ذروة الصيف واستهلاك الكهرباء بكفاءة

مع دخول فصل الصيف، يأتي استهلاك الكهرباء بالمملكة نتيجة لاستخدام التكييف بالدرجة الأولى والذي يقدر بأكثر من نصف مجموع استهلاك الطاقة الكهربائية. ويلعب التكييف دورا رئيسا في ارتفاع معدل استهلاك الكهرباء للقطاع السكني والتجاري والحكومي، ويرتفع هذا المعدل إلى أرقام قياسية قد تصل إلى 70 % في ساعات الذروة الصيفي، حيث يعد قطاع المباني المسؤول بشكل مباشر عن استهلاك أكثر من نصف الطاقة الكهربائية المنتجة في المملكة. وتعزى أسباب الزيادة في الطلب على الكهرباء في المملكة إلى تزايد نسبة النمو السكاني وتوسع المنشآت العمرانية إضافة إلى نمط الحياة التجاري والصناعي السريع.
ويمثل موسم الصيف مصدر إزعاج للمستهلك لتعاظم الاستهلاك الكهربائي إذا لم يتبع تدابير كفاءة الطاقة ومنها تطبيق العزل واعتماد تركيب وحدات التكييف ذات الكفاءة العالية التي نصت عليها المواصفات القياسية السعودية. وقد يتفاجأ المستهلك بأول فاتورة صيفية أعلى من مثيلتها الشتوية بثلاث أو أربع مرات على الأقل، وتبدأ معاناة المستهلك واضطراب سلوكه. الأمر الذي قد يجعله يفكر مليا في تقليل استهلاكه ما يؤثر في نمط معيشته وعائلته، وهذا ليس هو المقصود وإنما أن يكون الاستهلاك بحكمة. إن القليل من الحذر يمكننا من الحفاظ على الطاقة الكهربائية دون الكثير من المعاناة وأن استهلاك الكهرباء بشيء من العقلانية سيقلل من تكاليف الفواتير.
إذن، كيف يتسنى لنا أن نستهلك الكهرباء بكل حكمة؟ وما دور كفاءة الطاقة في الاستهلاك الحكيم؟ يمثل التكييف معظم فاتورة المستهلك السكني إضافة إلى الأجهزة الأخرى التي تعمل بنظام الضاغط (الكمبروسر) مثل الثلاجات والمبردات والمجمدات، ولذلك يرى أن أي أعمال صيانة أو تغيير نمط استهلاك يتم مع هذه الأجهزة سينعكس أثره إيجابا في الفاتورة، ومنها استبدال المكيفات ذات الكفاءة المتدنية بأخرى أكثر كفاءة. ومن الحكمة التركيز على استبدال المكيفات التي تعمل بصفة مستمرة مثل غرف النوم وصالات الجلوس، بينما يمكن تأخير استبدال مكيفات غرف المجالس. وستعكس تدابير الصيانة الدورية، مثل تنظيف مرشحات (فلاتر) المكيفات وغيرها، على خفض قيمة الفاتورة، إلى جانب الاهتمام بضبط درجة حرارة المكيف المصان ما بين 24 و25 درجة مئوية في فصل الصيف، كما تنص المواصفات القياسية السعودية، وهي درجة الحرارة المريحة للإنسان حيث يشعر عندها بالراحة ولا يحتاج إلى ضبط درجة التكييف لأقل من ذلك. وقد يتصاعد استهلاك الكهرباء بنسبة 6 إلى 8 % مع كل درجة إضافية من التبريد الإضافي، وهذا ينعكس سلبا على قيمة الفاتورة.
وبالطبع فليس ثمة ضرورة في إبقاء السخانات في وضع التشغيل خلال فصل الصيف أو إبقاء المكيفات على وضع التشغيل طوال اليوم أو إبقاء النوافذ والأبواب مفتوحة، اذا لم يكن هناك مبرر. وتمثل الإنارة جانبا متواضعا للاستهلاك مقارنة بالتكييف، بيد أنها تستحق الاهتمام في استخدام المصابيح ذات الكفاءة العالية. ويساعد تركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية فوق أسطح المنازل في خفض الفاتورة الصيفية ولكن تظل التكلفة ومدة استردادها تحديا. ختاما، يجب أن تكون الرسائل الإعلامية نحو "استهلك الكهرباء بحكمة وليس أقل" لأن الجانب التوعوي يمثل قاعدة صلبة للمستهلك في استهلاكه الحكيم للكهرباء.
وهذا يؤدي من شأنه إلى الحد من ارتفاع الطلب أثناء فترة الصيف، وحفظ أموال المستهلكين خاصة الأسر ذات الدخل المنخفض، وعدم الحاجة إلى بناء محطات توليد جديدة، وتقاعد المحطات القديمة ذات الاستهلاك العالي للوقود، وتقليل الاتبعاثات الغازية، ورفع موثوقية النظام الكهربائي. وما قد قيل عن استهلاك خدمة الكهرباء بحكمة، ينطبق تماما على بقية الخدمات الأخرى مثل المياه والغاز التي بذلت الحكومة الرشيدة جهودا كبيرة في توفيرها لتكون متاحة لكل مواطن ومقيم على أرض الوطن.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي