التكنولوجيا والشيخوخة صراع شدّ وجذب يرسم ملامح المستقبل في أمريكا

التكنولوجيا والشيخوخة صراع شدّ وجذب يرسم ملامح المستقبل في أمريكا
A man tries the Meta Quest 3 mixed reality VR headset during the Vivatech technology startups and innovation fair, at the Porte de Versailles exhibition center in Paris, on May 22, 2024. (Photo by JULIEN DE ROSA / AFP)

في مارس 2024، أصدر مجلس الاحتياطي الفيدرالي توقعاته الاقتصادية على المدى الطويل بتحقيق نمو اقتصادي حقيقي يراوح بين 1.6 % و2.5 % سنويا، وربما يقل نقطة مئوية عن معدل النمو منذ الحرب العالمية الثانية. ومعدل تضخم سنوي 2 %،وأسعار الفائدة قصيرة الأجل بين 2.4 % و3.6 %، أقل كثيرا من مستواها الحالي.

ويقدم مكتب الميزانية في الكونجرس والمسح الذي أجراه الاحتياطي الفيدرالي في فيلادلفيا للمتنبئين المحترفين توقعات مماثلة. بعبارة أخرى، الإجماع الاقتصادي الواسع يتمثل في أن المستقبل الاقتصادي يشبه نمو الإنتاجية المنخفض في الماضي، والتضخم المنخفض، والعوائد المعدلة بحسب التضخم التي تقترب من الصفر على أدوات الادخار مثل سندات الخزانة الأمريكية، بحسب "قورو فوكس".

لكن هذا مستبعد، حيث يبلغ احتمال حدوثه 10% - 20 %. أما النتيجة الأكثر ترجيحا، باحتمال بلغ 45 % - 55 %، فهي أن يحفز الذكاء الاصطناعي زيادة النمو الاقتصادي. يليها احتمال 30 % - 40 % بأن يفشل الذكاء الاصطناعي في تحقيق توقعات "قورو فوكس" وأن يؤدي النمو السكاني البطيء والشيخوخة إلى تفاقم العجز الحكومي والديون، ما يحد من النمو وتحسين مستويات المعيشة.

أنتجت "قورو فوكس" هذه الإحصاءات بالاستعانة بإطار جديد يدمج متغيرات دورة الأعمال قصيرة الأجل، التي تحرك أغلب التوقعات الاقتصادية، مع قوى جانب العرض الأبطأ، التي تحدد القدرة الإنتاجية للاقتصادات على مدى عقود. تشمل قوى الاتجاهات الكبرى هذه العوامل الديموغرافية، والتغير التكنولوجي، والعجز والديون، والعولمة.

يشير التحليل، بعنوان "الاتجاهات الكبرى والاقتصاد الأمريكي، 1890-2040"، إلى أن المستقبل يعتمد على شدّ وجذب بين الذكاء الاصطناعي والعجز الناتج عن التركيبة السكانية.

حققت الولايات المتحدة فائضا أوليا خلال 141 من أصل 208 أعوام بين 1792 و1999، أي 70 % تقريبا. (يعني الفائض الأولي أن الإيرادات الضريبية تتجاوز الإنفاق الحكومي باستثناء مدفوعات الفائدة على الدين).
في الآونة الأخيرة، انعكس هذا النمط. سجلت الولايات المتحدة عجزا أوليا في 20 من أصل 24 عاما بين 2000 و2023 (% 83) .

ما الذي يفسر هذا الانعكاس؟ شيخوخة السكان، التي تعني زيادة الإنفاق الحكومي على الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.
أصبح العجز الآن سمة هيكلية للاقتصاد الأمريكي وسيؤدي بجانب ارتفاع أسعار الفائدة ما بعد كوفيد، إلى زيادة الدين العام.
ستتجاوز نسبة الدين الأمريكي إلى الناتج المحلي الإجمالي 170 % بحلول 2054، ارتفاعا من 100 % تقريبا اليوم، بحسب تقديرات مكتب الميزانية في الكونجرس. ويهدد هذا العجز برفع التضخم وتكاليف الاقتراض، ما يحد من النمو الاقتصادي.

لكن يمكن للتكنولوجيات الناشئة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، تعزيز النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة على التمويل وخفض تكلفة الإنفاق المرتبط بالعمر. فعلى مدار الـ130 عاما الماضية، كان الابتكار التكنولوجي هو المحرك الرئيس لنمو الإنتاجية وتحسين مستويات المعيشة.

دخل نمو الإنتاجية حالة ركود منذ أواخر التسعينيات، ويتوقع أن ينعكس هذا الاتجاه.
في الماضي، سبق ظرفان ظهور تكنولوجيات الأغراض العامة: ارتفاع الاستثمار الرأسمالي في التكنولوجيات الجديدة وتباطؤ نمو الإنتاجية. واليوم، يسود هذان الظرفان.

إذا اقترب حجم تأثير الذكاء الاصطناعي من حجم تأثير الكهرباء، فإن حجتنا الأساسية هي أن النمو سيعوض ضغوط التركيبة السكانية، ما ينتج عنه مستقبل اقتصادي ومالي يتجاوز توقعات الإجماع. لكن إذا كانت مكاسب الإنتاجية تشابه تلك التي تحققها الروبوتات والحواسيب والإنترنت، فإن التركيبة السكانية ستكون هي المهيمنة، ولن ترقى النتائج الاقتصادية والمالية إلى مستوى توقعات الإجماع.

كانت التكنولوجيا والتركيبة السكانية تتنافسان دائما، كما أوضح توماس مالتوس في "مقال عن مبدأ السكان" (1798). قال: إن النمو السكاني سيؤدي إلى حرب ومجاعة ومرض. في 1798، بلغ عدد سكان الأرض 800 مليون نسمة، لكن في 2022 كان هناك ثمانية مليار شخص في كوكب أكثر ثراء وصحة.

يدور الصراع اليوم بين السكان الذين يتسمون بالشيخوخة ويتباطأ نموهم، وبين قدرتنا على تحسين مستويات المعيشة، أو حتى الحفاظ عليها. لكن يتوقع بعضهم أن تسود التكنولوجيا وأن نبتكر بشكل أسرع من تقدمنا في السن.

الأكثر قراءة