تعويض المستهلك المالي
تتسم أعمال البنوك والمؤسسات المالية بالتعقيد والشمولية وتتطلب مستويات غير تقليدية من الرقابة المباشرة والديناميكية بشكل مزدوج من أجل حماية البنوك وحماية المستهلك المالي للخدمات المصرفية والائتمان (القروض) من فشل التشغيل التقني أو البشري ومن أي تجاوزات، لذا تفرض البنوك المركزية مجموعة من التشريعات والتنظيمات والسياسات التوجيهية على إدارة البنوك والمؤسسات المالية غير المصرفية لحوكمة العلاقات وتحقيق عدالة التعامل بين الأطراف، وتترجم هذه الجهود في نهاية المطاف إلى تعزيز كفاءة النظام المصرفي لخدمة الاقتصاد.
في السعودية، تتمتع الخدمات المصرفية الإلكترونية بمستوى متقدم، حيث يعتمد النظام المالي بشكل شبه كلي على التقنية وتطبيقاتها الافتراضية، أي إن معظم عمليات البيع والشراء والتحويل وحتى الحصول على القروض تتم افتراضيا عبر المصارف والمؤسسات المالية وشركات التكنولوجيا المالية "فينتك" ويعود هذا النجاح إلى رؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى رفع كفاءة الأعمال وتطوير القطاع المالي، خاصة أن النظام المصرفي والمالي يعد إحدى الركائز الأساسية للاقتصاد.
الرقابة القائمة على التعويض التنفيذي المباشر من البنك المركزي للمستهلك المالي من الأفكار المبتكرة التي يمكن تطبيقها في المملكة كنموذج عالمي جديد، أي إن البنك المركزي يفرض تعويضا ماليا مباشرا على البنوك ولحساب المستهلك المالي في حال وجود فشل تشغيلي تقني أو بشري في تقديم الخدمة وكأنه (SLA اتفاقية مستوى خدمة)، ويمكن التدرج في تطبيقه تدريجيا وعلى أنواع معينة من الخدمات المصرفية - على سبيل المثال - تأخر الحوالات المالية حيث يتلقى العميل تعويضا معاليا وفقا لمعايير محددة، مشابهة للتعويضات التي يحصل عليها العملاء في حالات تأخر رحلات الطيران، أي إن العميل يحصل على تعويض مالي بسعر فائدة الليلة الواحدة بين المصارف وعدد الليالي التي تأخرت فيها الحوالة المالية ويكون معيارا معتمدا من البنك المركزي.
وهذا الأسلوب التعويضي والتنفيذي المباشر من البنك المركزي سيحفز البنوك والمؤسسات المالية على بذل العناية المهنية الواجبة وزيادة معدلات الاستثمار في التقنية وتطوير العمليات التشغيلية وفق أفضل الممارسات ونحن مؤهلون لمثل هذه الممارسات المبتكرة عالميا أما على المستوى العملي فيمكن تخصيص بند مستقل لهذا النوع من التعويضات ضمن ميزانية البنوك والمؤسسات المالية واستخدامه كمؤشر على كفاءة البنوك في تقديم الخدمات وفق معايير تقديم الخدمات، بمعنى آخر: تطبيق مستوى رقابة ديناميكي فعال من البنك المركزي لحماية المستهلك المالي دون الحاجة إلى أي درجة من درجات التقاضي التي تتم في السعودية من خلال لجان المنازعات والمخالفات المصرفية والتمويلية.
أخيرا: البنوك في السعودية شريك موثوق إلى أقصى الحدود وتطبيق ما ورد في مقالة اليوم له أبعاد رقابية ديناميكية ويضمن انخفاض الشكاوى ورفع الكفاءة التشغيلية للبنوك والمؤسسات المالية وشركات التقنية المالية "فينتك" حتى في أوقات الذروة وتحديث الأنظمة ومن المؤكد أننا سنحصد نتائج مذهلة من حيث سهولة الرقابة عندما تدخل مزيد من البنوك الأجنبية لاقتصادنا كما أن ذلك سيحفز الأموال الأجنبية على استخدام نظامنا المصرفي السعودي للاستفادة من مستويات الضمان العالية وفي الوقت ذاته تمثل أسلوبا تسويقيا رائعا لمزيد من الودائع الأجنبية من شركات وأفراد.