الأمن السبيراني أعز ما يطلب في غمرة التحول الرقمي .. 538.3 مليار دولار عوائده العالمية في 2030
توقع الخبراء أن تسجل عوائد سوق الأمن السيبراني، بحلول نهاية العقد الحالي، ارتفاعا بمقدار الضعف عالميا، فالأرقام تتحدث عن 538.30 مليار دولار بحلول عام 2030، بعدما سجلت السوق 217.90 مليار دولار عام 2020.
فيما قدر تقرير GVR أن تسجل السوق عالميا نسبة نمو سنوي قدرها 10 % إلى عام 2027، وسط توقعات أن يتعدى حجم الصناعة 326 مليار دولار.
الأسواق الرائدة في صناعة الأمن السيبراني بدورها حققت مكاسب نوعية، فعائدات السوق الأمريكية مثلا ارتفعت من 49.01 مليار دولار عام 2019 إلى 71.79 مليار دولار عام 2023.
وعن الفترة نفسها (2019-2023) شهدت الأسواق بمختلف الأقاليم قفزات نوعية، فانتقلت السوق الصينية من 8.35 مليار دولار إلى 13.71 مليار دولار، والسوق البريطانية من 6.9 مليار دولار إلى 9.4 مليار دولار، والسوق اليابانية من 7.8 مليار دولار إلى 9.3 مليار دولار.
يقصد بالأمن السيبراني مختلف العمليات الرامية إلى حماية الأنظمة والشبكات والبرامج من الهجمات الرقمية التي تسعى وراء الظفر بأكبر قدر من المعلومات الحساسة؛ من أجل تدميرها أو تغييرها أو حجبها، مستخدمة برمجيات تخريبية، وذلك قصد الحصول على الأموال من أصحابها.
في الأعوام الأخيرة، تزايدت وتيرة التهديدات الرقمية بشكل ملحوظ، نتيجة بسط التحول الرقمي نفوذه على الحياة اليومية، فالتكنولوجيا الرقمية باتت حاضرة وبقوة في مختلف المجالات، من الاتصالات والتجارة إلى الصحة والتعليم مرورا بالإعلام والترفيه.
وعززت جائحة كورونا عام 2020 هذا التحول في العالم، بالركون إلى خيار العمل عن بعد، ما فرض مزيدا من الاهتمام بصناعة الأمن السيبراني، بحثا عن تحصين أفضل للمكاتب المنزلية التي عوضت المكاتب الرسمية.
كان لانتشار إنترنت الأشياء، في الآونة الأخيرة، مساهمة في زيادة الطلب على الأمن الرقمي، فاتساع نطاق شبكة الأجهزة المتصلة بالإنترنت (الأجهزة المادية مثل: السيارات والثلاجات الذكية..)، فسح المجال أمام تزايد الهجمات الإلكترونية، بزيادة في عدد نقاط الدخول المحتملة إليها، فهذه الأجهزة غالبا ما تصمم بميزات أمان محدودة، ما يجعل اختراقها سهلا، لا سميا أن التقديرات تفيد بأن 64 مليار جهاز إنترنت الأشياء سيثبت حول العالم، بحلول عام 2026.
هكذا بات الأمن السبيراني أعز ما يطلب في غمرة التحول الرقمي، فالقراصنة لا يميزون القطاع العام عن القطاع الخاص، فضلا عن تحول الاستهداف لغاية في حد ذاتها بصرف النظر عن الهدف، فقد يكون بنية تحتية أو منشآت خدمية أو غيرهما، فوزارة التحول الرقمي في حكومة كيبيك تتحدث عن احتمالية تعرض 3992 موقعا إلكترونيا حكوميا، بما فيها المرتبطة بالصحة والتعليم والإدارة العامة، لمثل هذه الأخطار.
مطلع عام 2023، تعرضت مرافق حيوية (الكهرباء والغاز المسال) في الولايات المتحدة للاستهداف ما أخرجها كليا عن الخدمة. فيما توقفت خدمة البريد في المملكة المتحدة جراء هجمات إلكترونية. وافتقد الأوروبيون الخدمات الصحية في أكثر من مستشفى (هولندا وألمانيا وبولندا..) بسبب الهجمات الرقمية.
القطاع الخاص بدوره لم يسلم من الاستهداف، فقد اضطرت شركة أمريكية رائدة في مجال تعبئة اللحوم (JBS Foods) إلى دفع فدية قدرها 11 مليون دولار، لجهات مجهولة نفذ ضدها هجوما الكترونيا، أجبرها على إيقاف الإنتاج في عدة مواقع حول العالم.
صحيح أن منسوب المخاطر في ارتفاع مستمر، لكن أكثر من معوق يثبط تقدم هذه الصناعة، فالافتقار إلى أصحاب الخبرة والمهارة في المجال يشكل عائقا كبيرا، إذ تشهد مناطق عدة في العالم نقصا حادا في أهل الاختصاص للتعامل مع التهديدات السيبرانية، وتفيد التقديرات بالافتقار إلى نحو 3.4 مليون وظيفة شاغرة عالميا.
يشكل التقنين بدوره مشكلة، فأغلب الدول تفتقد إلى قوانين بهذا الخصوص، فالاتحاد الأوروبي لم يطلق قانون الأمن السيبراني CSA حتى عام 2018، ونص على إنشاء هيئة أوروبية مستقلة لتنظيم الأمن السيبراني، بوصفها هدفا من أهداف "السوق الرقمية الواحدة". واعتمد المفوضية تحصين القدرات في المجال عام 2024، بميزانية وصلت إلى 214 مليون يورو.