حجم الاقتصاد الصيني 5 أضعاف نظيره الهندي فهل تنقلب المعادلة يوما ما؟

حجم الاقتصاد الصيني 5 أضعاف نظيره الهندي فهل تنقلب المعادلة يوما ما؟

هل سيتجاوز الناتج المحلي الإجمالي في الهند نظيره في الصين يوما ما؟ قبل عشرة أعوام، لم يكن أحد ليفكر كثيرا في هذا السؤال. لكن الزمن يتغير.

قد يكون الاقتصاد الصيني الآن أكبر من الاقتصاد الهندي خمس مرات، لكن الهند تنمو بسرعة أكبر من الصين.

منذ 2010، تجاوز اقتصاد الهند اقتصادات المملكة المتحدة وفرنسا وإيطاليا والبرازيل من حيث الحجم.

ومن المتوقع أن تكون اليابان، التي تراجعت العام الماضي خلف ألمانيا لتصبح رابع أكبر اقتصاد في العالم، هي الدولة التالية التي تتخلف عن الهند في الأعوام القليلة القادمة.

وبحسب "نيكاي آسيا" فإن الاقتصاد الهندي يسير على المسار الصحيح ليقترب من حجم اقتصاد الصين على مدى العقود المقبلة.

من الصعب التنبؤ بما إذا كان الإنتاج الهندي سيتجاوز بالفعل إنتاج الصين، لأن ذلك سيعتمد على مدى سرعة تباطؤ الإنتاج الصيني ومدة استمرار الهند في الاستفادة من الظروف المواتية لزخم نموها، بما في ذلك التوسع السكاني والتوسع الحضري واهتمام الاستثمارات الغربية بالبلاد كوسيلة للتحوط ضد الاعتماد على الصين.

انخفض معدل النمو في الصين عن وتيرته السابقة المكونة من رقمين منذ 2010، وتهدف الحكومة هذا العام ببساطة إلى تحقيق معدل "5 % تقريبا". لكن بالنسبة إلى اقتصاد يتجاوز فيه نصيب الفرد في الناتج المحلي الإجمالي 10 آلاف دولار، فإن نمو 5 % سيكون جيدا بشكل استثنائي.

من المرجح أن يشهد النمو الصيني ارتفاعات وانخفاضات في الأعوام المقبلة، لكن تباطؤه الهيكلي أصبح حقيقة. إن كل العوامل التي تقف وراء النمو الاقتصادي المحتمل للصين تتباطأ، بما فيها المساهمات المحتملة من العمالة وإنتاجية العمل والاستثمار. كما انخفضت عائدات الاستثمار خلال العقد الماضي وهي الآن مماثلة لتلك التي تحققها الاقتصادات المتقدمة.

وفي غياب إصلاحات هيكلية كبرى، سيتراجع معدل النمو في الصين إلى نحو 2.4 % بحلول 2035، وسيستمر بعد ذلك في التباطؤ مع اقتراب معدل التوسع الحضري في الصين، الذي يبلغ حاليا 60 %، من 75 % في الاقتصادات المتقدمة.

ومع انخفاض إجمالي عدد السكان في البلاد، فإن وتيرة النمو السنوي قد تحوم حول 1 %، كما هي الحال في اليابان اليوم. الهند تمر بمرحلة مختلفة تماما في تطورها، فعلى مدى العقد الماضي، بلغ متوسط معدل نموها نحو 7 %، وهو معدل مستدام لأن نحو 35 % فقط من سكانها يعيشون في المدن حتى مع التوسع الحضري الأخير.

من المتوقع أيضا أن تجذب الهند قدرا أكبر بكثير من الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع التصنيع لديها. وقد قدمت هذه التدفقات دفعة كبيرة للصين في العقود الماضية، لكن الشركات الأجنبية والحكومات تبحث الآن عن قواعد إنتاج بديلة وسط منافسة القوى العظمى بين واشنطن وبكين.

إن الدور المركزي الذي تلعبه الهند في منطقة المحيط الهادئ-الهندي الذي يرتكز على أكبر عدد من السكان في العالم والاقتصاد المتنامي للبلاد، سينال اهتمام الولايات المتحدة. كما يحرص الاتحاد الأوروبي على استمرار الزخم في الهند في الوقت الذي تتنافس فيه على أسواق التصدير مع الصين.

أحد أوجه عدم اليقين الرئيسة في هذه الصورة يتعلق بالابتكار الصيني. كانت الصين تعمل على زيادة الإنفاق على البحث والتطوير إلى مستويات مماثلة لتلك التي تنفقها الاقتصادات المتقدمة.

بدأ هذا الاستثمار يؤتي ثماره بالفعل، مع صعود الصين بسرعة في كثير من القطاعات الصناعية وتحقيق اكتشافات في عدد من المجالات العلمية. مع ذلك، لا يبدو أن محرك الإبداع هذا يولد أي مكاسب إنتاجية من حيث مجموع عوامل الإنتاجية في الصين.

ويبدو أن هذه الظاهرة، التي لا تبشر بخير فيما يتعلق بإحياء زخم النمو في الصين، ترتبط بالافتقار إلى الإصلاح الاقتصادي الكبير على مدى العقدين الماضيين.

وقد يرجع ذلك إلى البيئة متزايدة الصعوبة التي يواجهها الجزء الأكثر حيوية في الاقتصاد الصيني، وهو القطاع الخاص. وإضافة إلى الرياح المعاكسة الناجمة عن تشديد تدابير الاحتواء التكنولوجي التي فرضتها واشنطن، فمن الصعب التفاؤل بشأن النمو الصيني.

في الوقت نفسه، يجدر السؤال عما إذا كانت الهند قد تفشل في الحفاظ على زخمها الحالي، وهي لن تكون المرة الأولى. لا تنس أن اقتصاد الهند لم يكن أصغر من اقتصاد الصين بكثير منذ 1990. لكن التخطيط المفرط والسياسات الصناعية التي تقودها الحكومة، والافتقار إلى الإصلاح الزراعي، أعاقت الهند بينما انطلق النمو الصيني.

بالتأمل في تجربة الصين، يتعين على الهند أن تعمل بجهد أكبر على تنفيذ أجندتها "للإصلاح والانفتاح".

في الإجمال، يبدو أن الهند ستتمتع باقتصاد كبير مثل اقتصاد الصين بحلول منتصف هذا القرن تقريبا، فضلا عن عدد سكان أكبر بكثير.

الأكثر قراءة