قطاعات "رأس الحربة" تقود البورصة الإندونيسية إلى الانتعاش وتقفز بقيمتها السوقية 23 % في عام

قطاعات "رأس الحربة" تقود البورصة الإندونيسية إلى الانتعاش وتقفز بقيمتها السوقية 23 % في عام
سجلت البورصة الإندونيسية أعلى قيمة سوقية بنهاية العام الماضي عند 748 مليار دولار. "رويترز"
يتشابك المسار الاقتصادي الإندونيسي مع أداء سوق الأوراق المالية، وفي الأعوام الماضية تحسن أداء البورصة بشكل ملحوظ، ففي 2019 لم يدرج فيها سوى 668 شركة تبلغ قيمتها السوقية 490 مليار دولار. علاوة على ذلك، فإن سكان إندونيسيا البالغ عددهم 270 مليون نسمة لم يستثمر منهم سوى 1.1 مليون شخص فعليا في الأسهم، ما يشير إلى أن أداء البورصة وحتى 2019 لم يكن لها تأثير كبير في الاقتصاد الحقيقي. هذا المشهد يتغير بشكل ملحوظ، فقد بلغت البورصة الإندونيسية أعلى قيمة سوقية لها نهاية العام الماضي عند 748 مليار دولار. وبين عامي 2022 و2023 زادت قيمتها السوقية 23 %. وكان من المتوقع أن يوجه رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة، ضربة قوية للأسهم الإندونيسية ويدفع المستثمرين إلى التخلص، ما لديهم منها والفرار للاستفادة من ارتفاع أسعار الفائدة على الدولار، لكن لم يحدث ذلك وواصلت البورصة الوطنية نموها. وهنا قال لـ"الاقتصادية" الخبير الاستثماري كريس بارانيوك: إن "نجاح البورصة الإندونيسية منبعه مرونة الاقتصاد الوطني الذي نجا من الرياح المعاكسة الناجمة عن جائحة كورونا والتوترات الجيوسياسية، وكشفت البلاد أن أساسيات اقتصادها قوية، إذ ظلت السوق الاستهلاكية المحلية قوية ودافعة للطلب الوطني والنمو الاقتصادي". وأضاف "الموقع الجغرافي لإندونيسيا جعلها بوابة لفرص الاستثمار المربحة، وبينما يسعى المستثمرون العالميون الى التنويع والبحث عن آفاق نمو خارج المراكز التقليدية، برزت إندونيسيا واجهة جذابة لتدفقات رأس المال والمشاريع الاستثمارية". يبرز نجاح البورصة الإندونيسية عند مقارنتها بأداء البورصات في دول الجوار، ففي العام الماضي تقلصت القيمة السوقية لبورصة سنغافورة 3 % ولم تتجاوز قيمتها السوقية 600 مليار دولار، وانكمشت أسهم بورصة تايلاند 17 % لتصل قيمتها السوقية إلى 487 مليار. وإذا كان نجاح البورصة الإندونيسية يعود في جزء منه لإدراج شركة "أمان مينرال إنترناشونال" التي تدير ثاني أكبر منجم للذهب والنحاس في البلاد في البورصة بقيمة 30 مليار دولار، وشركة "باريتوا رنيوبلز" التي تدير عدة محطات للطاقة الحرارية، ما أسهم في انتعاش البورصة بإضافة عشرات المليارات من الدولارات إلى القيم السوقية، فإن عوامل أخرى ساعدت على الانتعاش. من جانبه، ذكر لـ"لاقتصادية" الباحث في الشأن الآسيوي دي. سميث "الإصلاحات الحكومية الجريئة وإجراءات التحفيز الاقتصادي وتعزيز ثقة المستثمرين تغذي ازدهار أسواق الأوراق المالية، فالحكومة تبنت سلسلة مبادرات لتبسيط البيروقراطية وتسهيل ممارسة الأعمال التجارية، وأعطت أسواق الأسهم والسندات الأولوية، وأقنعت الشركات بالاعتماد على البورصة لجمع الأموال". وأضاف "خلال الأعوام الثلاثة من 2020 إلى 2023 أدرجت 190 شركة جديدة، وثلثا المعاملات تتم من قبل مستثمرين محليين وليس أجانب، ولذلك عندما ارتفعت أسعار الفائدة الأمريكية، فإن انسحاب رأس المال الأجنبي كان من الممكن تعويضه بعمليات شراء من رأس المال المحلي، ما يعزز الاستقرار المالي طويل الأجل في إندونيسيا". من جهته، تطرق أستاذ الاقتصاد الرقمي في جامعة لندن إليكس هاموند إلى ما يطلق عليه "قطاعات رأس الحربة"، مضيفا أنه "في سوق الأوراق المالية الإندونيسية ظهرت قطاعات بوصفها بؤرا للتنمية، فالتكنولوجيا والتجارة الإلكترونية والطاقة المتجددة والرعاية الصحية من بين تلك القطاعات، كما تبنت إندونيسيا التحول الرقمي ومبادرات التنمية المستدامة". وأضاف "انتشار منصات التداول عبر الإنترنت وابتكارات التكنولوجيا المالية أتاح فرصة لاكتساب مستثمري التجزئة الذين استفادوا من الفرص الاستثمارية غير المسبوقة التي توفرها السوق المالية الإندونيسية".

الأكثر قراءة