هل يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مكونا سريا للمطاعم؟
باتت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي محل اهتمام كبير في أوساط المشتغلين بصناعة الطعام، الذين أصبح بإمكانهم الآن الوصول إلى قواعد بيانات ضخمة خاصة بالطعام والوصفات، بحسب مدير مطعم فرنسي.
وفقا لماتان زاكين، مدير مطعم نوم في باريس "الجميع يناقش الذكاء الاصطناعي. كنتُ على طاولة مع 12 طاهٍ آخر، وكان هذا هو الموضوع الرئيسي الذي تحدثنا عنه".
وقال لـ"الفرنسية" إن بعض زملائه ربما يترددون في الاعتراف بمدى استعانتهم بخدمات مثل تكنولوجيا "شات جي بي تي" لمساعدتهم في الوصفات والأفكار. وأضاف: "ستندهشون من معرفة عدد الأشخاص الذين يستخدمونها. هناك كثير من الغرور في هذا المجال. لن يُحدثوا ضجة كبيرة حولها".
أكد زاكين (33 عاما) أنه تبنى هذه التكنولوجيا، التي وصفها بأنها قادرة على إنتاج مجموعات جديدة ومفاجئة من المكونات. بدلًا من الاعتماد على كتب الطعام المعتادة، أصبح بإمكانه الآن الوصول إلى قواعد بيانات ضخمة لصور الطعام والوصفات، وحتى التحليل الكيميائي لجزيئات الطعام.
مع ذلك، ليس الجميع متحمسًا لهذا التطور الجديد في المطبخ. فعلى الرغم من أن وظائف الطهي الراقية تُعد معزولة نسبيًا عن تهديد الذكاء الاصطناعي، إلا أن فكرة مساعدة الحواسيب على العملية الإبداعية تُقلق بعض الطهاة.
قال الشيف الفرنسي الشهير فيليب إيتشيبيست، الذي احتفل أخيرا بحصول مطعمه "ميزون نوفيل" في بوردو على نجمة ميشلان الثانية: "لن يحل الذكاء الاصطناعي محل اللمسة البشرية، أو ذوق الطاهي أبدًا (...) يمكن أن يحل محل البشر في أماكن أخرى، لكنني لا أعتقد أنه سيحل محلهم في المطبخ على الإطلاق".
يرى آخرون أن الحواسيب والتكنولوجيا الجديدة تتعارض مع رؤية المطبخ باعتباره مكان عمل حرفي قائم على نقل المعرفة من إنسان إلى آخر.
في السياق ذاته، قال تيبو سبواك، مدير مطعم أنونا، الصديق للبيئة في باريس، إن الذكاء الاصطناعي "ليس من صميم عملنا".
مع ذلك، بدا كثيرون مستعدين لتبني "شات جي بي تي" وخدمات الذكاء الاصطناعي الأخرى لتخفيف عبء كتابة رسائل البريد الإلكتروني، أو إعلانات الوظائف، أو إعداد جداول المطبخ.
تقدم تطبيقات جديدة، مثل Menu أو Fullsoon، مزيدا من الخدمات، فهي تتيح للمستخدمين إدخال الوصفات والحصول على تقديرات فورية لتكلفة أطباقهم، أو بصمتها الكربونية.
وباستخدام بيانات المشتريات والفواتير السابقة، يمكن لبعض الخدمات الحالية مساعدة المطاعم على توقع الطلب، أحيانًا من خلال دمج عوامل مثل الطقس وتواريخ الأحداث الرياضية المحلية.
يعتقد رافائيل هومون، خبير كيمياء الأغذية في جامعة باريس ساكلاي والمؤسس المشارك للمركز الفرنسي للابتكار في فنون الطهي، أن التغييرات الأكبر ستكون في الأطباق. أوضح أن قواعد البيانات المتقدمة التي تحتوي على تفاصيل حول الجزيئات التي تُنتج الروائح والنكهات التي نستمتع بها، يمكن أن تُساعد على إنتاج أشياء جديدة ومفاجئة.
قال: "ربما يستطيع الحاسوب إيجاد أشياء مشتركة غير متوقعة تمامًا. مثلا، الشوكولاتة والخيار. كذلك يمكن للبرمجيات المُعززة بالذكاء الاصطناعي تحليل مئات الآلاف من كتب الطبخ واقتراح طرق جديدة لإنتاج الطعام، أو تقديمه. يمكنها تحليل 10 آلاف صورة لجراد البحر، مثلا، والقول: قد يبدو الطبق التالي مشابهًا لهذا. استلهموا".
وفي رؤية هومون الطوباوية للمستقبل، قد تُنجز الروبوتات عالية الدقة بعضًا من أكثر مهام المطبخ إرهاقًا في قطاع يعاني نقصا مستمرا في العاملين. قال متسائلا: "من يُريد تقشير البطاطس لمدة ساعتين؟".