيَّما للولايات المتحدة نفسها. لكن الخوف المبالغ فيه لا يزال قائمًا، ما يهيئ الأسواق لمزيد من التعافي. سأوضح لك السبب: كما ذكرت في مقالي لشهر أبريل، تسعر الأسواق التوقعات الشائعة مسبقًا. لم يكن حب ترمب للتعريفات الجمركية سرًا، لكن الرسوم التي فرضها في 2 أبريل بنسبة 10% بشكلٍ شامل، إلى جانب التعريفات "المتبادلة" الأعلى بكثير - والتي استمدت بطريقة غير منطقية من الميزان التجاري للدول المستهدفة مع الولايات المتحدة - فاقت كل التوقعات بفارق كبير. ونتيجة لذلك ارتفع عدم اليقين حيال ما سيحدث، وتراجعت الأسهم العالمية تحت تأثير الصدمة.

ثم جاءت مفاجأة 9 أبريل! أعلن ترمب تجميد التعريفات المتبادلة لمدة 90 يومًا على جميع الدول باستثناء الصين، التي زاد الضغط عليها. وعندما ردت الصين بالمثل، ادعى ترمب أن أكثر من 75 دولة طلبت التفاوض على "صفقات"، مبررًا بذلك التأجيل، ما أدى إلى ارتفاع كبير في الأسواق.

في أوائل مايو، ظهرت "صفقتان" من هذا النوع مع المملكة المتحدة والصين. ولكن لا تبالغ في تقدير تأثيرهما الإيجابي: صفقة المملكة المتحدة هي اتفاق غير ملزم لمدة عام واحد، وقابل للإلغاء، يهدف إلى تخفيف أثر التعريفات الجمركية إلى حين التوصل إلى اتفاق تجاري شامل. بمعنى آخر: صفقة تمهيدية لصفقة أخرى! وهي لا تشمل سوى عدد محدود من القطاعات. والأهم من ذلك، أن التعريفات العامة البالغة 10% لا تزال تطبق على معظم صادرات المملكة المتحدة.

أما صفقة الصين، فقد بدت أكثر إشراقًا في نظر المحللين، ربما لأن التوقعات كانت شديدة الانخفاض بالفعل. نعم، أدى الاتفاق إلى خفض الرسوم الفعلية على السلع الصينية من 145% إلى 30%، بينما انخفضت رسوم السلع الأمريكية التي تدخل الصين من 125% إلى 10%. لكن هذه "الصفقة" سارية لمدة 90 يومًا فقط - أي أنها مجرد وسيلة لشراء الوقت لعقد صفقة لاحقة. ووصفها بأنها "ناجحة" يتجاهل حقيقة أن التعريفات المفروضة على الصين لا تزال أعلى بـ 30 نقطة مئوية مقارنةً بمستوياتها في شهر يناير. صفقات ترمب تضع كلا البلدين في وضع أسوأ – وخاصة الولايات المتحدة.

يزرع أسلوب ترمب المتقلب حالة من عدم اليقين، ويضعف الاقتصاد الأمريكي بشدة. ولهذا السبب ارتفعت الأسهم غير الأمريكية 9.4% من بداية العام حتى 9 مايو. بينما قفزت الأسهم الصينية 12.1%. أما الأسهم الأمريكية فانخفضت %4.0. سوق الدولة الفارضة للتعريفات هي الأكثر تضررًا! (صحيح أن سوق الأسهم السعودية "تداول" شهدت انخفاضًا أكبر، لكن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى تراجع قطاعات المواد والطاقة).

إذن، ما الخطوة التالية؟ قد نرى مزيدا من الصفقات... أو لا نراها. لكن، حتى لو عادت جميع التعريفات الجمركية، فإن التأثير أقل من حجم المخاوف المنتشرة. لماذا؟ لأن الأنظمة والقوى العاملة اللازمة لتحصيل هذه الرسوم غير موجودة أصلًا.

لا تملك وحدة تحصيل التعريفات الجمركية في الولايات المتحدة سوى 2,500 موظف لتغطية مئات نقاط الدخول، وتستخدم تقنيات قديمة يسهل التحايل عليها. النتيجة المتوقعة: ارتفعت الإيرادات في شهر أبريل، لكنها جاءت دون التوقعات بفارق كبير— نحو 75%. ومن المرجح أن يستمر هذا الاتجاه، مع قيام المصدرين بتحويل شحناتهم عبر دول ذات رسوم أقل، مثل كندا والمكسيك.

وفي الوقت الحالي، تُرفع دعاوى قضائية بسبب تجاوز فرض رسوم شاملة لمبررات "الطوارئ" التي يستند إليها ترمب. ونعم، ربما تؤدي الصفقات المستقبلية الملموسة إلى خفض فعلي في الحواجز التجارية - وهذا احتمال إيجابي كبير. أما الرد الانتقامي فهو ممكن، ولكنه غير مرجح.

إذن، ماذا تفعل؟ اسأل نفسك: هل تعرف شيئًا عن تعريفات ترمب لا يعرفه الآخرون؟ هل هناك فعلًا شيء جديد؟ في ظل هذا الزخم الإعلامي، يكاد يكون العثور على عوامل غير مسعرة أمرًا مستحيلًا. لذلك تَحَلَّ بالصبر، وسيؤتي هذا الصبر ثماره لاحقًا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي