كوب 16 ومؤشرات حجم الاهتمام بالبيئة

التحديات التي تواجه العالم فيما يتعلق بتغير المناخ أصبحت جزءا لا يتجزأ من النقاش الذي يحظى بأهمية قصوى لدى الحكومات حول العالم، والبعض يرى أن هناك دلائل ومؤشرات على أن العالم اليوم يشهد متغيرات مناخية قد تتطور إلى مرحلة قد تكون سببا في انعكاسات سلبية على المجتمعات، بما في ذلك ارتفاع في درجات الحرارة على مستوى سطح الأرض، وارتفاع في سطح مياه البحر بما يهدد باختفاء أجزاء من بعض المدن الساحلية حول العالم، ونقص في المياه الصالحة للاستخدام بسبب زيادة في احتمالية التصحر التي يمكن أن ينتج عنها انخفاض في حجم الغطاء النباتي الذي بدوره سيؤثر في وفرة الغذاء، خصوصا مع الزيادة المتوقعة في عدد السكان في العالم.

هذه التحديات أصبحت ذات أولوية لدى كثير من قادة الدول، والحديث عنها لا يتوقف في مختلف دول العالم خصوصا الدول ذات الاقتصادات الكبرى والدول الصناعية في العالم باعتبار أنها الأكثر تأثيرا في المناخ بسبب الانبعاثات، نتيجة لنشاط المصانع وغيرها من الأسباب التي جعلت هذه الدول تبدأ في إجراءات تهدف إلى التقليل من الانبعاثات.

انعقد في الفترة الماضية أحد أهم المؤتمرات في هذا الشأن الذي ترعاه الأمم المتحدة في الرياض وهو مؤتمر كوب 16، وركز هذا المؤتمر على موضوع المياه باعتبارها أخطر ما يهدد الكوكب، باعتبار أن المياه تعتبر الأكثر أهمية للإنسان، ويواجه كثير من دول العالم حاليا تحديات كبيرة في هذا الشأن، حيث يحصل قليل من البشر على مياه صالحة للشرب بصورة ميسرة، في حين إن كثيرا من البشر قد لا يحصل على مياه صالحة للشرب، وما يحصل عليه البعض من المياه الملوثة لا يكفي احتياجاته.

تشارك السعودية بصورة فاعلة في مسألة مواجهة التحديات الخاصة بالمناخ من خلال مبادرات متعددة تتعلق بالبرامج التي تولدت من رؤية السعودية 2030م خصوصا ما يتعلق ببرنامج السعودية الخضراء الذي يهدف إلى زراعة 10 مليارات شجرة بما يتجاوز عدد سكان العالم، وقد حققت هذه المبادرة زراعة ما يقارب 100 مليون شجرة بما يتجاوز عدد سكان السعودية بـ3 مرات، وتستهدف المبادرة إتمام زراعة 600 مليون شجرة بحلول عام 2030م، وهذا بلا شك رقم كبير جدا.

تعمل السعودية على الاستثمار بصورة كبيرة في بدائل للطاقة الأحفورية من خلال الاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وتوفير البدائل للمنتجات التي تسبب انبعاثات أكثر مثل الاستثمار في صناعة المركبات الكهربائية، ومبادرة أرامكو في استخلاص الكربون وتخزينه بما يؤدي إلى تخفيف الانبعاثات.

كما أن هناك مبادرات تتعلق بتدوير النفايات لتحويلها إلى طاقة، كما أن السعودية تستثمر بصورة أكبر في مشاريع النقل العام والزراعة بتقنيات متقدمة لتخفيف استهلاك المياه إضافة إلى المحميات، والاهتمام بها لزيادة الغطاء النباتي في السعودية، وإجراءات صارمة لحماية البيئة داخل السعودية، وما زالت المبادرات تتوالى في هذا الشأن بمشاركة فاعلة من المجتمع.

فالخلاصة أن استضافة السعودية لمؤتمر كوب 16 هي أحد أهم المؤشرات لحجم الاهتمام بالبيئة ومواجهة أسباب التحولات المناخية، في ظل وجود تحديات يمكن أن يكون لها أثر سلبي في المجتمعات الإنسانية، والمبادرات التي تقوم بها في هذا الشأن تؤكد أنها تجعل الإصلاح في هذا الشأن أولوية لتحسين جودة الحياة فيها والعمل على عودة الغطاء النباتي، والمساهمة بدور فاعل لتقديم الحلول للمجتمع الدولي من خلال تجارب واقعية، واحتضان الملتقيات لتقديم التوصيات الإيجابية لأصحاب القرار في المشهد العالمي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي