"كاسيو" إمبراطورية بدأت بحرب 50 شركة ثم ساعة بـ 8 دولارات .. فما قصتها؟

"كاسيو" إمبراطورية بدأت بحرب 50 شركة ثم ساعة بـ 8 دولارات .. فما قصتها؟
مؤسس كاسيو وإخوته سعوا إلى تلبية حاجيات المجتمع الياباني. المصدر: كاسيو

تعتبر شركة كاسيو (Casio) إحدى أشهر العلامات التجارية اليابانية في العالم، بعد أن بدأت شركةً عائلية في طوكيو على يد المهندس المتخصص في تكنولوجيا التصنيع تاداو كاشيو في أبريل 1946، بعد دمار هائل لحق بالبلد إثر الحرب العالمية الثانية.

سعت كاسيو إلى تلبية حاجيات المجتمع الياباني الذي خرج منهكا من ويلات الحرب، بالتركيز على الاختراعات، حتى صارت علامة رائدة في صناعة الأجهزة الإلكترونية، وذلك بقصد مساعدة اليابانيين على تجاوز الصدمة والانطلاق من جديد.

قرر كاشيو الأخ الثاني لأربعة إخوة (توشيو، تاداو، كازوهيرو، كازو)، أواسط عام 1957، بعد نجاحه في تسويق عدد من ابتكاراته البسيطة، تحويل مصنعه إلى شركة "كاسيو للآلات الحاسبة"، عقب قيامه بتطوير أول آلة حاسبة صغيرة كهربائية بالكامل A-14 في نفس العام.

أحدث هذا الاختراع قفزة كبيرة في آلات الحساب، حيث كانت تعمل بنظام المفاتيح الرقمية الكامل، أي ترتيب الأرقام من 0 إلى 9 لكل منزلة، لكن توشيو قام بتجميع الأرقام في 4 أسطر و3 صفوف، بحيث يمكن تشغيل الآلة الحاسبة بسهولة وبيد واحدة.

كان الاهتداء إلى هذا الترتيب المعمول به حتى وقتنا الحاضر، في لوحات مفاتيح الحواسيب الشخصية وآلات تسجيل النقود في المتاجر وغيرها، الفكرة التي كسب بها الإخوة كاشيو "حرب الآلات الحاسبة" التي اندلعت بين نحو 50 شركة حول الحصص في هذه السوق الواعدة.

رغم حداثة هذه الآلة الحاسبة، وتميز أدائها مقارنة مع الموجود في السوق، فإن تسويقها استهدف مختلف الشرائح، وتم تحديد ثمنها بنحو 1/3 من سعر الشركات المنافسة.

خلافا لتوقعات المنافسين بفشل خطة التسويق، حققت هذه الآلة الحاسبة نجاحا كبيرا، فخلال عام واحد تم بيع أكثر من مليون آلة حاسبة، ما دفع الشركات المنافسة التي راهنت على فشل كاسيو إلى الانسحاب من السوق تباعا.

معركة ما كان توشيو ليكسبها لولا مساعدة الأخوين، تاداو قائد الشركة وكازو خبير الأسواق، فتركيزه كان دوما على اليومي بحثا عن أفكار توحي للابتكار، وشعاره أن "الاختراع هو فقط ما يكون مفيدا لحياة الناس"، ما مكنه من تحصيل 313 براءة اختراع في حياته.

بعد سنتين من نجاح قصة الآلة الحاسبة، سعى عام 1974 إلى تكرارها في عالم الساعات. ونجح في قيادة مشروع بات حاليا العمود الفقري للشركة، من خلال تطوير ساعة "Casiotron"، أول ساعة رقمية مزودة بتقويم تلقائي في العالم.

فسر توشيو اختيار الساعة اليدوية برغبته في استثمار ما راكمه من تكنولوجيا في عالم الآلة الحاسبة، فضلا عن كون "الوقت عبارة عن عملية جمع، تتمثل إضافة ثانية واحدة في كل مرة".

نجح في تطوير نظام الضبط اليدوي في ساعات اليد، لابتكار التقويم الآلي الذي كان أول ضبط للتاريخ بشكل آلي في العالم.

على غرار الآلات الحاسبة، أحدثت الشركة عام 1989 ثورة في عالم الساعات الرقمية متفوقة على الساعات السويسرية الشهيرة، بإطلاقها ساعة كاسيو "F-91W" التي أضحت الساعة الأكثر شهرة في العالم، بوزن لا يتعدى 20 غراما من مادة الراتنج، وقدرة هائلة على مقاومة الماء والصدمات أيضا.

حققت هذه الساعة نجاحا منقطع النظير بفضل السعر الزهيد الذي لا يتعدى 8 دولارات، حيث حصنت نفسها من محاولات التقليد، فمن يرغب في شراء ساعة مقلدة في مثل هذه الحالة؟ ونجحت أيضا بخطتها التسويقية، وذلك باستخدام بطارية تعمل طوال 7 سنوات، ما يجعل المرء يختار شراء ساعة جديدة بدلا من تبديل البطارية بسبب الثمن البخس.

سطع نجم هذه الساعة بعد حديث تقارير صحافية عن استعانة التنظيمات المرتبطة بها لضبط كمؤقت للمتفجرات. كما انتشرت صور للرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما يرتديها في أيام شبابه. وحضرت أيضا في أغنية مشهورة للفنانة شاكيرا ما تطلب تدخلا من الشركة للرد بعبارة "كاسيو من وإلى مدى الحياة".

أكد الزلزال (8,9) الذي ضرب اليابان عام 2011 صواب خطة الشركة، بعدما ظهرت مواقع تنادي بدعم اليابان في هذه الكارثة الطبيعية، رافعة شعار: "تريد مساعدة اليابان؟ اشتر ساعة". وبالفعل ارتفع الإنتاج السنوي ليصل 3 ملايين وحدة في ذاك العام.

اختارت كاسيو منحى آخر في تسويق علامتها التجارية، فبدل الترف والمظاهر والأسعار المرتفعة، اعتمدت رؤية أخرى تجعل منتجاتها بين عامة الناس، فـ"كاسيو لم تصنع للطرف بل للحياة، تصاميم تخدم الإنسان في واقعة لا في مظاهره".

الأكثر قراءة