المصافي المشتعلة في الحرب الروسية الأوكرانية ترفع أسعار النفط

كان مايو الماضي الشهر الأسوأ لأسعار النفط خلال العام وخصوصا لخام غرب تكساس حيث تكبدت الأسواق خسائر كبيرة وتراجعت بعدها أسعار النفط في الأسبوع من هذا الشهر قبل أن تتدخل حزمة من العوامل المحركة التي قادت إلى رفع الأسعار حتى تجاوزت 86 دولارا لخام برنت و لامست حدود 82 دولارا لخام غرب تكساس.
وابتداء من موسم الرحلات الطويلة الذي تعمقنا الأسبوع الماضي في سبر أغوار تأثيره القوي في اتجاهات أسعار النفط في الولايات المتحدة والعالم فإن مجموعة أخرى من العوامل تضافرت معا على إضافة قوة دافعة لأسعار النفط هذا الأسبوع حيث تغلبت على المعنويات المسيطرة على أسواق النفط العالمية في الأسابيع الماضية.
لقد أضافت التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط وفي الشرق الأوروبي وارتفاع حدة الصراع في كلا المنطقتين بظلالها على الأسواق وزيادة ما يسمى معامل المخاطرة التي تحتسبها الأسواق في تسعيرها لخامي برنت وغرب تكساس ففي الشرق الأوسط أصبحت طبول الحرب تقرع بصوت عال، وقد يشتعل فتيلها في أي لحظة، بسبب تطورات الأحداث في الجنوب اللبناني.
سيحسب معامل المخاطرة ليس التهديد الذي يحيط بمنابع النفط الرئيسة في العالم بل حتى بممراته المائية التي قد تدخل ضمن نطاق الحرب بما فيها مضيق باب المندب ومضيق هرمز ما يشكل تهديدا حقيقيا لإمدادات النفط لقارات العالم، ستدفع مثل هذه الأحداث في حال تطورها إلى زيادة في قيم التأمين والعمليات اللوجستية والتكاليف المتعلقة بمسارات أطول ومدد تسليم أكبر.
لا تقتصر التهديدات الجيوسياسية على المنطقة المشتعلة أصلا في الشرق الأوسط منذ السابع من أكتوبر، بل أن التصعيد الدائر في الحرب الروسية الأوكرانية بدأ يأخذ منحنى أخطر فيما يتعلق باستهداف منشآت الطاقة في كلا الجانبين فالرئيس الأوكراني صرح أخيرا أن تم استهداف نحو 30 منشأة نفطية بينها عديد من المصافي، وعلى الجانب الآخر تتعرض روسيا لهجوم يستهدف مصافي التكرير لديها ويعمل على الحاق الضرر بأكبر عدد منها بغية الضغط على الإمدادات الداخلية والأمن الداخلي ومنع التصدير الذي قد يجلب عوائد روسية تمول بها حربها ضدها.
ومن المعطيات السابقة نرى أن الأساسيات في أسواق النفط تتضافر مع العوامل الجيوسياسية لتتغلب على المعنويات التي كانت الأسواق ترزح تحت تأثيرها وضغطها مرتكزة سابقا على عدم وجود إشارات قوية لطلب صحي قوي والتباطؤ في تخفيض سعر الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الذي ترك تأثيرا بالغا على الأسواق طيلة الأشهر الماضية من هذا العام.
لقد أشارات البيانات أن الولايات المتحدة الآن في أعلى معدل استخدام لوقود البنزين منذ التعافي من جائحة كورونا الذي بلغ 9.4 مليون برميل يوميا مقابل انخفاض بالمخزونات.
هذه الإشارات تدل على حجم الطلب المتنامي على النفط وتدعم ارتفاع الأسعار في بداية موسم يتوقع أن يكون الاستهلاك بسبب الإقبال على السفر برا وجوا في الولايات المتحدة والعالم كبيرا ومؤثرا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي