أهداف أوروبا المناخية يتطلب شبكة طاقة خضراء

تعيش أوروبا الآن لحظة محورية في الكفاح ضد تغير المناخ. فمع ازدياد تواتر أحداث الطقس القاسية، بسبب استمرار درجات الحرارة في الارتفاع، لم يعد من الممكن إنكار ضرورة العمل العاجل.
في الاستجابة لهذا، وضع الاتحاد الأوروبي أهدافا طموحة وتاتوجه نحو الكهرباء ضرورية لدفع التحول بعيدا عن الفحم والنفط والغاز، فهي ركيزة أساسية في تحول الطاقة.

ولكن على الرغم من إحراز تقدم كبير في توسيع نطاق الطاقة المتجددة كحصة من مزيج الطاقة في الاتحاد الأوروبي، التي شكلت ما يقرب من نصف إجمالي توليد الطاقة في عام 2024، فإن الطلب على الكهرباء يرتفع أيضا بسرعة.

إن تبني المركبات الكهربائية (EV) وكهربة أنظمة التدفئة والتبريد في المباني يعني الحاجة إلى مزيد من الكهرباء. علاوة على ذلك، تستهلك مراكز البيانات في أوروبا الآن نحو 3% من إمدادات الكهرباء، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا الرقم تقريبا بحلول عام 2030، بسبب ارتفاع الطلب على معالجة البيانات وتخزينها.

الواقع أن تحقيق أهداف الاتحاد الأوروبي الطموحة في مجال الطاقة النظيفة يتطلب تحديث شبكة الكهرباء المتقادمة في القارة، فهي غير مجهزة للتعامل مع النمو السريع في الطلب. تُـعَـد شبكة الكهرباء في الاتحاد الأوروبي الأقدم في العالم، حيث يتراوح عمرها بين 45 و50 عاما في المتوسط.

على الرغم من حرص الاتحاد الأوروبي على تنفيذ خطة عمل للشبكات، فإن هذه ليست سوى خطوة أولى. تستثمر الكتلة حاليا 33 مليار يورو (37.5 مليار دولار) سنويا في شبكات توزيع الكهرباء، لكن تقديرات الخبراء تشير إلى أن تحديث الشبكة وتوسيعها يتطلب ما لا يقل عن 584 مليار يورو بحلول 2030.

لذا، يتعين على أوروبا مضاعفة استثماراتها السنوية إلى 67 مليار يورو، بدءا من هذا العام. وتشكل الأموال الإضافية ضرورة أساسية لضمان إمكانية نقل الطاقة المتجددة إلى حيث تشتد الحاجة إليها، ولمنع الاختناقات التي تعيق مشاريع الكهربة.

ما يدعو إلى التفاؤل أن أوروبا تستطيع أن تستلهم من نظرائها. في ديسمبر، كشفت المملكة المتحدة عن خطة عمل الطاقة النظيفة التي تهدف إلى تحقيق طاقة نظيفة بنسبة 100% بحلول عام 2030، من خلال توفير 40 مليار جنيه إسترليني (53 مليار دولار) من الاستثمارات السنوية.

وكجزء من هذا الجهد، تعهدت الشبكة الوطنية في المملكة المتحدة بتخصيص 35 مليار جنيه إسترليني لنقل الكهرباء، بما في ذلك 15 مليار جنيه إسترليني لزيادة قدرة الشبكة.

ومع التقديرات الأخيرة التي تشير إلى أن أوروبا تحتاج إلى مضاعفة قدرتها الحالية على الربط البيني على مدار السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة لتلبية أهدافها في العمل المناخي والطاقة، أصبح تسريع عملية الترخيص قضية تتعلق بضمان أمن طاقة.

لمعالجة هذه المشكلة، ينبغي لصناع السياسات تبسيط عمليات التصاريح وتبني نهج منسق لتخطيط الشبكات عبر الاتحاد الأوروبي بأكمله. والأهداف التشريعية بالغة الأهمية أيضا لتوفير الرؤية للمستثمرين وتجنب اختناقات سلاسل التوريد.

يتمثل مجال رئيسي آخر للإصلاح في تحسين وتخصيص الشبكة على الوجه الأمثل.

يكمن المستقبل في تكنولوجيات الشبكة "الذكية" مثل تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي من الممكن أن تساعد على معالجة الاختناقات، وفي تكنولوجيات تخزين الطاقة لآماد طويلة (البطاريات) التي يمكنها التغلب على انقطاعات مصادر الطاقة المتجددة.

الذكاء الاصطناعي قادر أيضا على تعزيز البنية الأساسية الحالية للشبكة، فيخفف من الحاجة إلى البناء الذي يستغرق وقتا طويلا في بعض الحالات. لكن إطلاق كامل إمكانات هذه التكنولوجيا سيظل يتطلب استثمارات كبيرة في البحث والتطوير، إضافة إلى الحوافز للشركات البادئة في هذا القطاع.

في غياب التحديث على نطاق ضخم لشبكتها، تخاطر أوروبا بتبديد إمكاناتها في مجال الطاقة المتجددة وتقويض أهدافها المناخية. لقد مضى وقت أنصاف الحلول. وقد سلطت كل من الصفقة الصناعية النظيفة في الاتحاد الأوروبي وخطة عمل الطاقة الميسورة التكلفة الضوء على الحاجة إلى استثمارات كبيرة في الشبكة. لكي يتسنى لأوروبا تحويل بنيتها الأساسية في مجال الطاقة، يتعين عليها مضاعفة تمويلها، وتبسيط عمليات التصريح، واحتضان الإبداع والابتكار.

خاص بــ "الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2025.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي