سوق العقارات الصينية .. نصف يتعافى وآخر يعاني

سوق العقارات الصينية .. نصف يتعافى وآخر يعاني

تحكي سوق العقارات في الصين هذا العام عن قصة مدينتين. إحداهما تتعافى بفضل الدعم الحكومي والطلب القوي، والأخرى تُعاني، مُثقلةً بفائض العرض وضعف الاقتصادات المحلية.

بعد ركود استمر سنوات تظهر بوادر انتعاش في المراكز الحضرية الرائدة، مثل بكين وشانجهاي وشنتزن وقوانجتشو، بينما تغيب مثل هذه البوادر عن المدن الأصغر. ويعود هذا التباين إلى مزيج من السياسات الحكومية، وديناميكيات السوق، والظروف الاقتصادية الإقليمية.

وفقا لمجلة "بارونز"، أظهرت إحصاءات حكومية أن بكين شهدت في مارس الماضي زيادة في مبيعات المنازل الجديدة بلغت 125.6% مُقارنةً بفبراير، بينما نمت معاملات المنازل القائمة 61.4%.

وسجلت مدينة شنتزن، مركز التكنولوجيا، ارتفاعًا 75.1% على أساس سنوي في مبيعات المنازل الجديدة، إلى جانب زيادة 55% في معاملات العقارات القائمة -وهو تحول سريع يعكس إلى حد كبير تأثير السياسات، بما في ذلك تخفيض أسعار الرهن العقاري، وتخفيض متطلبات الدفعة الأولى، وتخفيف قيود الشراء المصممة لتحفيز الطلب.

محلل الائتمان في ستاندرد آند بورز جلوبال، إدوارد تشان، كتب في مذكرة بحثية: "نعتقد أن مبيعات العقارات في الصين يمكن أن تستقر بحلول النصف الثاني من هذا العام، مع استقرار الأسعار في المدن الكبرى وحجم المبيعات الإجمالي" مضيفا: "سيعتمد ذلك على استمرار دعم الحكومة لشروط التمويل للمطورين وجهودها الرامية إلى تقليص المخزونات".

إلى جانب المنازل، تكتسب سوق الأراضي في المدن الكبرى قوة دفع هي الأخرى. في أوائل 2025 شهدت بكين وشانجهاي وهانجتشو صفقات أراضٍ تجاوزت قيمتها 5 مليارات يوان (692 مليون دولار). تعني هذه المعدلات المرتفعة عودة ثقة المستثمرين وتحسن معنويات مشتري المنازل.

في المقابل، تكافح مدن المستوى الأدنى لتحقيق الاستقرار. فعلى الرغم من الجهود الوطنية لدعم سوق الإسكان، لا تزال هذه المناطق تشهد انخفاضًا في الأسعار وارتفاعًا في المخزونات. في مارس انخفضت أسعار المنازل المبنية حديثًا في مدن المستوى الثاني 4.4% على أساس سنوي، بينما تراجعت في مدن المستوى الثالث 5.7%. وأدى فائض المعروض من المساكن، إلى جانب ضعف الطلب، إلى ارتفاع المخزونات غير المباعة، وبالتالي مزيد من الضغط الهبوطي على الأسعار.

هناك عدة عوامل وراء معاناة مدن المستوى الأدنى، من بينها عمليات بناء سريعة في سنوات ما قبل 2020 أدت إلى فائض في المعروض، دون أن يواكب ذلك نمو في الطلب. وعلى الرغم من بعض التخفيضات في الأسعار من قِبل المطورين، لا يزال الطلب راكدًا ويتوقع محللون ألا تشهد هذه المدن انتعاشًا ملحوظًا حتى 2026 على الأقل.

كتب تشانج تشيوي، كبير الاقتصاديين في شركة بينبوينت لإدارة الأصول، في مذكرة للعملاء: "بالنسبة للمدن الكبيرة، ستكون السياسات أكثر فاعلية لأن العرض والطلب أكثر توازناً (لكن) عديد من المدن الصغيرة تعاني فائضا هيكليا طويل الأمد يصعب علاجه. سيستغرق الأمر وقتًا أطول".

بالنسبة للمستثمرين، تبدو التوقعات متباينة، من المرجح أن تشهد المدن الكبرى نموًا معتدلًا في الأسعار على المدى القريب، مدفوعًا بزيادة الطلب وتحسن الظروف الاقتصادية. مع ذلك، تظل السوق هشة وينبغي للمستثمرين توخي الحذر والتركيز على العقارات عالية الجودة في المناطق التي لديها آفاق تعافي أفضل، وفقًا لتشان، من ستاندرد آند بورز.

الأكثر قراءة