الين أمام طريق وعر للغاية بعد أدنى مستوياته في 34 عاما فهل يخسر معركته في مواجهة الدولار؟
مع وصول الين الياباني إلى أدنى مستوى له منذ 34 عاما مقابل الدولار الأمريكي، اتجهت الانظار للبنك المركزي الياباني لمعرفة الخطوة التي سيقدم عليها لمواجهة هذا التراجع الحاد.
تدخل المركزي الياباني للحيلولة دون حدوث مزيد من الانهيار في قيمة العملة الوطنية احتمال وارد وإن لم يكن قطعي، لكن مدى التدخل وهل يمثل حلا جذريا لتراجعات الين المتكررة أمام الدولار، تعد قضية أخرى.
الانخفاض الأخير في قيمة العملة اليابانية يأتي في أعقاب ارتفاع قيمة الدولار غذته بيانات التضخم الأمريكي التي فاقت التوقعات، فمعدل التضخم بلغ في مارس الماضي 3.5 في المائة مقابل 3.2 في المائة في فبراير، ما يجعل الطريق وعرا للغاية أمام الين وتراجع أسعار الفائدة قد لا يحدث قريبا.
السواد الأعظم من الخبراء يشيرون إلى أن الين يدفع فاتورة سنوات طويلة من سياسات الحكومة اليابانية جعلته هشا في مواجهة الدولار وأفقدته القدرة على تطوير مناعة لمواجهة تغيرات الاقتصاد الأمريكي.
هنا يقول لـ"الاقتصادية" إس.دي آرثر الباحث في بنك إنجلترا، إن "الين الياباني كان واحدا من أسوأ العملات أداء خلال العامين الماضيين، وخسر نحو 20 في المائة مقابل الدولار منذ أواخر 2021، وأبقى المركزي الياباني أسعار الفائدة منخفضة للغاية في حين قام أقرانه برفعها بشكل ملحوظ".
آرثر أشار أيضا إلى أن فجوة العائد بين سندات الحكومة الامريكية ونظيرتها اليابانية واسعة، ما يجعل الأصول المقومة بالدولار أكثر جاذبية، فعائد سندات الخزانة الامريكية لأجل عامين بلغ مؤخرا 4.593 %، بينما لم يتجاوز عائد سندات الحكومية اليابانية لأجل عامين 0.191%.
أحد أهم الأسباب وراء ضعف الين الياباني يعود إلى التدخل النقدي للبنك المركزي لسنوات طوال، إذ تبنى سياسات نقدية لتحفيز الاقتصاد ودعم النمو، تضمنت خفض أسعار الفائدة لمستويات متدانية جدا وشراء السندات الحكومية والأصول الأخرى، ما زاد من تدفقات الين في الأسواق مقابل العملات الأخرى ومن ثم تراجعت قيمته.
بدوره، قال المحلل المالي في بورصة لندن هاري ميسون، إن "العملة اليابانية تراجعت مقابل الدولار منذ بداية العام بنسبة 7 %، وهي الأسوأ أداء بين العملات الاسيوية الرئيسة حتى الآن، فأسعار الفائدة اليابانية منخفضة لتعزيز التضخم".
وأضاف في حديثه لـ"الاقتصادية"، أنه على الرغم من إنهاء اليابان في مارس الماضي، فترة ثمانية سنوات من أسعار الفائدة السلبية، وزادت من أسعار الفائدة قصيرة الاجل إلا أن الزيادة غير كافية، وتواصلت عمليات اقتراض الين بأسعار فائدة رخيصة لشراء الدولار الذي يحقق أسعار فائدة مرتفعة.
مع هذا يتساءل البعض، لماذا تجزع اليابان من انخفاض الين، رغم أنه يمثل فرصة جيدة لزيادة صادراتها وخفض الواردات ومن ثم تحقيق انتعاش في الميزان التجاري؟
من جانبها، ذكرت لـ"الاقتصادية" الدكتورة لورا فيليب أستاذة التجارة الدولية، أنه "بشكل عام يساعد الين الضعيف الشركات اليابانية الكبيرة في العمليات العالمية لأنه يزيد من قيمة الأرباح الخارجية المعادة، كما يعزز السياحة بتعزيز القوة الشرائية للسائح، لكن في اليابان حيث استيراد الطاقة والغذاء يحتل جزءا كبيرا من المشتريات الخارجية، فإن التكلفة سترتفع، ويؤثر ذلك في المستهلكين الذين لا تواكب رواتبهم الارتفاع في تكاليف المعيشة".
وتستدرك "الين الضعيف خاصة أمام الدولار يخلق مشاكل مع الولايات المتحدة في إطار المنافسة التجارية بين البلدين، وحذرت وزيرة الخزانة الامريكية جانيت يلين طوكيو، بأن أي تدخل من جانب اليابان لدعم الين سيكون مفهوما، إذ يهدف إلى تخفيف التقلبات وليس التأثير في مستوى سعر الصرف.