كيف يمكن للشركات الصغيرة أن تبحر في أمواج التجارة العالمية المتلاطمة؟
تمثل الشركات المتوسطة، والصغيرة، ومتناهية الصغر 95% من الشركات على مستوى العالم، وتوظف نحو 60% من العمالة، وتشكل العمود الفقري للاقتصاد العالمي، لكن اللوائح المعقدة، وضعف البنية التحتية الرقمية، ومحدودية الوصول إلى التمويل تحول دون استفادتها بشكل كامل من التجارة الدولية.
وتتفاقم هذه التحديات بسبب الصدمات الاقتصادية، واضطرابات سلسلة التوريد، وتغير المناخ، وعدم اليقين الجيوسياسي.
وفقا لموقع "المنتدى الاقتصادي الدولي"، عادةً ما تفتقر هذه الشركات إلى الموارد والخبرة اللازمة للتعامل مع قواعد التجارة الدولية، على الرغم من إحراز بعض التقدم في هذا الجانب، من خلال منصتي Trade4MSMEs وGlobal Trade Helpdesk، اللتين تقدمان إرشادات بشأن الإجراءات ومعلومات الأعمال، كذلك تقدم قاعدة بيانات منظمة التجارة العالمية الجديدة للتعريفات والتجارة، وصولا مفصلا إلى بيانات التعريفات والواردات، بما في ذلك الإجراءات الجمركية الأخيرة التي اتخذها أعضاء منظمة التجارة العالمية.
يشار إلى أن مركز التجارة الدولية دعم مشاركة أكثر من 5000 شركة في التدريب على معلومات التجارة والسوق في 2023، وحسّنت أكثر من 2400 شركة قدرتها التنافسية. وأبلغ نحو 70% من هذه الشركات عن نتائج أعمال إيجابية، بما في ذلك الوصول إلى أسواق ومشترين جدد.
ولتجاوز مشكلة التمويل التي تمثل أكبر العقبات، وفرت مؤسسة التمويل الدولية 64.4 مليون دولار على شكل قروض للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة في 2023، ليصل إجمالي حجم قروض المقدمة لهذه المنشآت إلى 353.2 مليار دولار، مع التركيز على الشركات المملوكة للنساء، التي حصلت على ما يقارب 10% من إجمالي المحفظة.
تعد الرقمنة عامل تغيير جذري، خاصةً في البلدان الأقل نموًا، إلا أن الفجوة الرقمية لا تزال تُمثل تحديًا كبيرًا. تتم معالجة هذه المشكلة من خلال التركيز على الجاهزية السيبرانية، والتعرف على الوثائق الإلكترونية، والتجارة الإلكترونية. وتوفر منصة Trade4MSMEs مزيدا من البيانات على مستوى الدولة وأكثر من 600 مورد لدعم المنشآت في الوصول إلى التجارة الرقمية.
في الوقت نفسه، تعمل مجموعة الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة على دمج هذه الشركات في سلاسل القيمة العالمية ومساعدتها على الوفاء بشروط الامتثال -ولا سيما فيما يتعلق بالمعايير واللوائح- والحواجز العامة التي تحول دون وصولها إلى الأسواق.
في ظل معاناة العالم من الأزمات المتعددة، تحتاج المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة إلى أكثر من مجرد إستراتيجيات للبقاء، بل تحتاج إلى بيئة داعمة تُعزز مرونتها ونموها. ويتطلب ذلك تنسيقا أقوى للسياسات التجارية وإشراك هذه المشروعات بفاعلية في المفاوضات التجارية ووضع السياسات كي لا تفرض عليها اللوائح أعباءً إضافية.
كذلك توجد حاجة إلى حلول مالية قابلة للتطوير والبناء على المبادرات الناجحة بالفعل، وتوسيع نطاق الوصول إلى التمويل وآليات تخفيف المخاطر لمساعدة هذه المشروعات على الاندماج في الأسواق الدولية.
ينبغي أيضا الاستثمار في منصات التجارة الإلكترونية، والمدفوعات الرقمية، والأمن السيبراني لتسريع تبني التقنيات الرقمية، مع الاستمرار في دعم ربط هذه المنشآت بالأسواق، وتعزيز جاهزيتها للتصدير، بما في ذلك المساعدة على استيفاء المعايير الدولية، والحصول على شهادات المنتجات، والتعامل مع اللوجستيات التجارية المعقدة.
بفضل هذه التدابير، يمكن للمنشآت متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، ولا سيما في الاقتصادات النامية والبلدان الأقل نموًا، أن تصبح محركات قوية للنمو الاقتصادي، وخلق فرص العمل، والتجارة المستدامة. لم يعد السؤال المطروح هو ما إذا كان ينبغي لنا دعم هذه المنشآت، بل مدى سرعة تطبيق الحلول القابلة للتطوير، التي تمس الحاجة إليها.