خبراء: إقرار ضمني في اجتماعات العشرين ببروز قوى جديدة في المشهد الاقتصادي العالمي

خبراء: إقرار ضمني في اجتماعات العشرين ببروز قوى جديدة في المشهد الاقتصادي العالمي
ركزت المناقشات على مخاطر الاقتصاد العالمي، بما في ذلك التضخم والتوترات الجيوسياسية. المصدر: رويترز

وسط تزايد القلق بشأن التحديات الاقتصادية العالمية، انعقد اجتماع وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين برئاسة البرازيل في مدينة ريو دي جانيرو.

وتركزت المناقشات على المخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي، بما في ذلك قضايا التضخم وانعكاسات التوترات الجيوسياسية على المسار الاقتصادي العالمي وسبل ضمان استقرار أسواق الطاقة.

كانت القضايا من قبيل إدخال قواعد جديدة لفرض ضرائب على شركات تكنولوجيا المعلومات العملاقة التي تقدم خدمات عبر الحدود الوطنية حاضرة وبقوة في البيان الختامي.

الرؤية السعودية للمخاطر التي تهدد الاقتصاد الدولي كانت واضحة أيضا خلال الاجتماع، فالتحذير من التأثير السلبي للصراعات الجيوسياسية وتزايد القلق بشأن التجزؤ الاقتصادي في اقتصادات العالم، إضافة إلى الآثار المترتبة على تزايد فرض القيود على التجارة الدولية، بوصفها جميعا مخاطر تواجه الاقتصاد الدولي في المدى المتوسط، دفعت بوزير المالية السعودي ومحافظ البنك المركزي للدعوة إلى عمل جماعي مبني على أساس تعزيز التعاون متعدد الأطراف عبر سياسات مالية ونقدية متوازنة تدعم النمو الاقتصادي.

وهنا يقول لـ"الاقتصادية" الخبير الاقتصادي روبرت سميث "يمكن قراءة نتائج الاجتماع من زوايا متعددة، فبمقدار ما يكشف البيان الختامي نقاط الاتفاق العام بين دول المجموعة، فإنه يكشف أيضا وجهات نظر مختلفة تجاه قضايا مهمة دون أن يؤدي الاختلاف إلى إفشال الوصول إلى حد أدنى من الاتفاق".

ويضيف "هناك اتفاق باحتمال هبوط ناعم للاقتصاد العالمي، بمعنى آخر هناك اتفاق بتباطؤ التوسع الاقتصادي دون أن تلوح في الأفق مخاطر الركود الاقتصادي، والاتفاق في هذا الجانب ارتبط بتحذير مشترك من المخاطر الناجمة عن الحروب والصراعات المتصاعدة دون أن تتطرق الدول الأعضاء بشكل محدد لتلك الحروب والصراعات لتجنب الخلافات التي عاقت الإجماع في اجتماع فبراير الماضي".

مع هذا، يرى عدد من الخبراء أن تعافي الاقتصاد العالمي لم يكن متكافئا بين الدول، ما زاد الفجوة الاقتصادية بينها، واعتبرت دول المجموعة تفاقم التحديات الاقتصادية يتطلب العمل معا لفرض ضرائب على أثرى الأثرياء، دون أن يعني ذلك توصلها إلى اتفاق حول نظام ضريبي عالمي.

من جانبها، ذكرت لـ"الاقتصادية" أستاذة النظم الضريبية أوليفيا هاري "قد يكون من الصعب تنسيق السياسة الضريبية على مستوى العالم، لكن هذا لا يمنع من إقرار الدول بحد أدنى من التشريعات الموحدة دوليا لتنظيم نسب الضرائب على الثروات الضخمة، ونلاحظ أن فرض ضرائب تصاعدية في كل بلد على حدة مع ضمان نظام ضريبي عادل وشفاف، يمكن أن يؤدي إلى تضييق التفاوت المجتمعي بين الطبقات المختلفة، لضمان تلبية الاحتياجات الاجتماعية والتنموية".

ويعتقد البعض أن توصل دول المجموعة إلى اتفاق الحد الأدنى بشأن العمل المشترك لفرض ضرائب على الأثرياء، يأتي مدفوعا بالتحذيرات الدولية، آخرها ما أعلنته مؤسسة أوكسفام بأن 1 % من أغنى الأغنياء في العالم قد زادت ثروتهم بمقدار 42 تريليون دولار خلال العقد الماضي، ومع ذلك يدفع أصحاب المليارات نسبة ضرائب تعادل أقل من 0.5 % من ثرواتهم على مستوى العالم، كما أن 80 % من أصحاب المليارات العالميين يتخذون من دول مجموعة العشرين موطنا لهم.

ويرى البعض أن وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لدول العشرين تناولوا هذه المرة نقطة جوهرية تتعلق بالحاجة الماسة لإدخال إصلاحات ملموسة على طريقة عمل المؤسسات المالية الدولية، بهدف إيجاد مزيد من العدالة في التمثيل النسبي لمختلف البلدان في طريقة صنع واتخاذ القرار في تلك المؤسسات.

أما الباحث الاقتصادي أندرو أران فقال لـ"الاقتصادية"، "إنه عندما تقر دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا والمملكة المتحدة واليابان بوجود حاجة ملحة ومهمة لإصلاح صندوق النقد الدولي لإعادة تنظيم الحصص لتعكس بشكل أفضل المواقف النسبية للدول الأعضاء في الاقتصاد العالمي، فإن هذا يتضمن إقرارا مهما من تلك الدول بأن المشهد الاقتصادي العالمي يتغير بما يشير إلى بروز قوة اقتصادية جديدة تتمثل في الأساس في الاقتصادات الناشئة".

وأضاف "لكن هذا الإقرار لا يعني بالضرورة القبول بوجهة نظر الاقتصادات الناشئة بشأن كيفية إصلاح المؤسسات المالية الدولية، فهذا شأن آخر يتطلب مزيدا من النقاشات الدولية".

 

الأكثر قراءة